الأدب

كيف رد الخبراء على تشكيك أثيوبيا فى الاتفاقيات بزعم توقيعها أثناء الاستعمار؟

من بداية أزمة سد النهضة قبل نحو 10 سنوات من الآن، تماطل أثيوبيا فى التفاوض فى الحقوق المشروعة للدولة المصرية مبررة تعنتها ضد مصر فى مسألة مياه النيل، بأنها غير ملزمة بالاتفاقيات لأنها تمت فى الحقبة الاستعمارية، والمقصود هنا اتفاقيتا 1929 التى وقعت إبان الاستعمار البريطانى للمنطقة، واتفاقية 1959 التى وقعت بين مصر والسودان لتنظيم الاستفادة من موارد النهر، والتى تعطي لمصر حق استغلال 55 مليار متر مكعب من مياه النيل من أصل 83 مليار متر مكعب تصل إلى السودان.
 
نهر النيل
 
 
 
وبحسب الإدعاء الإثيوبى، فإن أثيوبيا لم تستعمر، وبالتالى كانت وقت توقيع الاتفاقات سالفة الذكر، صاحبة الإرادة الكاملة، وبيدها اتخاذ القرارات المناسبة لحماية حقوقها، كما أن اتفاقية عام 1929، التى تعترض عليها إثيوبيا، لم تكن طرفا فيها من الأساس، إذ أبرمتها الحكومة البريطانية، نيابة عن عدد من دول حوض النيل (أوغندا وتنزانيا وكينيا)، مع الحكومة المصرية.
 
على الجانب المصرى، ورغم تواجد المملكة البريطانية بشكل فعلى، إلا أن مصر كانت دولة مستقلة بناءً على تصريح 28 فبراير لعام 1922، والذى أعلنته بريطانيا من جانب واحد، وأكدت فيها إنهاء الحماية البريطانية على مصر، وأن مصر “دولة مستقلة ذات سيادة”، لكن احتفظت بريطانيا بحق تأمين مواصلات امبراطوريتها فى مصر، وحقها فى الدفاع عن أى اعتداء و تدخل أجنبى، وحماية المصالح الأجنبيه والأقليات فيها، وبذلك فإن مصر فى أثناء توقيع الاتفاقية الأولى كانت دولة مستقلة على الأقل من الناحية الاسمية، أما الاتفاقية الثانية، فقد وقعها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، مع الإمبراطور الإثيوبى، بعد 5 سنوات كاملة من جلاء آخر جندى بريطانى عن مصر.
 
دول حوض النيل
دول حوض النيل

أما اتفاقية عنتيبى، التى تبرر بها إثيوبيا مزاعمها، فهى ليست اتفاقية رسمية تلزم الدول، إذ وقع عليها أربعة دول فقط من دول حوض النيل الـ11، هى: “أثيوبيا، وأوغندا، ورواندا، وتنزانيا” وذلك فى يوم  (14 مايو 2015)، بينما قاطعت كل من مصر والسودان الاتفاق، فيما سجل غياب الدول الأخرى الذى تقع على حوض النهر، وهى “بوروندى، إريتريا، كينيا، الكونغو الديمقراطية، جنوب السودان”.

كتاب مصر وأزمة مياه النيل.. آفاق الصراع والتعاون
كتاب مصر وأزمة مياه النيل.. آفاق الصراع والتعاون

الدكتور محمد سليمان طايع، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، رد فى كتابه “مصر وأزمة مياه النيل: آفاق الصراع والتعاون” على مبرر إثيوبيا بأن هذه الاتفاقات الاستعمارية وبالتالى هى غير ملزمة، حيث قال: إن القول بأن اتفاقيات النيل السابقة، بإنها اتفاقيات استعمارية، لا أساس له من  القانون، فهذه اتفاقيات دولية نافذة، وأساس نفاذها أن هناك نوعية من الاتفاقيات الدولية استثنت من أى أثر يمكن أن ينال منها، وهى اتفاقات الحدود، أى ذات الطبيعة العينية، ومنها المتعلقة بالأنهار والمياه، وهذه الاتفاقات تسرى فى مواجهة الدولة الخلف حتى لو كانت التى أبرمتها دولا استعمارية، وهذا المبدأ مقرر بموجب المادة 12 من اتفاقية فيينا بشأن “توارث المعاهدات الدولية”.

وبحسب الكتاب أيضا: “وقد أقرت محكمة العدل الدولية فى حكم لها عام 1997 فى نزاع بين المجر وسلوفاكيا هذا المبدأ، وبموجب ذلك أقرب أنه أصبح جزءا من القانون العام العرفى الملزم لجميع الدول بعض النظر عما إذا كانت أطراف اتفاقية فيينا بشأن المعاهدة أم لا، وبالتالى جميع جميع دول حوض النيل ملزمة بالاتفاقيات السابقة”.

كيف رد الخبراء على تشكيك أثيوبيا فى الاتفاقيات بزعم توقيعها أثناء الاستعمار؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *