كورونا تغتال أحلام مصريات هربن من الفقر للغربة (شهادات حية)
كانت رحلتنا أشبه برحلات الفارين من الحرب، أو رحلات الهجرة غير الشرعية مسرعين باتجاه المطار وخلفنا العديد من الأحلام التى نسجها خيالنا، تقبلنا الغربة والابتعاد عن الأهل والأبناء ودفء العزوة آملين فى مستقبل أفضل، لكننا، ولأسباب مختلفة، ما بين «التفنيش» أو الاستقالة والعودة لظروف خاصة، أو لعدم توافر العمل، أو للخوف، كل من على الطائرة كان يحمل حكاية مختلفة يشترك فيها فقط الدراما.
لكن أكثر الحكايات التى علقت فى ذهنى كانت لنسوة مصريات يعملن فى مهن مختلفة ما بين عاملات فى مطاعم أو مدرسة أو ممرضة، ظنن أن الحياة ابتسمت لهن أخيرًا أخذن المغامرة أنفقن جزءا كبيرا من مدخراتهن ليسافرن، لكن سوء الحظ لعب دوره ببراعة فى إنهاء أحلامهن ليعدن من جديد محملات بآثار نفسية سيئة لن يتجاوزنها بسهولة، الخوف من الغربة والمرض والأوضاع الاقتصادية التى تزداد سوءًا يومًا بعد يوم.
■ أحلام رضوى وأميرة.. التى أجهضتها الكورونا
غرفة ضيقة بمرتبتين لا طعام سوى ما يجود به أبناء الجالية المصرية فى سلطنة عمان، لا نستطيع العودة إلى بلادنا.. واليوم نؤمن تمامًا بأن من مثلنا لا حق لهن فى الحلم طالما أن العدو الأول لنا هو الحياة التى تضن علينا براحة البال، قالت رضوى هذه الكلمات بحسرة إلى أميرة.
الثانية عشرة مساء رن هاتفى لم أعتد أن يتصل أحد بى فى هذه البلاد، بما فى ذلك أصدقائى فى العمل، نكتفى برسائل على فيس بوك أو واتس آب، فى بادئ الأمر لم أجب على الاتصال الأول، وفى المرة الثانية أجبت: «أنا رضوى: قالت صحفى فى مصر أعطانا رقمك لنتواصل معك بخصوص مشكلتنا».
قبل شهرين من ذلك التاريخ كانت رضوى وأميرة فى محافظتيهما «الشرقية والإسكندرية» على الترتيب لهما سابقة للسفر فى دبى عام 2016 للعمل فى أحد الفنادق لكنهما عادتا إلى مصر بعد أشهر قليلة، ثم تكرر الأمر إلى أن استقرت كلتاهما فى محافظتيهما.
قالت رضوى إنها تزوجت فرفضت السفر، بينما عادت أميرة إلى دبى لأنها لم تكن قادرة على الحياة فى الإسكندرية، بعد وفاة والدتها تزوجت عرفيا من مهندس مصرى مقيم هناك لكنهما انفصلا بعد فترة وعادت إلى الإسكندرية من جديد.
غابت الاتصالات بين الاثنتين على إثر خلاف قديم. قبل أن تجمعهما رسائل «فيس بوك» مرة أخرى، تواصلت رضوى مع أميرة شكت لها الحال، فى نهاية حوارهما اتفقتا على تكرار تجربة السفر من جديد ولكلتيهما حكاية مأساوية.
بعد عودة رضوى إلى محافظة الشرقية تعرفت على رجل يعمل سباكا، ارتضت أن تكون الزوجة الثانية، أنجبت ولدا وعانت كثيرًا من الإهانات والتعنيف والاضطهاد كزوجة ثانية، 3 سنوات كانت كافية لتطلب فيها الطلاق غضبت لكن لم يكن لها بيت تذهب إليه وهو ما اضطرها للبقاء فى بيت زوجها، أما أميرة فبعد وفاة أمها لم يعد هناك معنى لبقائها فى مصر أو هكذا تصورت، فاتفقت كلتاهما على تجربة السفر إلى سلطنة عمان.