الأدب
زيادة سكانية ومتغيرات ثقافية.. كيف غيرت الأوبئة شكل العالم قديما؟
ربما بعض الأسئلة المتداولة بكثرة الآن، هى عن شكل العالم بعد انتهاء أزمة فيروس كورونا المستجد، فالكثير يتوقع متغيرات كثيرة يشهدها العالم على المستوى الاجتماعى والاقتصادى، وربما السياسى أيضا، كما أن ثمة متغيرات مجتمعية هائلة ينتظر حدوثها بمجرد أن يتوصل العالم إلى علاج أو مصل يحارب به الفيروس القاتل.
العالم منذ القدم، واجه الأوبئة، وبمجرد أن انتهت تلك الأوبئة، كان الجميع ينفسون الصُّعَداء، وكانوا على أعتاب عالم مختلف، وبحسب كتاب “عودة الموت الأسود: أخطر قاتل على مر العصور” لسوزان سكوت وكريستوفر دنكان، فإنه بمجرد انتهاء الطاعون خلال فترة العصور الوسطى فى لندن، فقد كان انهيار النظام القديم، وكان هناك الكثير من العمل الذي يتعين على الناس القيام به، بدايةً، تعين على الأفراد أن يعثروا على طعام، لأن الزراعة أُهملت في المقام الأول إبَّان محنتهم، ولم تكن قد حُرثت الحقول أو بُذرت فيها البذور، وكان متوقعًا أن يكون المحصول محدودًا ذلك العام، لم يكن هناك قاطفو ثمار ليتم استئجارهم، وحتى الثمار القليلة تعفنت في الحقول، كما أُهملت تربية الحيوانات وكثير من البهائم شَرَدَتْ أو فُقِدَت.
زيادة عدة السكان
بالرغم من أن الطاعون لعب دور فى إبادة العديد من الناس، فقد زادت أعداد سكان أوروبا بشكل مطرد؛ مما ساعد على ما يبدو في زيادة العدوى القوية، لقد قتل المرض المزيد من الأشخاص ببساطة لأنه كان يوجد المزيد من الضحايا المحتملين.
التجارة
ارتفع تعداد سكان البلدات والمدن بمعدل ثابت، وتحسنت وسائل النقل والشحن بشكل ملحوظ، وانتعشت التجارة والحركة بالتبعية، وكانت قوات الجيوش في حراك دائم، وبينما كانت البطالة منتشرة قبل الطاعون، ومع انخفاض عدد السكان بسبب وفيات الوباء، ازدادت قيمة العمال وزادت أجورهم بمعدل 25 بالمائة، وحرر اللوردات العبيد ليصبحوا عمالا لديهم، وانخفضت إيجارات الأراضي وأسعارها، بسبب عدم وجود عمال لفلاحتها لديهم، وبذلك أصبح القرويون سادة أراضيهم، وبسبب قلة عدد العمال، فإن جميع طلباتهم تمت تلبيتها، واستطاع العمال الحصول على مطالب عادلة لهم منها تنظيم ساعات العمل.
الاهتمام بالأنظمة الصحية
اتّخذت المزيد من تدابير الصحة العامة على نحو متزايد في فرنسا خلال القرن الخامس عشر؛ فقد جرى حظر بيع أثاث منازل وملابس الضحايا، بل كانت توجد محاولات لتطهير المنازل التي توفى بها شخص ما جرَّاء إصابته بالطاعون، أُنشئت المستشفيات من أجل عزل الضحايا، وكان أولها في بلدية بورج أون بريس عام ١٤٧٢، وأصبحت هذه المستشفيات تُعرف فيما بعد باسم “بيوت الطاعون”.
متغيرات مجتمعية
وفقا لتقرير للكاتب إيرهان أفيونجو، فإن الوباء أدى لتقويض العلاقات الاجتماعية، ما جعل الأسر غير قادرة على رؤية بعضها البعض، وصلت لدرجة أنه إذا توفي أحد فلا يجد أقاربه أحدا ليساعدهم في إجراءات الجنازة، وأما الأشخاص الذين يخشون من الموت ولديهم أموال، فكتبوا وصاياهم حتى لا يستولي أحد على أموالهم، وأصبح “كاتب العدل” مطلوبا للجميع.
تحولات فى الثقافة الدينية
يشير التقرير السابق إلى أن الطاعون أضعف سلطة الكنيسة، كما أن اللغة اللاتينية فقدت مكانتها في العبادة والتعليم، بسبب ارتفاع معدل الوفيات بين رجال الدين، وازداد عدد الأشخاص الذين يتحدثون اللغات المحلية من رجال الدين.
وارتفعت الأصوات المتحدثة باللغة المحلية في الجامعات والمحاكم وكذلك في الكنائس، وبدأت الترجمة لأعمال العديد من الفلاسفة والكتاب القدماء إلى اللغات المحلية.