الأدب
قرأت لك.. “اليوتيوبية” هل هى أمل البشرية فى تحقيق حياة أفضل؟
يعد حلم البشرية منذ أقدم العصور هو أن ينعموا بحياة أفضل، ومدينة أخلاقية دون فساد، ومن الكتب التى حاولت تناول تلك الرغبة الإنسانية، هو كتاب “اليوتيوبية: مقدمة قصيرة جدا” للمؤلف لايمان تاور سارجنت، حيث يتناول اليوتوبية بأشكالها العديدة، من الأعمال المبكرة للأدب اليوتوبى الحديث والنظرية اليوتوبية إلى اليوتوبيات العملية المعاصرة التى يطلق عليها “المجتمعات المقصودة” أو الكوميونات، ومن خلال فحص النقاشات العديدة التى تدور حول اليوتوبيا، بما فيها مفهوم اليوتوبية الكولونيالية وعلاقتها بالنظرية السياسية، يستكشف الكاتب الطبيعة المتناقضة لليوتوبية، ويسعى إلى تداركها.
ويرى الكتاب أنه رغم أن توماس مور صك كلمة “يوتوبيا” فى عام ١٥١٦، ونشأ فرع من فروع الأدب من رحِم كتابه، ففكرة اليوتوبيا أقدم من ذلك بكثير، والاقتباسان أعلاه والشكلان ١-١ و١-٢ يعكسان نسختين مختلفتين تمامًا من الحياة الطيبة، تركز إحداهما على المتعة، لا سيما المتعة الجسدية، ومحورها وفرة الطعام والشراب، مع إتاحة الكثير من الممارسات الجنسية فى بعض النسخ، فى حين تركز الأخرى على التنظيم الاجتماعى.
الأولى فانتازيا تحققها الطبيعة أو الرب أو الآلهة، أما الثانية فمقدمة على نحو واقعى، ويحدثها بشر باستخدام ذكائهم، كلتا النسختين عتيقتان، ولا تزالان موجودتين حتى اليوم، بالنسبة للبعض، لا ترقى سوى الثانية لتكون يوتوبيا، لكن يرى آخرون الأولى باعتبارها رافدًا مهمًّا فى النهر المعروف باليوتوبيا.
ورغم تناول بعض الباحثين لكل من الأيديولوجية واليوتوبيا معًا، وتقديم بعضهم مساهمات كبيرة فى فهمنا لإحداهما أو الأخرى، فإنه بعد مانهايم، استُخدمت الكلمتان غالبًا على نحو منفصل، لكن الفيلسوف الفرنسى بول ريكور فى محاضراته، التى ألقاها عام ١٩٧٥ حول الموضوع، أعاد الربط بينهما.
وقال “ريكور”، إن الأيديولوجية واليوتوبيا لهما سمات إيجابية وسلبية على حد سواء، فالشكل السلبى من الأيديولوجية تشويه الواقع، ومن اليوتوبيا فانتازيا، والجانبان الإيجابيان للأيديولوجية هما: “تبرير الأوضاع القائمة” و”إدماج الأفراد فى هوية الجماعة”، أما الجانبان الإيجابيان الموازيان لليوتوبيا، فهما “تقديم شكل بديل للسلطة” و”استكشاف الممكن”.
فى النهاية يرى المؤلف أنه فى حين أن كلمة “يوتوبيا” نشأت فى زمان ومكان معينين، ظهرت اليوتوبية فى كل تقليد ثقافى، ففى كل مكان حملت اليوتوبيا الأمل فى تحقيق حياة أفضل، وفى الوقت نفسه طرحت أسئلة حول كل من التحسينات المحددة المقترحة وأيضًا ـ فى بعض الحالات ـ إن كان التحسين ممكنًا، كما شجعت اليوتوبية الناس على بذل جهود جبارة لتحقيق تحسين حقيقى، وقد أساء آخرون استخدامها للوصول للسلطة، أو المكانة الاجتماعية، أو الحصول علىى المال، وغيرها، وقد تحوَّلت بعض اليوتوبيات إلى ديستوبيات، بينما استُخدمت يوتوبيات أخرى لهزيمة هذه اليوتوبيات ذاتها؛ ومن ثم فاليوتوبيات ضرورة، لكنها من الممكن أن تكون خطرة.