الأدب

ما علاقة شجرة الخروب بـ موت سيدنا سليمان؟.. ما يقوله التراث الإسلامى

وصلت قصة سيدنا سليمان عليه السلام إلى نهايتها، وقد أشار القرآن الكريم بصورة مباشرة إلى موت سليمان، وكيف أنه مات والجن لم تعرف عن موته شيئا حتى تهالكت العصا التى كان يعتمد عليها، لكن هذه العصا من شجرة كانت، وما الذى يقوله االتراث الإسلامى فى ذلك؟

قال كتاب البداية والنهاية تحت عنوان “ذكر وفاته وكم كانت مدة ملكه وحياته”

قال الله تبارك وتعالى: “فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِى الْعَذَابِ الْمُهِينِ” سبأ: 14.

روى ابن جرير، وابن أبى حاتم، وغيرهما من حديث إبراهيم بن طهمان، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن النبى ﷺ قال:
” كان سليمان نبى الله عليه السلام إذا صلى رأى شجرة نابتة بين يديه، فيقول لها ما اسمك؟
فتقول: كذا.
فيقول: لأى شيء أنت؟
فإن كانت لغرس غرست، وإن كانت لدواء أنبتت، فبينما هو يصلى ذات يوم إذ رأى شجرة بين يديه.
فقال لها: ما اسمك؟
قالت: الخروب.
قال: لأى شيء أنت؟
قالت: لخراب هذا البيت.
فقال سليمان: اللهم عم على الجن موتى حتى تعلم الإنس أن الجن لا يعلمون الغيب، فنحتها عصا فتوكأ عليها حولا، والجن تعمل فأكلتها الأرضة، فتبينت الإنس أن الجن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا حولا فى العذاب المهين، – قال وكان ابن عباس يقرؤها كذلك-.
قال: فشكرت الجن للأرضة فكانت تأتيها بالماء “.
لفظ ابن جرير.
وعطاء الخراسانى فى حديثه نكارة.
وقد رواه الحافظ ابن عساكر من طريق سلمة بن كهيل، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس موقوفا، وهو أشبه بالصواب، والله أعلم.
ما علاقة شجرة الخروب بـ موت سيدنا سليمان؟.. ما يقوله التراث الإسلامى
 
وقال السدى فى خبر ذكره عن أبى مالك، وعن أبى صالح، عن ابن عباس، وعن مرة، عن ابن مسعود، وعن أناس من الصحابة:
كان سليمان عليه السلام يتجرد فى بيت المقدس السنة والسنتين، والشهر والشهرين، وأقل من ذلك وأكثر، يدخل طعامه وشرابه، فأدخله فى المرة التى توفى فيها، فكان بدء ذلك أنه لم يكن يوم يصبح فيه، إلا نبتت فى بيت المقدس شجرة، فيأتيها فيسألها ما اسمك؟
فتقول الشجرة: اسمى كذا وكذا.
فيقول لها: لأى شيء نبت؟
فتقول: نبت لكذا وكذا فيأمر بها فتقطع، فإن كانت لغرس غرسها، وإن كانت نبتت دواء قالت نبت دواء لكذا وكذا، فيجعلها كذلك.
حتى نبتت شجرة يقال لها: الخروبة فسألها: ما اسمك؟
فقالت: أنا الخروبة.
فقال: ولأى شيء نبت؟
فقالت: نبت لخراب هذا المسجد.
فقال سليمان: ما كان الله ليخربه وأنا حي، أنت التى على وجهك هلاكي، وخراب بيت المقدس، فنزعها وغرسها فى حائط له، ثم دخل المحراب فقام يصلى متكئا على عصاه فمات، ولم تعلم به الشياطين وهم فى ذلك يعملون له، يخافون أن يخرج فيعاقبهم.
وكانت الشياطين تجتمع حول المحراب، وكان المحراب له كوى بين يديه وخلفه، فكان الشيطان الذى يريد أن يخلع يقول الست جليدا إن دخلت فخرجت من ذلك الجانب، فيدخل حتى يخرج من الجانب الآخر.
فدخل شيطان من أولئك فمر، ولم يكن شيطان ينظر إلى سليمان عليه السلام وهو فى المحراب إلا احترق، ولم يسمع صوت سليمان، ثم رجع فلم يسمع.
ثم رجع فوقع فى البيت ولم يحترق، ونظر إلى سليمان عليه السلام قد سقط ميتا، فخرج فأخبر الناس أن سليمان قد مات، ففتحوا عنه فأخرجوه ووجدوا منسأته – وهى العصا بلسان الحبشة – قد أكلتها الأرضة، ولم يعلموا منذ كم مات، فوضعوا الأرضة على العصا، فأكلت منها يوما وليلة، ثم حسبوا على ذلك النحو، فوجدوه قد مات منذ سنة.
وهى قراءة ابن مسعود فمكثوا يدأبون له من بعد موته حولا كاملا، فأيقن الناس عند ذلك أن الجن كانوا يكذبون، ولو أنهم علموا الغيب لعلموا بموت سليمان، ولم يلبثوا فى العذاب سنة يعملون له، وذلك قول الله عز وجل: { مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِى الْعَذَابِ الْمُهِينِ } .
يقول: تبين أمرهم للناس أنهم كانوا يكذبونهم، ثم إن الشياطين قالوا للأرضة: لو كنت تأكلين الطعام لأتيناك بأطيب الطعام، ولو كنت تشربين الشراب سقيناك أطيب الشراب، ولكنا سننقل إليك الماء والطين، قال فإنهم ينقلون إليها ذلك حيث كانت، قال: ألم تر إلى الطين الذى يكون فى جوف الخشب، فهو ما يأتيها بها الشيطان تشكرا لها، وهذا فيه من الإسرائيليات التى لا تصدق ولا تكذب.
وقال أبو داود فى كتاب القدر: حدثنا عثمان بن أبى شيبة، حدثنا قبيصة، حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن خيثمة قال: قال سليمان بن داود عليهما السلام لملك الموت: إذا أردت أن تقبض روحى فأعلمني، قال: ما أنا أعلم بذاك منك، إنما هى كتب يلقى إلى فيها تسمية من يموت.
وقال أصبغ بن الفرج، وعبد الله بن وهب، عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال: قال سليمان لملك الموت: إذا أمرت بى فأعلمني، فأتاه فقال: يا سليمان قد أمرت بك، قد بقيت لك سويعة، فدعا الشياطين فبنوا عليه صرحا من قوارير، ليس له باب، فقام يصلى فاتكأ على عصاه، قال: فدخل عليه ملك الموت فقبض روحه وهو متوك على عصاه، ولم يصنع ذلك فرارا من ملك الموت.
قال: والجن تعمل بين يديه، وينظرون إليه يحسبون أنه حي، قال: فبعث الله دابة الأرض – يعنى – إلى منسأته فأكلتها، حتى إذا أكلت جوف العصا ضعفت وثقل عليها فخر، فلما رأت الجن ذلك انفضوا وذهبوا، قال فذلك قوله: { مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِى الْعَذَابِ الْمُهِينِ }
قال أصبغ، وبلغنى عن غيره: أنها مكثت سنة تأكل فى منسأته حتى خرَّ. وقد روى نحو هذا عن جماعة من السلف وغيرهم، والله أعلم.
قال إسحاق بن بشر، عن محمد بن إسحاق، عن الزهري، وغيره: أن سليمان عليه السلام عاش ثنتين وخمسين سنة، وكان ملكه أربعين سنة.
 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *