سد النهضة بين نفاذ الصبر المصري و9 سنوات من المماطلة الإثيوبية.. ومكملين (تقرير)
شهدت الأيام الماضية، تضارب في التصريحات الإثيوبية بشأن البدء في ملء سد النهضة، فبعد إعلان وزير الري الإثيوبي، سيليشي بيكيلي، الأربعاء الماضي، بدء الملء الأولي للسد، سرعان ما اعتذر التلفزيون الإثيوبي الرسمي، بعدها بساعات: «نعتذر عن سوء التفسير للتقرير السابق على صفحتنا على وسائل التواصل الاجتماعي (سد النهضة الكبير بدأ يملأ)».
كما نفى وزير المياه الإثيوبي، تقارير نقلت عنه قوله إن الحكومة بدأت في ملء سد النهضة الإثيوبي، وصرح لوكالة أسوشيتد برس بأن الصور التي نشرتها وكالة «رويترز»، عكست الأمطار الغزيرة وأن التدفق كان أكبر من التدفق الطبيعي، وليست ملء للسد.
الرد المصري أتى سريعا، فسرعان ما طالبت وزارة الخارجية إيضاحاً رسمياً عاجلاً من الحكومة الإثيوبية بشأن مدى صحة ما تردد إعلامياً عن بدء إثيوبيا ملء خزان سد النهضة.
ورغم النفي الإثيوبي، إلا أن وزارة الري والموارد المائية السودانية قالت، في بيان، الأربعاء الماضي، «إن هناك انخفاض في مستويات المياه بما يعادل 90 مليون متر مكعب يوميا ما يؤكد إغلاق بوابات سد النهضة».
ويأتي هذا التضارب في ظل استمرار مسار التفاوض تحت رعاية الاتحاد الأفريقي بين الدول الثلاث (مصر والسودان وإثيوبيا)، ومن المزمع عقد قمة أفريقية مصغرة، في الأيام المقبلة، برئاسة جنوب أفريقيا، رئيس الاتحاد هذه الدورة، بعد أن أسدلت الستار، الاثنين الماضي، عن جولة مفاوضات استمرت لـ 11 يوما على مستوى الخبراء الفنيين ووزراء المياه للدول الثلاث، بهدف الوصول لاتفاق حول النقاط الخلافية بشأن ملء وتشغيل سد النهضة. وبحسب بيان وزارة الري المصرية، فإن مناقشات اللجان الفنية والقانونية عكست استمرار الخلافات حول القضايا الرئيسية.
وتعد أبرز القضايا الخلافية، مدى إلزامية الاتفاقية، وآلية فض النزاعات، والقضايا المرتبطة بقواعد الملء في فترات الجفاف.
الدكتور محمد نصر علام، وزير الري الأسبق، يقول إن «التضارب في التصريحات الإثيوبية قد يكون الهدف منه الضغط على مصر للتفاوض بشروط إثيوبية»، وأضاف في تصريحات خاصة لـ«المصري اليوم» أن «مصر سئمت من طول أمد المفاوضات التي تأتى بدون نتائج ملموسة»، وتابع «أنه في حالة ثبوت اتخاذ إثيوبيا قرار منفرد بملء السد فيجب على الاتحاد الأفريقي إجبار أديس أبابا على التراجع وإلا فليس هناك جدوى من التفاوض».
وعلق وزير الري الأسبق حول شروع إثيوبيا في ملء السد فعليا من عدمه، قائلا: «إن إثيوبيا دولة مارقة وتفعل أي شئ»، لافتا إلى أن إثبات الملء من عدمه سيأخذ أسابيع خاصة أننا في موسم فيضانات، وبالتالي هناك فرق بين تصرفات فتحات السد، والمياه الواردة في بحيرة السد، لكن بعد انتهاء موسم الفيضانات ستضح الرؤية لأن المنصرف سيكون أكثر من الوارد.
وشدد «علام» على أن الصورة الضبابية التي تخيم على المشهد السياسي الآن يجب أن يتم إيضاحها من قبل كافة أطراف التفاوض، مؤكدا أن ملء السد مسألة حساسة يجب إيضاحها عبر الجهات الرسمية للدول.