الأدب

“رجل يكذب على دابته”.. ما هى حقيقة القصة المنسوبة للبخارى؟

كان أهل الإحاديث الشريفة، أشد حرصا وحيطة ودقة فى نقل ما ينسب النبى محمد صلى الله وسلم، حتى لا ينقلوا ما ينسب كذبًا إلى الحبيب صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله، ولعل الإمام البخارى كان أكثر من أكثر الرواة حيطة، فوثق فيه العلماء على مر العصور وصنفوا حوله العديد من المصنفات من شروح وتعليقات وتخريجات وغيرها لمختلف العلماء على مدار ألف عام.
 
وتمر اليوم الذكرى 1210 على ميلاد الإمام محمد بن إسماعيل البخارى، أحد أشهر علماء الحديث، وصاحب صحيح البخارى، إذ ولد فى بخارى فى 20 يوليو عام 810م، أحد أشد الأئمة وأدقهم  نقلا عن النبى محمد (ص) حتى أصبح صحيح البخاري من الثوابت والمعتمد عند المسلمين.
 
ومن القصص المنسوبة للإمام البخارى: إنه سافر مسافة طويلة، ليأخذ حديثاً عن أحد رواة الحديث، ورآه يكذب على دابته التي انفلتت منه، يوهمها أن معه شيئاً تأكله، فتركه وعاد دون أن يسأله، وقال: إن الذي يكذب على الدابة، لا آمن أن يكذب علي، ولم نقف عليها في مصدر يعتمد عليه، لذلك لا يمكننا القول بصحتها.
 
لكن القصة سالفة الذكر لما يرد لها ذكر كتب التراث الإسلامى، ولم تؤكد الكتب والدراسات الحديثة صحة ما نسبها إلى الإمام البخاري، ربما جاءت إشارة فقط فى كتاب ” دراسات إسلامية معاصرة في الدولة والمجتمع” للباحث محمد شحرور، ألا عدد من المصادر الإسلامية أكدت أنها قصة منسوبة، لم يستدل على صحتها.
 
فيما جاء فى إحدى المصادر الإسلامية أن القصة ربما كانت منسوبة للإمام أحمد بن حنيل، الدي سافر طويلا قاصدا شيخا لتوثيق الحديث، إلا أننا لم نجد توثيقا لهذا الاعتقاد أيضا، فى أى من الكتب، ولم تؤكدها المصادر الإسلامية أيضا.
 
وهناك قصة شبيهة بالقصة سالفة الذكر، وردت فى عدد من المراجع، تتلخص فى ما قاله الشيخ عبد الرحمن المعلمي فى كتابه “الأضواء الكاشفة”: “جاء جماعة إلى شيخ ليسمعوا منه، فرأوه خارجاً وقد انفلتت بغلته، وهو يحاول إمساكها، وبيده مخلاة [وعاء يجعل فيه العشب] يريها إياها، فلاحظوا أن المخلاة فارغة، فرجعوا ولم يسمعوا منه. قالوا: هذا يكذب على البغلة، فلا نأمن أن يكذب في الحديث”.
 
فيما نسب كتاب ” فوائد وقواعد في الجرح والتعديل” لأبى أسامة إسلام محمد النجار” إلى الحسن بن صالح بن حى، فى تأكيده على أن رواة الحديث كانوا يشددون فى اختيار الرواة أبلغ التشديد.

"رجل يكذب على دابته".. ما هى حقيقة القصة المنسوبة للبخارى؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *