الصحة
الدكتور هاني إبراهيم راجي يكشف أنواع التدخين وأضراره.. والعلاقة بين المدخنين والإصابة بكورونا
حرص “اليوم السابع” على محاورة الدكتور هاني إبراهيم راجي لتسليط أضواء على أضرار التدخين على القلب، وإذا كان المدخنون أكثر عرضة للإصابة بفيروس كورونا، وما هي طرق الإقلاع عن التدخين.
كثير من الأشخاص يدخنون سيجارة أو اثنين يوميًا فهل هناك مستوى آمن للتدخين؟
لا يوجد مستوى آمن للتدخين، وهذا ما أثبتته العديد من الدراسات، ومنها دراسة بريطانية حديثة أكدت ان المدخن إذا دخن 20 سيجارة يكون 40% من الضرر بأول سيجارة تم تدخينها، وإذا دخن سيجارة واحدة يوميا بحجة أنه ليس مدخنًا شرها فهذا يعزز احتمالية إصابته بنفس أمراض المدخن الشره.
ما رأيك في طرق التدخين الحديثة مثل السجائر الإلكترونية التي تعتمد على تسخين السائل الخاص بها وتدخين بخار الزيت وتسخين التبغ؟
هناك بعض الدول التى منعت التدخين في الأماكن العامة والإعلام، وهو الامر الذى دفع القائمين على صناعات التبغ ومشتقاته وكل ما يتعلق بأنواع التدخين للتفكير فى انواع جديدة للتدخين بأساليب جديدة وادوات جديدة، فانتشرت انواع جديدة للتدخين سميت بالتدخين الاليكترونى، ومنه ما يتم عن طريق تسخين التبغ وآخر عن طريق تدخين بخار الزيت المعروفة بالسجائر الالكترونية، وتمت الدعاية لها على اساس انها اقل ضررا من التدخين المعتاد وهذه “كلمة حق يراد بها باطل” فهي فعلا اقل ضررا من التدخين المعتاد ولكن المقصود منها جذب قاعدة مدخنين جدد غير المدخنين للسجائر العادية وتم التركيز على المراهقين لجذبهم للتدخين ولكن تم التنبه لهذا الأمر، ومكافحتها ومواجهتها فى جميع انحاء العالم، وذلك لما تحتويه المواد المستخدمة فى اساليب التدخين الجديدة من مواد مسرطنة، تسبب نفس امراض السجائر ولكن إذا استخدمت بغرض تقليل التدخين تدريجيًا وأن المدخن يتخذها وسيلة في طريق للامتناع عن التدخين فهذا امر مقبول، مع التأكيد على أنه لا مجال للسجائر الالكترونية خارج هذا الاستخدام.
ما هو التدخين السلبي؟ وما هو تأثيره على غير المدخن؟
التدخين السلبى هو مخالطة غير المدخن للمدخنين، وبالتالى يقوم باستنشاق دخان السجائر بكل ما يحتويه، ومن اخطر انواع التدخين السلبي هو التدخين في وجود الاطفال لأنه يزيد من احتمالية اصابتهم بأمراض القلب وسرطان الرئة والربو وحساسية الصدر تمامًا كالشخص المدخن مع وجود احتمالات حدوث مشاكل صحية في المستقبل، خاصة اذا كان لدى الطفل ابوين مدخنين، وهناك العديد من الدول التى تمنع التدخين في اماكن العمل ووسائل المواصلات والاماكن العامة ويصل الامر لاعتباره جريمة فى حق غير المدخنين، خاصة الاطفال وكبار السن ممن يعانون مشاكل صحية تتعلق بأمراض القلب والصدر، لذلك نجد ان هناك اتجاه عالمى لتشريع يحمى غير المدخنين مما قد يتعرضون له من اضرار بالغة نتيجة مخالطتهم للمدخنين فى الاماكن المحظور التدخين بها.
ما تأثير التدخين على الرياضيين؟ وهل يؤثر التدخين على النظم الغذائية الصحية المتبعة وتقلل من فائدتها بالنسبة لهم؟
التدخين ضار جدا للرياضيين لأنه يقلل من ادائهم بشكل ملحوظ بسبب قلة نسبة الاكسجين بالدم وهناك اعتقاد بأن الرياضة تقلل من امراض التدخين وهذا اعتقاد خاطئ و احتمالية اصابة المدخن الرياضي بأمراض التدخين هي نفس احتمالية اصابة الشخص غير الرياضي بنفس الامراض،اما بالنسبة للأنظمة الغذائية فبكل تأكيد يؤثر التدخين على حاسة التذوق ويقلل الشهية وينقص الوزن بشكل غير صحي وهذه حجة اخرى لبعض المدخنين بأن التدخين ينقص لهم الوزن فنقصان الوزن في هذه الحالة شئ غير مستحب وغير صحي بالمرة، ويجب على المقلعين عن التدخين اتباع نظام غذائي لأن في حالة الاقلاع عن التدخين تصبح الشهية للطعام اكثر ويصبح اكتساب الوزن شئ سهل مما يستوجب الحرص على اتخاذ نظام عذائي صحي يفيد الجسم.
هل من الممكن أن يصبح الاقلاع المبكر عن التدخين كأن الشخص لم يدخن من قبل أم هناك أجهزة يتم الاستعانة بها بعد الإقلاع ؟ و ما هي المدة المحددة لتعافي الاجهزة التنفسية والمناعية التوقف؟
الإقلاع عن التدخين بعد فترة قصيرة من بدايته من الممكن ان يجعل الشخص كأنه لم يدخن من قبل ولكن الذين يدخنون بشراهة وبشكل مستمر لسنوات يستغرقون وقتًا طويلا لتعافيهم تمامًا من آثار التدخين، وعلميا تختلف فترات التعافي من شخص لأخر، فعلى سبيل المثال تتحسن الدورة الدموية بعد ساعتين من الاقلاع عن التدخين وذلك بعد تجارب تم اجراءها على مدخنين، وتم قياس تدفق الدم في شرايينهم بعد التدخين مباشرة ووجدنا مشاكل في تدفق الدم لما يسببه التدخين من ضيق بالشرايين وقمنا بقياس تدفق الدم بالشرايين مرة اخرى بعد ساعتين بدون تدخين وجدنا ان تدفق الدم يعمل بصورة مثالية وجيدة وهذه اول فوائد الاقلاع عن التدخين، ويوجد امراض مثل امراض القلب وتكون فرصة اصابة المدخن بها مثل غير المدخن في حالة الاقلاع عن التدخين لمدة 10 سنوات، وأمراض مثل امراض سرطان الرئة فمن المستحيل وصول المدخن لنسبة عدم اصابته بها مثل غير المدخن ولكن تقل احتمالية الاصابة بها بداية من سنة بعد الاقلاع عن التدخين وهي فائدة عظيمة جدا، واحتمالية حدوث ازمات قلبية تقل بنسبة 50% بعد اول سنة من الاقلاع عن التدخين وتصل احتمالية الاصابة الى صفر % بعد 10 الى 15 سنه من الاقلاع عن التدخين.
لماذا لا تُعَد السجائر الإلكترونية خياراً “أكثر أماناً” فيما يتعلق بجائحة كوفيد-19؟
السجائر الالكترونية كما ذكرنا تسبب نفس امراض السجائر العادية ومن اشد اضرارها الالتهاب الرئوي الحاد وتم وضع العديد من المراهقين على اجهرة التنفس الصناعي بسبب تعرضهم للإلتهاب الرئوي وهذه الحالات قبل جائحة كوفيد-19، فكيف الوضع حال استخدامها في الجائحة الاكثر انتشارًا في التاريخ والاكثر فتكًا بالجهاز التنفسي، فجميع أنواع التدخين خطيره جدًا في ظل وجود كوفيد-19 لأن التدخين يجعل للفيروس طريقًا سهلًا لدخول الرئتين ومن ثم تدميرها، والآن الوقت المناسب للإقلاع عن التدخين بشكل قطعي.
ما الروابط المحتمَلة بين التدخين وجائحة كوفيد-19؟
اثبتت دراسات منظمة الصحة العالمية في البلاد التي انتشر بها فيروس كورونا بشكل كثيف بأن الفيروس يهاجم الرئتين بشكل مباشر وأضرار الفيروس تؤدي احيانًا الى الوفاة فمن الطبيعي أن يشكل خطورة بشكل أكبر على المدخنين والوصول الى درجة الوفاة لأن رئة المدخنين لا تعمل بكامل كافئتها على عكس غير المدخنين الذين لهم فرصة اكبر في تخطي عقبة العدوى بكوفيد-19.. وللأسف في بداية انتشار فيروس كورونا أنتشرت شائعات تحث الناس على التدخين لأنه يقلل من خطورة الاصابة بفيروس كورونا وهذا ما أخذته شركات التبغ وبدأت فى الترويج لمنتجاتها ولكن جاءت منظمة الصحة العالمية بتكذيب هذه الادعاءات لأن الدراسات والابحاث تشير الى ان فيروس كورونا اخطر على المدخنين.
لماذا يُعدُّ الوقت الحالي هو الوقت المناسب للإقلاع عن التدخين؟ وكيف يمكن الاقلاع عن التدخين؟
الوقت الحالي هو الوقت ممتاز جدًا للإقلاع عن التدخين وذلك بسبب انتشار جائحة كوفيد-19 وما ترتب عليها من تقليص ساعات تواجدنا في العمل او العمل من المنزل وذلك يجعلنا خارج الضغوط الشديدة التي نتعرض لها يوميًا، والابتعاد عن الضغوط حل للإقلاع عن التدخين بسبب ضغوط العمل المستمرة، ومن الناحية المالية اصبحت السجائر مكلفة جدًا على المدخنين فيجب عدم اهدار الاموال في هذا الاتجاه، وأدعوا جميع المدخنين لممارسة الرياضة في الهواء الطلق في فترة الحظر الحالية واستنشاق هواء نظيف بدلًا من دخان السجائر وتحدي انفسهم في تحمل اول ثلاثة ايام بدون تدخين واستغلال هذا الظرف لأن هذه فرصة ولن يتم تعويضها.
وبالنسبة لطرق الاقلاع عن التدخين فهناك الطريقة الاكثر شهرة وهي الطريقة التي تعتمد على قوة الارادة واتخاذ القرار وتنفيذه بشكل فوري وعدم التدخين بشكل قطعي، لأن التدخين فعل ارادي و السجائر لا تطلب من المدخن ان يدخنها وبقوة الارادة يستطيع الانسان الاقلاع عنها، ويجب ان يسأل نفسه “ماذا سيحدث إذا اقلعت عن التدخين؟” فلن يصيبه اي ضرر بل بالعكس ستتحسن حياته الصحية اكثر، ومن أشهر طرق الاقلاع عن التدخين إذا كان المدخن مدمن نيكوتين بشكل ضرورى فمن الممكن استخدام بدائل النيكوتين مثل لاصق يتم وضعه على الجسم يخرج مادة النيكوتين فيلبى حاجته لها بدون تدخين، أو مضغ “لبان النيكوتين”، كما يوجد بعض الادوية التي يتناولها المدخن عند اقلاعه عن التدخين وهي أدوية تعمل بدورها على تعطيل مراكز المخ التي تجعل الانسان يشعر بالسعادة عند وصول كميات نيكوتين معينة للمخ وتساعد الجسم على عدم تقبل التدخين وهي الطريقة الاكثر فاعلية للإقلاع عن التدخين، ويوجد ايضا مراكز للدعم النفسي والعلاج النفسي للمقلعين عن التدخين ومحاضرات مع مدخنين سابقين لتشجيع الحاليين على تخطي هذه العقبة.. وهناك أمر يجب تحذير المقلعين منه وهو من السهل حدوث “انتكاسة” للمقلع عن التدخين بسبب تدخين سيجارة واحدة بحجة انها لن تؤثر فتحدث هذه الانتكاسة ويعود للتدخين مرة اخرى، لذلك يجب عدم التهاون في تدخين سيجاره واحدة بعد الاقلاع عن التدخين مدى الحياة ، واللذين يحدث لهم ذلك يجب أن يتعلموا من هذا الدرس في محاولاتهم التاليه للإقلاع.
خطورة المقولات الشهيرة (أنا مش بشرب كتير – أنا اقدر على الاقلاع عن التدخين في اي وقت ولكني احب التدخين – أنا مش باخد الدخان على صدري – أنا بشرب نوع خفيف) وما رأيك بهذه المقولات؟
هذه مقولات رنانة بين المدخنين ومن أخطرها مقولة (أنا اقدر على الاقلاع عن التدخين في اي وقت ولكني احب التدخين) وهذه مقولة غير صحيحة لأن لايوجد مدخن يحب شئ يقتله و يسبب له سرطان الرئة وسرطان المسالك البولية وكما نعلم أن مدمني الكحوليات والتدخين والمخدرات يقولون نفس الجملة ولكن في الواقع ان هذا الادمان يسيطر على مراكز المخ ليشعره بالسعادة بعد تناولها وواقعيًا لا يستطيع الاقلاع عنها، ولا يستطيع ان يقلع عن التدخين عندما يريد ذلك لأنه مدمن ومسلوب الارادة وبالرغم من حملات التوعية على اغلفة السجائر والتحذير بـ “أنها تضر بالصحة وتسبب الوفاة” فهو يذهب بنفسه ليشتريها ، فلو وجدنا في متجر تنويه على منتج عذائي بأنه سام وسيقتلنا على المدى البعيد ،فهل سنشتري هذا المنتج؟؟ بالقطع لا … ولكن المدمن يذهب برغم كل هذا ليشتري السجائر بنفسه، وجميع من نجحوا في الاقلاع اعترفوا انهم كانوا يكرهون التدخين.
وعند ذكر مقولة (انا مش باخدها على صدري) فأثبتت الدراسات أن مجرد التدخين فقط ونفخ الدخان مرة اخرى يسبب الضرر للرئتين بطريقة كافية لللإصابة بسرطان الرئة.
وتعليقي على مقولة (أنا بشرب نوع خفيف) لم تثبت الدراسات العلمية أن الانواع الاخف في (القطران و النيكوتين) تكون اقل ضررًا بالجهاز التنفسي والقلب، حتى لو كان الشخص يدخن سجارة واحدة يوميا من نوع خفيف فهي في منتهى الخطورة.
وأحب أن اضيف مقولتين “اعرف ناس بتدخن وعمرهم 95 سنه وبدون أمراض” و “اعرف ناس مش بتدخن وأصيبوا بسرطان الرئة”:
كل هذا حقيقي ولكن هذه احصائيات نادرة جدًا في حدوثها والطبيعي عكس ذلك، حيث أن التدخين هو السبب في 90% من حالات سرطان الرئة في العالم، لأن اصابات غير المدخنين بسرطان الرئة قليلة جدا بسبب بعض الجينات وهو امر غير معتاد، وهناك بعض قصص المدخنين الذين خدمتهم الطبيعة ولم يصابوا بأمراض مميته بسبب التدخين وهي حالات نادرة جدًا ومنها على سبيل المثال ونستون تشرشل رئيس وزراء بريطانيا اثناء الحرب العالمية الثانية الذي كان يدخن السجائر بشراهة ويشرب الكحوليات ومع ذلك مات عن عمر يناهز الـ 90 عام.