الأدب
100 رواية أفريقية.. “المفسرون” سوينكا يستهزئ بالمثقفين ويصفهم بالمنعزلين
الأديب النجيرى المعروف وول سوينكا، الحائز على جائزة نوبل فى الآداب لعام 1986، كان أحد الأدباء الذين قاموا بنقدًا لاذعًا لمجتمعهم، وجردوا فيه ذلك المجتمع من رؤيته الرومانسية الأسطورية لنفسه وحاضره، ومن تلك الروايات كانت روايته “المفسرون” الصادرة عام 1965.
وهى رواية معقدة ووثائقية، وهي، بحسب البعض، اول رواية افريقية حداثيّة الطابع فعلاً، وترجم هذه الرواية للعربية، الشاعر العراقى سعدى يوسف، بعد عام واحد على فوز مؤلفها بالجائزة الكبيرة. ولعل ما فيها من تأرجح ما بين لغة محليّة ولغة ادبية، فضلاً على تصويرها الثقافة الاسطورية والخرافية الافريقيّة فى سياق تقنية سردية حديثة، يزودنا بمذاق ادب سوينكا وإنشغاله المتواصل بالنزاع متعدد الوجوه ما بين الماضى الكولونيالى والحاضر الإستقلالي، وما بين التقليدى والحديث.
رواية المفسرون
رواية “المفسرون” تقدم بانوراما معينة عن المجتمع النايجيري، من خلال خمسة مثقفين شبان، يحاولون أن يمنحوا حياتهم ومواهبهم معنى، ضمن ظروف عير مواتية، حيث الفساد، والوصولية، والمشكلات المعقدة لمجتمع ما بعد الاستقلال الذى لم يجد طريقه الأفضل بعد، هل بإمكان “رواية النخبة” أن تتجاوز صيغتها لتدخل فى مهمات أوسع؟ ربما كانت هذه المسألة إشكالية “المفسرون” وميزاتها فى آن.
والرواية تدور حول شخصية شاجو المثقف الذى يخترع الفلسفة الإخراجية، يستهزئ ولى سوينكا فيها من وضع المثقفين وانعزالهم عن المجتمع فى موقف كوميدي. فنجد أحد المثقفين يصر على شرح فلسفته الإخراجية لساعى مكتبه، فيقرأ جزءا من الرسالة على الساعى بمصطلحات أكاديمية غامضة ومعقدة لا يفهم الساعى منها شيئا، فالرسالة لا تزيد على كونها شرحا لمزايا التبرز.
ومفاد فلسفته أن التبرز هو أرقى نشاط إنسانى على المستوى الروحى والجسدي. ويعكس شونيكا فى هذا الموقف حذلقة المثقف والهوة التى تفصله عن العامة. يعمل هذا المثقف فى مكان قذر تحيطه القاذورات والماء الآسن الذى تسبح فيه كتل من الروث، وحينما سأل الساعى كيف تعمل وسط هذا العفن، فأجابه: “آه يا سيدي، إن كل من يأتون يقولون هذا فى البداية، ولكن صحتهم تتحسن بعد ذلك ويسمنون على الرائحة”.