الأدب
الحج فى الأديان والطوائف الإبراهيمية.. كيف يحج اليهود والمسيحيون؟
يؤدى آلاف المسلمين هذه الأيام مناسك الركن الأعظم من أركان الإسلام، الحج إلى الأراضى المقدسة بمكة المكرمة، التى تتزامن مع الاحتفال بعيد الأضحى المبارك، ذكرى الذبيح إسماعيل بن إبراهيم، تنفيذا للآية القرانية “وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ”، وتبدأ مناسك الحج فى الثامن من شهر ذى الحجة بأن يقوم الحاج بالإحرام، من مواقيت الحج المحددة، ثم التوجه إلى مكة ليقوم بطواف القدوم، ثم التوجه إلى منى لقضاء يوم التروية ثم التوجه إلى عرفة لقضاء يوم عرفة، بعد ذلك يرمى الحاج الجمرات فى جمرة العقبة الكبرى، ويعود الحاج إلى مكة ليقوم بطواف الإفاضة، ثم يعود إلى منى لقضاء أيام التشريق، ويعود الحاج مرة أخرى إلى مكة ليقوم بطواف الوداع ومغادرة الأماكن المقدسة.
ولا يقتصر الحج كمناسك مقدسة عند المسلمين فقط كأصحاب أحد الأديان الإبراهيمية (نسبة إلى النبى إبراهيم)، فالعديد من الأديان والطوائف الإبراهيمية، لديها مناسك دينية أشبه بالحج، وتختلف كل مناسك من ديانة لأخرى، وخلال التقرير التالى نوضح كيف يحج أصحاب الأديان الإبراهيمية الأخرى غير الإسلام إلى الله، وما هى الشعائر الذى يقومون بها.
اليهودية
لدى اليهود 3 أعياد تعرف بأعياد الحج، ويجب على كل يهودى أن يحج ثلاث مرات فى العام، فى عيد الفصح وعيد الأسابيع وعيد المظال، ولذا؛ تسمى هذه الأعياد بأعياد الحج، وفرضت التوراة على كل يهودى أن يحجّ إلى المعبد المقدس ثلاث مرات فى السنة، كما وبحسب الموسوعة اليهودية أن أداء الحج فرض على الذكور دون الإناث والقاصرين والعرجان والمسنين، والمريض بالعقل والجسم، وكل شخص عليه أن يقدم شيئا لم يُحدد قيمته “صدقة”، وذلك استنادا للنص التوراتى: “ثلاث مرات فى السنة يظهر جميع ذكورك أمام السيد الربّ إله إسرائيل” (الخروج 23:34).
وتكون رحلة الحج لدى المعتقد اليهودى، بزيارة بيت المقدس وبالتحديد حائط المبكى “البراق” أو – الحائط الغربى- وبحسب اعتقادهم المتبقى من هيكل سليمان والذى قد يمثل “كعبة اليهود”- بالمعنى الإسلامى- و”تابوت الرب” ببيت المقدس – القدس-.
ووفقا للمعتقد اليهودى، يعتبر عيد الفصح ذكرى نجاتهم بقيادة النبى موسى من فرعون ملك مصر، فـ”البيساح” الذى يعنى العبور، هو إشارة لعبور ملك العذاب فوق أرض مصر دون المساس باليهود، وأيضًا عبور الشتاء الذى يفسح المجال للربيع وعبور اليهود من العبوديّة إلى الحرية؛ وعبورهم البحر مع موسى.
المسيحية
على الرغم من أن المسيحية لا تحتوى ضمن أركانها المعروفة “التجسد والصلب والقيامة”، إلا إنهم يتجهون دائما لفكرة الحج للأماكن المقدسة لديهم، فإن المسيحيين يشعرون منذ وقت مبكر بالرغبة القوية فى أن يروا بأنفسهم تلك المواقع التى تنقّل فيها المسيح، وربما يأتى ذلك استنادا لقول القديس جيروم “إن من الدين التعبد فى الموضع الذى وطأته قدما المسيح”.
ويتزامن موسم حج مسيحيى الشرق مع موعد عيد القيامة، على فكرة الحج، خاصة كنيسة القيامة، ليشاهدوا معجزة قبر المسيح الذى يضىء فى نفس موعد قيامة المسيح، ويكون من ضمن المناسك المقدسة لديهم التى تبدأ بزفة الآلام فى – أحد الشعانين – زيارة عدة أماكن ذو قدسية لديهم منها كنيسة يوحنا المعمدان وكنيسة المهد ببيت لحم، وصعود جبل التجربة، كما يقوموا بصعود جبل صهيون وزيارة قبر الملك داوود – يتشابه ذلك مع الطقس اليهودى – وأخيرا كنيسة القيامة بالقدس والتى يوجد بها قبر المسيح بحسب معتقداهم.
فيما يتوجه المسحيون من الروم الكاثوليك إلى لورديس فى فرنسا، وتعتبر محطة أساسية للحج لديهم، وتشتهر لورديس حسب مزاعم الروم الكاثوليك بظهور مريم العذراء للقديسة برناديت فى عام 1858، وبعضهم يسافر إلى مدينة الفاتيكان لزيارة كاتدرائية القديس بطرس فى روما التى تستضيف الملايين من الزوار كل عام.
الصابئة
الحج عندهم يسمى مراسيم التعميد (مصباتا) كما فى لغتهم الارامية وهو طقس لغفران الذنوب وتكفير الخطايا واساس تعميدهم يعتمد على الماء “الطمس: طماشا”، والصباغة “مصبُتا”، الأول إرتماس فى الماء يقوم به الشخص بنفسه ويكون بعد الجنابة أو مس الميت مثلا. أما الثانى فهو رسم متكامل لا يجرى إلا بمراسيم ومتطلبات متكاملة.
والتعميد (مصباتا) كما ورد عندهم طقس سماوى أقامه أول مرة الملائكة فى السماء وأولهم الملاك جبرائيل (هيبل زيوا) ويقوم مقامه رجل دين (تاغا) يطهر باقى أبناء الديانة من الدنس والخطايا، ويعتبر عندهم التعميد (مصباتا) حياتا جديدة للفرد ويولد من جديد بعد أن محى كل أخطائه وذنوبه فى الماء الجارى .
ويجب أن يرتدى فيها ملابس حلة النور وهى القميص الطويل والسروال والنصيف والحزام “هميانا” والعمامة للرجل أو الشال للمرأة، والتعميد يكون منفصلا فلا تعميد مشترك بين النساء والرجال، ويجب ان يكون علنيا. وهو يقام ثلاث مرات فى حياة الفرد اولا فى الشهر الأول من حياته ويقوم الأب بالترديد بالأدعية والصلوات بدل ابنه والثانية فى السادسة من العمر والثالثة حين يبلغ أشده ويتزوج، ولديهم طقوس تعميد أخرى فى الأعياد والمناسبات أيضا.
البهائية والبابية الأزلية
يعتبر الحج فى كل من البهائية أو البابية أو الأزلية نفس الشيء تقريبا نظرا لأن كل تلك الديانات انبثقت من الديانة البابية، وتتفق تلك الديانات الثلاثة فى الحج على زيارة بيت الباب فى شيراز والذى قد تم هدمه من قبل الحكومة الإيرانية.
فى البهائبة نوعان من الحج، النوع الأصلى الذى أقره بهاء الله فى كتبه مثل الكتاب الأقدس وألواح أخرى له، النوع الثانى وهو الحج الموجود حاليا والتى أقرته الجامعة البهائية العالمية نظرا لأن الأماكن المقدسة التى أقرها بهاء الله لم تكن موجودة فى الوقت الحاضر وتم إزالتها.
يقوم الحج فى العقيدة البابية على أساس فرضه على الرجال دون النساء، ويكون الحج المفروض للبيت الذى ولد فيه الباب، وقـد أعفى النساء من الحج إلا نسـاء شيراز فإنـه أبـاح لهن الزيارة والطوائف ليلاً فقط، وقد حرم الباب الإنابة فى الحج، كمـا أنـه أبطـل الحج الإسلامى إلى بيت الله الحرام بمكة ونسخة تماماً.
السامرية
يحج السامرى ثلاث مرات فى السنة هي: حج الفطير، وحج الأسابيع، وحج المظال “العرش”. وينعقد الحج عادة وإلزاما على جبل جرزيم، حيث الأماكن المقدسة للسامريين، خاصة هيكل سيدنا موسى، الذى بناه فى سيناء ونقله، حسب الرواية السامرية يهوشع بن نون إلى جبل جرزيم، وكذلك مذبح سيدنا اسحق، حيث نوى سيدنا إبراهيم التضحية بابنه اسحق (إسماعيل، حسب الرواية الإسلامية) فدية لله تعالى، الذى افتداه إلهه بكبش.