«المصري اليوم» في «القومي لنقل الدم»: مسرح عمليات تحضير بلازما متعافي «كورونا»
فى نهاية مايو الماضى، ناشدت الدكتورة هالة زايد، وزيرة الصحة، المتعافين من فيروس كورونا المستجد بالتوجه للتبرع ببلازما الدم بعد مرور 14 يومًا على الشفاء، للمساهمة فى علاج الحالات الحرجة المُصابة بالفيروس بفضل ما تحتويه بلازما المتعافى من أجسام مضادة، دعت وزيرة الصحة المواطنين على وجه الخصوص بالتوجه إلى أقرب مركز خدمات نقل الدم تابع لوزارة الصحة، حيث تعمل تلك المراكز المختلفة على مستوى الجمهورية كخلية نحل، بعد استقبالها البلازما من المتبرعين وحتى وصولها للمستحقين، إذ تمر عينات من التبرعات على معامل مختلفة وتخضع لاختبارات لضمان فاعلية البلازما وأمنها للمتلقى، فى هذا التحقيق تجولت «المصرى اليوم» فى رحلة قصيرة داخل أروقة المركز القومى لخدمات نقل الدم بالعجوزة واطلعت على مراحل تصنيف واختبار الدم ومشتقاته وصولًا إلى إجراءات صرف بلازما دم المتعافين من كوفيد- 19 للمصابين.
على بوابات المركز القومى لنقل الدم بالعجوزة، تبدو الأجواء هادئة فى البداية، لا يتخللها ضوضاء أو زحام، فقط بضع سيارات إسعاف متراصة أمام البوابة الرئيسية يألف المواطنون ملاقاتها فى الميادين الرئيسية تدعوهم للتبرع بالدم فى يقظ النهار، أمام البوابات رغم ذلك السيارات ساكنة، على عكس أروقة المبنى الداخلية التى تزخر بالأطباء والعاملين الملتزمين بارتداء الكمامات الطبية والواقيات الشخصية اللازمة، والحركة الدؤوبة النشيطة داخل المعامل المختلفة وفى قاعات التبرع.
داخل إحدى قاعات التبرع، يستريح وائل محمد، 49 عاما، إلى كرسى التبرع الجلدى الوثير، بينما يعمل مختص شاب، بلباس طبى واقٍ كامل، على إيصال أدوات سحب الدم بذراعه ثم بماكينة فصل بلازما الدم، ولا يتجاهل أن يشرح للمتبرع كيفية عمل الماكينة وآلية فصل البلازما، بدأت رحلة محمد مع كوفيد- 19 فى بداية يونيو الماضى، إذ شعر بشكل مباغت بصداع وآلام بالصدر وارتفاع فى درجة الحرارة فتوجه مباشرة لطبيب خاص، طلب منه بعض الفحوصات الأولية وذيلها بطلب مسحة للأنف والحلق جاءت نتيجتها إيجابية بفيروس كورونا المستجد.
وبالرغم من رغبة محمد فى الدخول للعلاج بمستشفى خاص، إلا أن طبيبه نصحه بالعزل المنزلى، الذى أثمر عن شفائه بشكل كامل مع الالتزام بجدول علاجى صارم ونظام غذائى كذلك، وتأكد من التعافى بعد إجراء مسحتين سلبيتين، ما دفعه للاستجابة للمناشدات الإلكترونية على موقع فيسبوك للتبرع ببلازما الدم فيقول: «كان فى مناشدات برضه على التليفزيون بس فيسبوك أكتر، وقريتها عند وزارة الصحة كمان، وفهمت أن التبرع هيساعد ناس تانية، فقررت آجى».
لم يكن لدى محمد أى مخاوف مُسبقة أو توقعات عندما اتصل هاتفيًا بخدمات نقل الدم القومية وتم إيصاله بمسؤول فريق سحب بلازما المتعافين، إلا أنه وجد الخدمة لاحقًا شديدة اليسر والبساطة، إذ تحدد موعد تبرعه تليفونيًا بناء على تاريخ آخر مسحة سلبيًة وأعقب ذلك لدى وصوله المركز حصول الفريق الطبى على تاريخه الطبى، إلا أن التاريخ المرضى الشفاهى من المتبرع ليس الوسيلة الوحيدة للتأكد من سلامة المتبرع، إذ يحصل المركز على عينات من المتبرع تُرسل للمعامل المختلفة لتاكيد خلوها من الأمراض الفيروسية الأخرى مع التأكد من فصيلتها.
لذا تمر العينة أول ما تمر، وفقًا للدكتورة إنچى فريد، مسؤول الإعلام فى خدمات نقل الدم القومية، على المعمل المرجعى لكرات الدم (RCRL) والذى يعمل على تحديد فصائل الدم والكشف عن وجود أجسام مضادة لفصائل الدم المختلفة داخل العينة ومعمل الفيروسات الذى يفحص العينة لتأكيد خلوها من فيروسات الكبد الوبائية C وB وكذلك فيروسا الزهرى والإيدز، ويستخدم المعمل أحدث التقنيات كالوميض الضوئى فى الفحص، إضافة إلى تقنيات الـ NAT للكشف عن الحمض النووى للفيروس، وهناك أيَضًا بالمركز القومى لنقل الدم، المعمل المرجعى للفيروسات MRL الذى يعمل على قياس نسبة وكفاءة الأجسام المضادة لفيروس كورونا المستجد فى عينة المتعافى المتبرع وترسل كل التحاليل لمعمل المشتقات للإفراج عن البلازما والتى سبق تقسيمها وتجميدها فى درجة الحرارة المناسبة لحين صرفها من خلال قسم الصرف بالمركز والذى يحفظها بدوره فى غرف التجميد مقسمة حسب فصائل الدم ومرتبة وفقًا لفترة صلاحية الوحدات، إذ تبقى الوحدات الأقدم أقرب والأحدث أبعد، مما ييسر التقاط الوحدات فى التوقيت الملائم.
وتقول الدكتورة إنچى: «العمل يتم بشكل كامل فى إطار نظام مكافحة العدوى واتخاذ الإجراءات الاحترازية للحفاظ على سلامة فريق العمل والمترددين على المركز ونظام الجودة الشامل يهدف لتوفير كيس دم آمن وكاف وفعال». كما تؤكد أن نتائج استخدام البلازما مُبشرة، إلا أن هناك بعض الشروط يجب أن تتوافر فى حالة المريض كى تُصرف له البلازما وتحقق النتائج المرجوة وتُقيم الحالات قبل الصرف عبر اللجنة العُليا لعلاج فيروس كورونا بوزارة الصحة لقياس مدى استفادة المرضى من البلازما، كما تتابع وتقيم اللجنة ذاتها الحالات أثناء وبعد نقل البلازما عن طريق إجراء التحاليل.