سلطات السويد تنهى الجدل حول اغتيال رئيس الوزراء الأسبق بعد 34 عاما
34 عاما كاملة، استغرقتهم السلطات السويدية، للكشف عن هوية القاتل المتورط فى اغتيال رئيس الوزراء الأسبق أولوف بالمه، وهو الحادث الذى يرجع تاريخه إلى فبراير 1986، ليفتح الباب أمام العديد من التكهنات، فى أحد أكثر الحوادث غموضا فى تاريخ السياسة الدولية.
ففى مؤتمر صحفى، عقد اليوم الأربعاء، كشف المدعى العام السويدى كريستر بيترسون أن القاتل يدعى ستيج إنجستروم ويعمل مصمما للجرافيك، مما يغلق القضية التي أزعجت السويديين على مدى عقود، موضحا أن القاتل توفى، وبالتالى فلا يمكن توجيه الاتهامات إليه.
الحادث يعود إلى فبراير 1986، عندما قرر بالمه اصطحاب زوجته وابنه إلى السينما، حيث كان القاتل بانتظاره فور خروجه، ليطلق عليه النار، ويرده قتيلا، ليدور الحديث منذ ذلك الحين حول تورط أجهزة استخباراتية فى الحادث.
المدعى العام السويدى يعلن فى مؤتمر صحفى هوية قاتل بالمه
من جانبها، ألقت الشرطة على شخص، متهمة إياه بالتورط فى الحادث، إلا أن القضاء برأه فيما بعد
من هو أولوف بالمه؟
بالمه من مواليد 1927، ويعد إبنا لأحد أبرز وأغنى العائلات فى السويد، حيث قام بدراسة القانون، وبعد تخرجه انتهج طريق السياسة عبر الترشح للبرلمان، فى عام 1958، وتبنى خطا اشتراكيا، ساهم فى بزوغ نجمه على الساحة السياسية فى بلاده، وذلك بالرغم من جذوره الأرستقراطية.
وتولى بالمه رئاسة الوزراء فى بلاده فى 1969، لأول مرة، حيث اتسمت حقبته بالتوتر الشديد فى العلاقة مع الولايات المتحدة، خاصة بعد انتقاداته الحادة لإدارة نيكسون فى عام 1972، على خلفية قصف العاصمة الفيتنامية هانوى. وكان كذلك أحد أشد المعارضين للفصل العنصرى فى جنوب إفريقيا، ومؤيدا للعقوبات على النظام الحاكم هناك فى ذلك الوقت.
الموقع الذى قتل فيه بالمه قبل 34 عام
ترك رئاسة الوزراء فى عام 1976، ولكنه تولى فترة جديدة فى عام 1982، حيث تبنى موقفا عدائيا ضد حزب العمال الكردستانى، معتبرا إياه منظمة إرهابية، ليستمر فى المنصب حتى اغتياله فى 1986.
يوم الاغتيال
أغتيل بالمه يوم 28 فبراير 1986، بعد خروجه من السينما بصحبة زوجته وابنه، حيث قالت التقارير أن طلقة استهدفته من الخلف من مسافة قريبة، لترده قتيلا فى الحال عن عمر 59 عام.
وبحسب شهود، فإن القاتل كان يرتدى سترة داكنة، حيث فر هاربا بمجرد إصابة رئيس الوزراء، لتصبح هويته لغزا محيرا حتى الإعلان الذى قدمه المدعى العام اليوم الأربعاء.
قضية اغتيال بالمه أثارت جدلا دوليا كبيرا
اعتقلت الشرطة شخصا مشتبه به بعد 17 يوم فقط من الحادث، إلا أن القضاء برأه وأطلق سراحه.
اتهامات
تبدو معضلة اغتيال بالمه، فى كونها تتجاوز النطاق التقليدى لجرائم الاغتيال، خاصة وأن سياسات الرجل ربما اتسمت بالعداء تجاه أكثر من طرف سواء فى الداخل أو الخارج.
موقف السويد من الولايات المتحدة، خاصة فيما يتعلق بحرب فيتنام، بالإضافة إلى توجهها الاشتراكى، وضع أجهزة الاستخبارات الأمريكية فى دائرة الشك، بينما موقفه المعادى لسياسات الفصل العنصرى فى جنوب إفريقيا دفع البعض إلى الحديث عن تورط جوهانسبرج فى القضية فى إطار رغبتهم فى إسكات الأصوات المنتقدة لها بالخارج.
الورود تكريما لرئيس الوزراء الأسبق فى مكان مقتله
وفى الداخل، فالموقف الذى تبناه الرجل تجاه حزب العمال الكردستانى، كان محلا للجدل، خاصة وأن الحركة، التى وضعتها حكومة السويد فى قائمة التنظيمات الإرهابية لديها، كان لها تواجد فى ستوكهولم، وهو ما دفع الشرطة السويدية إلى اقتحام مكتب تابع للحركة فى أعقاب الاغتيال، إلا أنهم لم يجدوا دليلا فى النهاية على تورطها.