الأدب
هل “الطاعون الدبلى” هو “الموت الأسود” وكيف نواجهه حتى لا يتحول لجائحة؟
تسبب ظهور حالات إصابة بمرض الطاعون بأحد المقاطعات الصينية، فى جدل ومخاوف واسعة من تفشى مرض جديد بالعالم على شاكلة ما حدث مع وباء فيروس كورونا، حيث أعلنت السلطات الصينية مستوى الخطر الثالث لتفشى مرض الطاعون الدبلى أو الدملى فى منطقة منغوليا الداخلية شمالى البلاد، وقالت السلطات الطبية إنها أعلنت مستوى الخطورة الثالث لانتشار المرض.
ولعل الطاعون الدبلى واحد من أكثر الأوبئة فتكا فى حياة البشرية، وعلى مدار التاريخ حصد أرواح ملايين البشر، حتى وصفه البعض بـ”الموت الأسود”، ويسبب الطاعون بكتيريا تسمى “يرسينيا بيستيس”، وينتشر عادة عن طريق البراغيث، و تلتقط هذه الحشرات الجراثيم عندما تعض الحيوانات المصابة مثل الفئران السناجب، ثم ينقلونه إلى الحيوان أو الشخص التالى الذى يعضونه، ويمكن أيضًا إصابة الطاعون مباشرة من الحيوانات المصابة أو الأشخاص المصابين.
لكن هل فعلا “الطاعون الدبلى” هو وباء “الموت الأسود” الذى ضرب العالم قديما، وكيف يمكن أن يتعامل العالم مع ظهور أحد تلك الأوبئة القديمة فى العصر الحالى، حتى لا نصبح أمام جائحة أكثر شراسة من فيروس كورونا المستجد “كوفيد-19”.
بحسب كتاب “عودة الموت الأسود: أخطر قاتل على مر العصور” لسوزان سكوت وكريستوفر دنكان، فأننا صرنا ندرك الآن أن وجهة النظر التقليدية عن الموت الأسود خاطئة، فهو لم يكن موجة تفش للطاعون الدبلي، ولم يكن ينتقل عن طريق الفئران والبراغيث، فلو أنه كان طاعونا دبليا وعاد إلى أوروبا، ما كان هناك مدعاة للقلق لأن الطاعون الدبلي يعالج بسهولة، وأي وباء كان سيمكن التغلب عليه بسهولة، إلا أن الموت الأسود كان في الواقع نتيجة لفيروس غير معروف يَحْتَمِل أن يُعاوِدَ الظُّهور في أي وقت. إلا أنه لن يكون جديدًا بالكامل علينا. نأمل أن يعرف أيُّ شخص قرأ هذا الكتاب ماذا يتوقع.
إذا عاود الموت الأسود الظهور فعليا، فسوف تظهر على أول الضحايا أعراض مشابهة لتلك الأعراض الموصوفة في الروايات المختلفة التي اقتبسناها من قبل، نأمل أن يتم تمييز هذه الأمارات في الحال على أنها طاعون نزفي وألا يتم تشخيصها عرضت على أنها «مجرد مرض ناشئ آخر»؛ ذلك لأن نجاح أي مكافحة للموت الأسود سوف يعتمد على التشخيص المبكر واتخاذ الإجراءات الفورية.
للأسف، ليس هناك ما يمكن فعله من أجل الضحايا، إلا أنه ينبغي فرض تدابير صحية صارمة في الحال لمحاولة التغلب على العدوى المبدئية إن أمكن. ستتضمن هذه التدابير: عزل الضحايا، والاستخدام واسع النطاق والإجباري للأقنعة الطبية (نظرًا لأن انتقال العدوى يحدث عن طريق العدوى الرذاذية)، وإلغاء كافة التجمعات العامة التي تقام على مساحة كبيرة، وفرض حجر صحي مدته ٤٠ يومًا على أي شخص مشتبه في إصابته بالعدوى، وارتداء الملابس الواقية، وتحريم كافة التنقلات من المنطقة المصابة وإليها، وبالأخص التنقلات جوا.
سيحتاج مسئولو الصحة العامة تبني استراتيجيات أكثر جذريةً؛ فالأعراض الأولى لن تظهر إلا بعد مُرور شهر على الأقل من إصابة الضحية الأولى — أغلب الظن ستكون في أفريقيا — وفي خلال هذا الشهر ربما يكون قد سافر لمسافات كبيرة ونقل العدوى عن غير قَصْدٍ إلى أشخاص كثيرين.