أخبار مصر

سيناء الصامدة.. وفود سيناء

تحمل ذاكرتى صور كثيرة ومواقف عظيمة لسنوات المعاناة التى عاشها اهلنا وكيف أداروا شئون حياتهم خلال سنوات الإحتلال المريرة التى عاشتها أرض سيناء منذ نكسة يونية 1967وحتى إشراقات فجر التحرير وعودة سيناء فى ابريل1982، هذه الصور المتعددة احتفظ منها بكم كل مشهد منها يحمل ذكرى جميلة فى قلبى فهذه الصورة ذكرتنى بذلك المصطلح الذى صنعه أهلنا والذى كان يعرف بعنوان (وفود سيناء) وهو يترجم مفهوم عملى للتواصل بين سيناء الواقعة تحت قبضة الإحتلال ومحاولات أهلها لخلق قنوات للتواصل والوصول لقلب الوطن فكانت فكرة تنظيم الزيارات من خلال شكيل وفد من ابناءسيناء لزيارة القاهرة خلال فترة الاحتلال هذه الذكريات شرفنى توثيقها فى كتابى ذاكرة سيناء حيث احببت ان انوه إليها لانها تحمل معنى عظيم وتاريخ طويل سجله اهلنا بأحرف من نور على ثرى أرضنا المقدسة ، وتحت عنوان وفود سيناء ، كانت لى هذه الكلمات ،
لقد عاش اهلنا سنوات الإحتلال الكئيبة وكان لديهم اليقين الثابت والإيمان الغميق بأن النصر أت وأن غدا لناظره قريب ، فقد كان اهلنا صامدون رابطى الجأش يساعدون بعضهم البعض على التماسك والتأزر ويستثمرون المناسبات لفتح قنوات من التواصل مع القاهرة تحت مظلة التواصل مع المنظمة الدولية للصليب الأحمر وكانوا يبادرون بتشكيل الوفود لطلب الزيارة للقاهرة حيث تم تنظيم عدة وفود تحت مسميات مختلفة ومن أهمها :
1-وفد العزاء فى الرئيس عبد الناصر عام 1971م ،
2- وفد لتأييد السادات اوائل عام 1973،
3-كما تم تشكيل وفد استثنائى عام 1975م ، بحجة الحج ،
4-كما تم تشكيل وفد الخاص بتأييد اتفاقية كامب ديفيد عام 1978م ، والإستعداد لمرحلة الإنسحاب حتى خط العريش رأس محمد فى عام 1979م .
5- هذا الى جانب أنه فى عام 1977م وقبل زيارة الرئيس السادات للقدس تشكل وفد شكل للسفر لمقابلة الرئيس السادات ولكن سلطات الأحتلال الإسرائيلى منعتة عند منطقة الفصل حيث كانت متواجدة نقطة التبادل بين الجانب المصرى والعدو بوجود هيئة الصليب الأحمر الدولى ، الوفد كان لتأييد الرئيس السادات بعد زيارته للقدس ، وكان فى اواخر هذا العام اذكر انه كان فى شهر ديسمبر تقر يبا ، هذا الى جانب أجتهادات كثيرة لتنظيم وفود كانت تقابل بالرفض من قبل إدارة سلطات الإحتلال ومن خلال المعلومات التى لدى أن هذه الوفود كانت تحمل مهام ورسائل الى القيادة المصرية ، وبالتنسيق مع الأباء المؤسسين لمنظمة سيناء ومع التواصل مع ادارة المخابرات الحربية المصرية وكانت تقدم مقترحات ورؤى واهداف كثير ة من قبل الجانبين كان الهدف المعلن هو التعزية أوالتهنئة أوالتأييد ، وتحت هذه المطالبات التي كانت تتم من كبار رجال سيناء ومن مدينة العريش من خلال قنوات الإتصال الدولى “الصليب الأحمر” كحق مدنى لسكان المناطق المحتلة والذي أقرته بنود ميثاق الأمم المتحدة لحقوق الإنسان وكانت هذه الزيارات يتم التنسيق لها بشكل غير معلن بين أجهزة المخابرات ورجالها المتواصلين مع منظمة سيناء ،،،
حيث كان الوفد يصل بشكل عادى جدا عن طريق رحلات الصليب الأحمر ويتم استقباله من الأهل ، المتواجدين في القاهرة ، أما الإتصالات الرسمية فكانت تتم عن طريق جهاز الخدمة السرية والتنسيق مع جهاز المخابرات ، كانت مقابلة السيد الرئيس شيء غير صعب وإستقباله لأهالى سيناء فى كل زيارة لهم تقابل بكل حب وترحيب ، فهم لم يكونوا غرباء عن الرئيس السادات فقد عاش معهم مدة طويلة أثناء فترة خدمته وإقامتة بمدينة العريش فى اوائل الخمسينات ،
أتذكر وكما كنت اعلم من والدى أنه كان لهذه الزيارات مهام وأهداف ونتائج إيحابية للغاية فبالإضافة الى الدعم النفسى والمعنوى ، كان هناك نتائج اخرى هامة منها على سبيل المثال كانت مطالب اول وفد والذى شكل لتقديم العزاء فى الرئيس عبد الناصر عام 1971م ، موضوع عودة الدراسة و إمتحانات الثانوية العامة ومطالب أهالى سيناء بأن يتم تشكيل لجنة إشرافية لإمتحانات الثانوية العامة تحت رعاية الصليب الأحمر بالتنسيق مع الهلال الأحمر المصرى وان تتم الإمتحانات للطلبة بسيناء المحتلة على حسب المنهج المصرى الذى يدرس فى كل مناهج مصر وقبول ابناء سيناء وغزة الذين يحصلون على الثانوية العامة وعمل تنسيق خاص بهم من قبل وزارة التعليم العالى ، ونقل الطلاب من الأرض المحتلة عن طريق تنظيم رحلات وافواج الطلاب للدخول فى الجامعات المصرية ونقلهم ذهاب وإياباعن طريق أفواج يخصصها الصليب الأحمر الدولى كوسيط بالتعاون والتنسيق مع الهلال الأحمر المصرى ودعم من قطاع الخدمة السرية بالمخابرات المصرية ،
كما أسفر زيارة الوفد التانى الذى كان تحت عنوان تأييد الرئيس السادات اوائل عام 1973،الإستجابة لمطالب الأهالى الذى قدمة أعضاء الوفد وهو طلب الدعم الطبى لاهل سينا داخل الأرض المحتلة وهنا أذكر أنه كان يستعان بأطباء من غزة من مستشفى الشفاء ومستشفى النصر بخان يونس ، فكانوا يأتون إلى مستشفى العريش مرة واحدة في الأسبوع لفحص الحالات المرضية ، هذا إلى جانب الإرتفاع الحاد في أسعار الأدوية ، وعدم توفير أدوية داخل صيدلية المستشفى !!!
وقد إنتبه أفراد المقاومة الوطنية لهذه المعاناة ولذلك النقص الطبي والفني ، فأرسلوا بمعلوماتهم وتقاريرهم الخاصة بهذا الموضوع ومدى خطورته على الأهالى وإنعكاساته على صحتهم ، حيث تبنى الوفد طرح هذه المعاناة ، فكانت الإستجابة السريعة من القاهرة بإرسال مجموعة من شباب الأطباء من أبناء العريش ومدن سيناء وتكليفهم وقدومهم الى سينا ء المحتلة تحت بند أحقية جمع شمل العائلات والتي كانت تتم بأشراف هيئة الصليب الأحمر الدولى وعن طريق رحلاتها التي خصصت لهذا الأمر حيث تم إستقدام مجموعات الأطباء على مرحلتين خلال هذه رض السنوات التي طالت وإذدادت معاناة الأهالى ، فيها ، فكانت هذه المبادرة من قبل الدولة المصرية بمثابة هدية لهم للتخفيف عنهم حيث تم إرسال الدفعة الأولى المكلفة من المخابرات الحربية والقوات المسلحة والهلال الأحمر للعريش المحتلة ، ، وبعدها تم تكليف الدفعة الثانية حيث كلفوا جميعهم من قبل المخابرات الحربية وبقرار من وزارة الصحة ، بقضاء فترة الإمتياز فى الأراضى المحتلة وتم منحهم شهادات التكريم لأدوارهم الإنسانية والبطولية ، وقد أنطبق هذاالنموذج على تكليف االمدرسين تحت بند جمع شملهم ودعم العملية التعليمية فى سيناء من خلال الدفع بفوج من نخبة من شباب المدرسين خريجين كليات التربية والادابللتدريس داخل مدارس سيناء خلال فترة الإحتلال ،،،
-كما تم تشكيل وفد استثنائى عام 1975م ، بهدف أداء مناسك الحج ، وكانت فرصة ذهبية لعرض قضايا هامة وهى السماح بجمع شمل الاسر وتشكيل مجلس إدارة فرع الهلال الأحمر بسيناء وتكليف شباب الأطباء من ابناء سينا للخدمة فى المستوصف الخاص بالهلال الاحمر الكائنىبمدينة العريش وذلك ، لتخفيف المعاناة عن الأهالى المرضى الى جانب موضوعات اخرى لدعم الاهالى ومحاولة التخفيف من المعاناة التى يعيشونها تحت سطوة الإحتلال ،
كما نقل الوفد الخاص بتأييد اتفاقية كامب ديفيد عام 1978م ، العديد من الرسائل التى تحمل التأييد للقيادة السياسية ووضع رؤية محلية لأليات المرحله القادمة وتقديم رؤية كاملة لها والإستعداد لمرحلة الإنسحاب حتى خط العريش رأس محمد فى عام 1979م .
لقد كانت وفود سيناء ورموزها التى تتبنى التخطيط لهذه المناسبات وتديرها بكفائة عالية وتنفذها بدفة متناهية بهدف التواصل مع الوطن ومحاولة تخطى السنوات الصعبة والتخفيف من ألامها وشدة قسوتها ، وفى هذا الكثير والكثر من النماذج والمواقف ، ومازال للحديث بقية .
خالص تحياتى / سهام عزالدين جبريل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *