“الحضرة”.. فن وطقس روحى دينى ظهر فى العصر الأيوبى لماذا يكرهه السلفيون؟
عاد السجال مجددا بين التيار السلفى والصوفية، وكان الجدل هذه المرة حول “الحضرة” بعدما وصفها القيادى السلفى ياسر برهامى بـ”البدعة” وورد سؤال إلى برهامى عبر موقع “صوت السلف” جاء فيه: ما رأى حضرتك فى الحضرة التى تفعلها الطرق الصوفية؟ وهل ذلك يسمى ذكرا؟، وأجاب برهامى قائلا : “الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛ فهذه الحضرات بدعة، وليست ذكرًا مشروعًا”.
ويرى أصحاب التيار السلفى، أن الحضرة “بدعة” مستندين لما قاله حذيفة بن اليمان: “كل عبادة لم يتعبدها أصحاب رسول الله فلا تعبدوها”.
تصريح برهامى، فتح باب من المناقشات، حيث رد شيخ عموم الطريقة الرفاعية طارق ياسين الرفاعى، قائلا” لا يوجد شئ فى الحضرة سوى ذكر الله والتسبيح بحمده والصلاة على الرسول الكريم والدعاء لله فهل هذا بدعة عند برهامى”.
والحضرة هى اسم يطلق على نوع من الذكر الجماعى تقوم به الطوائف الصوفية، وهى عبارة عن ترديد أوراد وأذكار وصلوات على النبى وآل بيته، وطلب للمدد منهم، كل على طريقته يرددها أتباع الصوفية فى حلقات دائرية، يقف بوسطها المداح وتعقد بمساجد الصوفية، ليلة الإثنين والخميس، من كل أسبوع.
وكلمـة “الحضرة” متأتية من الإنشاد والذكر أو الإنشاد بلسان الحال، لما له علاقة بالدين الإسلامى وكلام شيوخ التصوف، التى يتم الاعتماد فيها على قصائد فى مدح الرسول صلى الله عليه وسلم، والأذكار الصوفية التى تعتمد على أشعار البردة والقصائد الحلبية وقصائد المولد النبوى الشريف والبعض من الأزجال والأشعار المحلية ذات الطابع الدينى التى تتبرك بالصالحين من الأولياء والشرفاء فى تناسق مع إيقاعات مميزة.
وبحسب دراسة بعنوان “الإنشاد الطرقى الصوفى” فإن بداية الحضرة كانت مع الظهور الحقيقى لحلقات الذكر ومجالس الإنشاد الصوفى، وكان ذلك فى عصر السلطان صلاح الدين الأيوبى الذى يعزى إليه بعث أول خانقاه (زاوية)، وكانت تعرف بدويرة الصوفية بالقاهرة يقصدها الصوفية الوافدون إلى مصر وأجرى عليها أوقافا سنة 569هـ/1173م، وهى تعد أول خانقاه أسست بمصر ولُقّب شيخ هذه الزاوية بشيخ الشيوخ، وقد انتشر فى الآن نفسه بمختلف أقطار العالم العربى الاسلامي، ولا سيما ببلاد الشام والعراق وشمال إفريقيا، أمر الزوايا والطرق الصوفية والرباطات التى تأوى الزهاد والعباد وكل من آثر حياة التروحن والتأمل.
وهناك من يعتقد أنها قدمها من بدايات التصوف فى الكوفة بالعراق خلال القرن الثالث الهجري، وهى الدعوة التى تلقفتها بقية الدول العربية، إلى أن صارت بشكلها الحالى فى شجرة الطرق الصوفية التى تمتد جذورها إلى بلدان العالم.
أما عن تطورها فيرجح البعض أن ظهور الحضرة بشكلها الحالى، بظهور الغناء الصوفى، والذى بدأ يمارس منذ القرن الثالث عشر للميلاد عبر الإنشاد الصوفى الدينى فى عهد السلطان بهاء الدين محمد ولد الذى هو الابن البكر لجلال الدين الرومي، ومع ان الإنشاد التقليدى ما زال سائداً، إلا أن العديد من الفنانين يغنون الشعر الصوفى اليوم على أنغام موسيقى حديثة، أحياناً قد لا تمت بصلة للإنشاد التقليدي، فالسماع الشائع فى أوساط الطريقة الصوفية المولوية الذى هو الإنشاد الدينى التقليدى المرفق بذكر اسم الله والالتفاف حول النفس، أما اليوم فيتم دمج الموسيقى الإلكترونية أو الجاز مع الشعر الصوفيّ.