الأدب
هل تحولت النبوة من سيدنا موسى لــ يوشع بن نون؟.. ماذا يقول التراث الإسلامى؟
يعد يوشع بن نون واحدا من أشهر الشخصيات فى التراث الدينى، فقد ورد فى التوراة، وذهب البعض إلى أن “النبوة” قد تحولت إليه من سيدنا موسى، فى نهايات عمر النبى موسى عليه السلام.. فما الذى يقوله التراث الإسلامى فى ذلك؟
يقول كتاب البداية والنهاية تحت عنوان “ذكر نبوة يوشع وقيامه بأعباء بنى إسرائيل بعد موسى وهارون عليهما السلام”.
هو يوشع بن نون بن أفراثيم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل عليهم السلام، وأهل الكتاب يقولون يوشع بن عم هود.
وقد ذكره الله تعالى فى القرآن غير مصرح باسمه فى قصة الخضر، كما تقدم من قوله: “وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ” [الكهف: 60] { فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ } [الكهف: 62]
وقدمنا ما ثبت فى الصحيح من رواية أبى بن كعب رضى الله عنه، عن النبى ﷺ من أنه يوشع بن نون، وهو متفق على نبوته عند أهل الكتاب، فإن طائفة منهم وهم السامرة لا يقرون بنبوة أحد بعد موسى إلا يوشع بن نون، لأنه مصرح به فى التوراة، ويكفرون بما وراءه وهو الحق مصدقًا لما معهم من ربهم، فعليهم لعائن الله المتتابعة إلى يوم القيامة.
وأما ما حكاه ابن جرير وغيره من المفسرين، عن محمد بن إسحاق: من أن النبوة حولت من موسى، إلى يوشع فى آخر عمر موسى، فكان موسى يلقى يوشع فيسأله ما أحدث الله إليه من الأوامر والنواهي، حتى قال له: يا كليم الله، إنى كنت لا أسألك عما يوحى الله إليك حتى تخبرنى أنت، ابتداء من تلقاء نفسك، فعند ذلك كره موسى الحياة وأحب الموت.
ففى هذا نظر، لأن موسى عليه السلام لم يزل الأمر والوحى والتشريع والكلام من الله إليه من جميع أحواله حتى توفاه الله عز وجل، ولم يزل معززًا مكرمًا مدللًا وجيها عند الله، كما قدمنا فى الصحيح من قصة فقئه عين ملك الموت، ثم بعثه الله إليه إن كان يريد الحياة، فليضع يده على جلد ثور، فله بكل شعرة وارت يده سنة يعيشها، قال: ثم ماذا؟ قال: الموت. قال: فالآن يا رب، وسأل الله أن يدنيه إلى بيت المقدس رمية بحجر، وقد أجيب إلى ذلك صلوات الله وسلامه عليه.
فهذا الذى ذكره محمد بن إسحاق إن كان، إنما يقوله من كتب أهل الكتاب، ففى كتابهم الذى يسمونه التوراة: أن الوحى لم يزل ينزل على موسى فى كل حين يحتاجون إليه، إلى آخر مدة موسى، كما هو المعلوم من سياق كتابهم عند تابوت الشهادة فى قبة الزمان.
وقد ذكروا فى السفر الثالث أن الله أمر موسى وهارون أن يعدا بنى إسرائيل على أسباطهم، وأن يجعلا على كل سبط من الاثنى عشر أميرًا، وهو النقيب. وماذاك إلا ليتأهبوا للقتال – قتال الجبارين عند الخروج من التيه –
وكان هذا عند اقتراب انقضاء الأربعين سنة، ولهذا قال بعضهم: إنما فقأ موسى عليه السلام عين ملك الموت لأنه لم يعرفه فى صورته تلك، ولأنه كان قد أمر بأمر كان يرتجى وقوعه فى زمانه، ولم يكن فى قدر الله أن يقع ذلك فى زمانه، بل فى زمان فتاه يوشع بن نون عليه السلام.