مخاوف عند التقاء النيلين في السودان من أن يُضعف سد النهضة تدفق المياه
عند مصنع في الهواء الطلق على ضفة النهر عند التقاء النيل الأبيض بالنيل الأزرق في السودان يشكل محمد أحمد الأمين وزملاؤه الآلاف من قوالب الطوب يوميا من الطمي الذي يخلفه فيضان النهر في الصيف.
وقال الأمين، وسط عمال يشكلون الطوب بأيديهم ويتركونه يجف تحت أشعة الشمس “لم أنفصل عن النيل منذ مولدي… آكل منه وأزرع به وأستخرج هذا الطوب منه”.
لكن العمال على جزيرة توتي في العاصمة السودانية الخرطوم يخشون من أن يهدد سدا عملاقا تقيمه إثيوبيا قرب الحدود بين البلدين سُبل عيشهم.
فهم يخشون من أن يُضعف سد النهضة العظيم المُقام في أعالي النهر تدفق المياه في النيل الأزرق مما يهدد صناعة يقول السكان إنها تمد الخرطوم بالطوب لبناء المباني العامة الحديثة منذ نحو مئة عام.
ولدى صُنّاع الفخار والمزارعين والصيادين حول منطقة التقاء النيلين مخاوف مشابهة، في حين يتوقع سكان آخرون، نزحوا بسبب الفيضان الصيف الماضي، فوائد من بناء سد ينظم تدفق مياه النهر.
وقال معتصم الجيري (50 عاما) صانع الفخار في قرية خارج مدينة أم درمان حيث يشكل العمال الأواني الفخارية من طمي النيل إن السد “سينظم النيل ويقلل الفيضانات… لكن من ناحية أخرى سنحصل على طمي أقل وماء أقل، المزارعون وصناع الطوب والفخار سيتضررون بشدة”.
وتمثل آراء السكان لمحة عن الآمال والمخاوف الممتدة بطول نهر النيل من مشروع توليد الكهرباء الضخم الذي أثار مواجهة دبلوماسية حامية بين إثيوبيا ومصر عند مصب النهر.
وتعهدت إثيوبيا، التي تقول إنها تستغل أخيرا حقها في الاستفادة من النيل الأزرق لتشغيل اقتصادها، بالبدء في ملء خزان السد في وقت لاحق هذا الشهر.
أما مصر، التي تري في المشروع تهديدا لمواردها المحدودة من المياه، فتحاول جاهدة التوصل إلى اتفاق يضمن حدا أدنى من تدفقات النيل الأزرق المسؤول عن 86 بالمئة من مياه نهر النيل الذي يصب في البحر المتوسط.
وتقول الحكومة السودانية إن السد قد يهدد سلامة نحو 20 مليون سوداني يعيشون على مجرى النهر ويضر بالنظام الزراعي المعتمد على طمي الفيضان في البلاد إذا لم يشيد السد ويُدار بالشكل الصحيح.
لكنها تتوقع فوائد محتملة كذلك من السيطرة على مياه الفيضان في موسم الأمطار وتحسن أداء سدودها.
وينعكس هذا التناقض في قرية ود رملي على مسافة 60 كيلومترا من الخرطوم على مجرى النهر حيث أسفر الفيضان عن أكبر الأضرار الصيف الماضي. فنزح بعض السكان الذين دُمرت مساكنهم أو أُلحقت بها أضرار إلى خيام نُصبت على مقربة.
وقالت منال (23 عاما) المقيمة في إحدى هذه الخيام “صحيح أن سد النهضة سيخفض منسوب مياه النيل ويمنع الفيضان… لكنه سيؤثر على الزراعة ومنطقة ود رملي تعيش على الزراعة”.
وعلى جزيرة توتي يشعر المزارعون وملاك الأراضي بالقلق من أن تقليل السد لقوة تدفق مياه النهر سيحد من المياه اللازمة لري الأراضي.
وقال موسى آدم بكر الذي يزرع قطعة أرض بالخضروات والموالح بالقرب من مصنع الطوب “جئت إلى توتي في عام 1988 لأن الأرض هنا هي الأفضل للزراعة وقريبة من الأسواق وتحقق عائدا مجزيا”.
وأضاف أن أراضي الجزيرة تنتج على مدار العام جميع أنواع الخضروات مثل البطاطس والبصل والباذنجان.
والسودان مُهمش منذ فترة طويلة في الصراع على السد بين جارتيه الكبيرتين لكنه تدخل في الفترة الأخير للوساطة لبدء مفاوضات جديدة بين الأطراف الثلاثة.
وسيرقب مواطنوه عن كثب أي تأثير على منسوب المياه التي يعتمدون عليها في حياتهم.
وقال أشرف حسن (45 عاما) وهو تاجر سمك في أم درمان “السمك يموت إذا خرج من الماء… ونحن أيضا، نعيش كجزء من الماء وحوله”.