الأدب
قرأت لك.. “الهدية” ما سر الاستمتاع بعملك وحياتك؟
نقرأ معًا اليوم كتاب “الهدية” سر الاستمتاع بعملك وحياتك الآن، لـ سبنسر جونسون، وهى هى قصة لشاب وجاره الذى أثر فى نفسه وحياته وحيّره لسنوات طويلة عن سره وسر فرحه وسروره حتى فى وقت الشده وسر نجاحه فى عمله، وإن واجه مشاكل فى حياته الأسرية وشيئًا فشيئًا بمساعده هذا الجار العجوز ونصائحه يكتشف سر الهدية ويعمل على أن يعلمها كل من رآه فى حياته وكل من عمل معه ليسعد فى حياته.
يحكى الكتاب يقول:
كان ثمة ولد صغير يستمع إلى كلام رجل حكيم كبير، وهكذا بدأ يعرف قصة “الهدية”.
كان العجوز والولد يعرف كل منهما الآخر منذ أكثر من عام، وكانا يستمتعان بالحديث معًا.
وفى يوم من الأيام قال العجوز: “القصة تسمى الهدية ببساطة لأن من بين جميع الهبات التى قد تتلقاها، ستجد هذه الهدية أكثرها قيمة وفائدة على الإطلاق”.
سأل الولد: “ولماذا هى بهذه القيمة؟”.
فقال العجوز موضحاً: “لأنك حينما تتلقى هذه الهبة، ستستمتع بالأشياء أكثر، وستكون قادراً على القيام بأى شيء بشكل أفضل كل يوم”.
تعجب الولد الصغير قائلاً: “يا إلهي!” رغم أنه لم يكن يفهم الأمر تماماً. وأردف قائلاً: “أتمنى أن يمنحنى شخص ما هذه الهدية يوماً ما. ربما أحصل عليها فى عيد ميلادي”.
ثم انطلق الصبى بعيداً ليلعب.
وابتسم العجوز.
وتساءل فى نفسه كم عيد ميلاد سينقضى قبل أن يدرك هذا الصبى قيمة “الهدية”.
كان العجوز يستمتع بمراقبة الصبى وهو يلعب بالجوار.
وكان كثيراً ما يرى ابتسامة على وجه الطفل ويسمع رنين ضحكاته وهو يتأرجح على أرجوحة تتدلى من شجرة قريبة.
كان الولد سعيداً ومندمجاً بكل كيانه فيما يقوم به. كانت مراقبته بهجة للنفس.
وبينما كان الولد يشب عن الطوق، لم يستطع العجوز أن يمنع نفسه من ملاحظة الطريقة التى يعمل بها الصبي.
وفى صباح أيام السبت، كان فى بعض الأحيان يلاحظ صديقه الصغير وهو يجز العشب عبر الشارع.
كان الصبى يطلق صفيراً، بينما يقوم بعمله. كان يبدو سعيداً، أيًّا كان العمل الذى يؤديه.
وذات صباح رأى الولد العجوز، وتذكر ما أخبره به من قبل عن “الهدية”.
لقد كان الولد يعرف كل شيء عن الهدايا، مثل الدراجة التى حصل عليها فى عيد ميلاده الأخير والهدايا التى وجدها تحت الشجرة فى صباح الاحتفال بعيد الميلاد.
ولكنه كان يفكر فى هذا الأمر أكثر، وأدرك أن السعادة التى تنجم عن تلقى الهدايا لا تدوم طويلاً.
تساءل قائلاً فى نفسه: “ما سر تلك “الهدية” بالذات؟”.
“ما الذى يمكن أن يجعلها أفضل كثيراً من أية هدية أخرى؟”.
“ماذا يمكن أن يجعلنى أكثر سعادة وأكثر كفاءة فى أداء ما أريد؟”.
ولكى يحصل على إجابات لتلك الأسئلة الحائرة، عبر الولد الشارع لكى يسأل صديقه العجوز.
وكان سؤاله كأى سؤال يمكن أن يسأله طفل صغير: “هل الهدية عصا سحرية يمكنها تحقيق جميع رغباتي؟”.
وأجاب العجوز ضاحكاً: “كلا، لا علاقة لهذه الهدية بالسحر أو بالأمنيات”.
عاد الصبى إلى عمله فى جز الأعشاب وهو لا يزال يتساءل عن كنه هذه الهدية”، ويتشكك فى كلام العجوز.
وحين كان الولد يكبر وينمو، كان مستمراً فى تساؤله وتعجبه من أمر “الهدية”. فإذا لم يكن لها علاقة بما يتمناه المرء، فهل يا ترى لها علاقة بالسفر إلى مكان مميز مثلاً؟
هل تعنى السفر إلى أرض غريبة، حيث يبدو كل شيء مختلفاً وغريباً: الناس، والملابس التى يرتدونها، واللغة التى يتحدثونها، والبيوت التى يسكنونها، وحتى النقود التى يتداولونها؟ وكيف يمكنه الذهاب إلى تلك الأرض؟ ذهب الولد إلى العجوز وسأله: “هل هذه الهدية هى آلة زمن يمكننى الدخول فيها والذهاب إلى أى مكان أريد؟”.
رد العجوز قائلاً: “كلا. وعندما تتلقى هذه الهدية لن تقضى وقتك بعدها وأنت تحلم بالذهاب إلى مكان آخر”.
مر الزمن، وكبر الولد حتى وصل إلى مرحلة المراهقة والفتوة.
صار الصبى أقل رضا وقناعة شيئاً فشيئاً. لقد تمنى أن يزيد استمتاعه أكثر بالأشياء بينما يكبر ويزداد نموًّا. ولكنه كان يبدو دائماً وكأنه يريد المزيد: المزيد من الأصدقاء، والمزيد من الأشياء، والمزيد من الإثارة.
ومع نفاد صبره، كان يحلم بما ينتظره فى العالم الخارجي. كانت أفكاره تنجرف إلى الوراء، إلى حيث أحاديثه مع العجوز، فوجد نفسه يفكر أكثر وأكثر فى “الهدية ” الموعودة.
ذهب الفتى إلى العجوز مرة أخرى وسأله: “هل الهدية شيء يمكن أن يجعلنى ثريًّا؟”.
فقال العجوز: “نعم، بطريقة ما يمكنها ذلك. إن الهدية يمكنها أن تدلك إلى أنواع كثيرة من الثراء. ولكن قيمتها الحقيقية لا تقاس بالذهب ولا بالمال وحده”.
ازداد الصبى حيرة.
قال: “لقد قلت لى من قبل إن من يتلقى الهدية يستمتع بحياته أكثر”.
قال العجوز: “نعم. كما يصير أكثر قدرة وفعالية بحيث يمكنه أداء الأعمال بشكل أفضل، وهذا يجعله أكثر نجاحاً”.
سأل الفتى المراهق قائلاً: “ماذا تعنى بقولك أكثر نجاحاً؟”.
أجاب العجوز: “أكثر نجاحاً يعنى الحصول على المزيد مما تحتاج إليه. أيًّا كان ما تظنه مهماً بالنسبة لك”.
سأل المراهق: “إذن فإننى أقرر ما يعنيه النجاح بالنسبة لي، أليس كذلك؟”.
أجاب العجوز: “بلى، هو كذلك. نحن جميعاً نفعل ذلك، ويمكننا تغيير مفهومنا عن النجاح فى مراحل مختلفة من حياتنا”.
“قد يكون النجاح بالنسبة لك الآن هو حصولك على درجات جيدة فى المدرسة، أو نتائج جيدة فى الألعاب الرياضية، أو علاقة طيبة مع والديك، أو حصولك على عمل جيد بعض الوقت بعد انتهاء اليوم الدراسي، ثم حصولك على ترقية إذا كنت تنجز عملك بكفاءة”.
“وفيما بعد، قد يعنى النجاح أن تكون أكثر إنتاجاً ورخاءً، أو الشعور بالمزيد من السلام والمشاعر الطيبة تجاه نفسك، أيًّا كان ما يحدث، وهذا نوع خاص ومميز من النجاح”.
سأل الفتى: “وما الذى يعنيه النجاح بالنسبة لك الآن؟”.
ضحك العجوز قائلاً: “فى هذه المرحلة من حياتي، يعنى النجاح أن أضحك كثيراً، وأحب بمزيد من العمق، وأنفع الناس بشكل أكبر”.
سأل الفتى: “وأنت تقول إن تلك الهدية تساعدك على عمل كل هذا، أليس كذلك؟”.
رد العجوز متعجباً: “بالطبع!”.
قال الفتى: “حسناً، فى الواقع، إننى لم أسمع من قبل أحداً غيرك يتحدث عن مثل هذه الهدية ولقد بدأت أظن ألا وجود لها”.
فأجاب العجوز: “بل إنها موجودة. ولكنى أخشى أنك لم تفهم بعد