الأدب
“الأم الثانية” فى الثقافة الشعبية.. هل تمتلك الخالة والأخت الكبرى غريزة أمومة؟
“الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق” هكذا استطاع شاعر النيل حافظ إبراهيم، وصف الأم، تلك السر الإلهى الذى خصه فى النساء وجعلهن رمزا للحنان والعطاء، تعطى لأبنائها الحب الفورى دون مقابل، وتحمل بداخلها الأمنيات ليصبحوا الأفضل هى غريزة وجدت فيها النساء منذ خلق العالم، وأصبحت سلوك إنسانى لا تستوى الحياة بدونه.
والأمومة هى حالة جامعة لكافة الصفات السامية للجمال، متجسدة فى التربية ورعاية الأبناء، لذا تضحى الأم بكل ما هو غال ونفيس لديها، وهى غريزة أقوى من غريزة الحب ذاته، لأنها علاقة سامية تربط الأم بأولادها، وهى الحب الأعمق دون انتظار مكافأة أو جزاء معنوى.
وكان علماء فى جامعة ولاية لويزيانا الأمريكية، توصلوا إلى دليلا ماديا على أن النساء يملكن بالفعل “غريزة الأمومة” حيث يطلق هرمون “الاوكسيتوسين” أثناء الولادة والرضاعة الطبيعية لدى الأم وهو ما يطلق عليه (هرمون الحب)!، الأمر الذى ينطبق على جميع الثدييات التى تظهر سلوك الأمومة بما فى ذلك البشر.
ووفقا لدراسة بعنوان “سيكولوجية المرأة والأمومة” فإن الأمومة غريزة من أقوى الغرائز لدى المرأة السوية وهى تظهر لديها فى الطفولة المبكرة حين تحتضن عروستها وتعتنى بها، وتكبر معها هذه الغريزة وتكون أقوى من غريزة الجنس فكثير من الفتيات يتزوجن فقط من أجل أن يصبحن أمهات ودائماً لديهن حلم أن يكون لهن طفل أو طفلة يعتنين به.
لكن ربما هذه الغزيزة لا تتوقف عند الأم الوالدة فقط، فكل سيدة لديها غريزة أمومية وهرمونات حنان تخصها وحدها مما تجعل هناك شعور بالأمومة لدى نساء أخريات بعيدا عن الأم الوالدة، وما تسمى بحسب عدد من الدراسات بـ”الأمومة النفسية” وهى الأم التى لم تحمل ولم تلد ولكنها تبنت الطفل بعد فراقه من أمه البيولوجية أو حتى فى وجودها فرعته وأحاطته بالحب والحنان حتى كبرـ وهذه الأمومة يعيها الطفل أكثر مما يعى الأمومة البيولوجية لأنه أدركها ووعاها واستمتع بها.
ولدينا فى الثقافة المصرية أمثلة كثيرة على “الأم النفسية” وارتباطها بالأبناء وتحملها مصائرهم وكأنها جزء منها رغم إنها ليست الأم الوالدة، ولعل من أشهر المصطلحات المستخدمة فى ثقافتنا المحلية هى “الخالة والدة” وهى مورث عربى متناقل حيث عن النبى محمد صلى الله عليه وسلم أن الخالة بمنزلة الأم وهو الذى تحول إلى مثل شعبى متداول، والحقيقة أن الحياة مليئة بكثير من الأمثلة على أن “الخالة” أو شقيقة الأم الوالدة لديها دافع أمومى نحو أبناء أخواتها، وفى كثير من الحالات تتعامل معاهم بعاطفة أمومية، وهو أمر أيضا متواجد ويطلق على العمة شقيقة الأب، وكثيرا ما ينظر إليها على أنها “أم ثانية”.
الأمر كذلك مع الشقيقة الكبرى، والتى فى أغلب الأسر تتحمل مسئولية تربية الأبناء مع الأم، وفى أغلب الأحيان تكتسب الأخت الكبرى سمات منها القدرة على التضحية والأحساس بالآخر، وتكون قادرة على التحدى واتخاذ القرار وتملك الحكمة حتى تتعامل مع إخوتها بمختلف الأعمار، فالتعامل مع الطفل يختلف عن المراهق وعن المريض، كما أن الأخت الكبرى لديها غريزة الأمومة الأقوى تجاه أشقائها، وتشعر دائماً بأنها مسؤولة عنهم، وبالنسبة للأشقاء الصغار تكون بمثابة القدوة التي يجب أن يحتذوا بها.
زوجة الأب كذلك تكون لديها مسئوليات تجاه أبناء زوجها، وبعيدا عن الأمثلة السيئة المخزنة فى الثقافة المحلية فى تصورها وتجسيدها لزوجة الأب، فإن تحملها للمسئولية يجلها حريصة على أن يكون الأبناء ذو شأن وتشعر إنها قدوة مما يجعلها تتعامل بشدة، خاصة مع الأعمار الصغيرة، التى تحتاج معاملة خاصة.
كذلك أم الزوج ينظر إليها فى الثقافة المحلية على إنها “أم ثانية” ودائما ما نرى خاصة فى الأوساط الريفية، الزوجة تنادى لأم زوجها بلقب الأمومة، وهو لقب مكتسب لدى الأسر الريفية، خاصة أن الزوجة فى هذه الأوساط تعيش مع “حماتها” فى منزل واحد، ويكون التعامل بينهم يومى، وبذلك فأن شعور بالأمومة يجتاح العلاقة حتى وإن شابها التوتر والإختلاف أحيانا.