الأدب
كيف استقبل المسلمون عيد الأضحى قديما فى أزمنة الأوبئة؟
كيف احتفل المسلمون بعيد الأضحى قديما وقت الأوبئة؟ هل أقاموا الأضحية؟ هل أقاموا صلاة العيد وأداء فريضة الحج؟، كل هذه الأسئلة هى مسار تساؤلات البعض فى ظل الأوضاع الصعبة التى خلفها فيروس كورونا المستجد، فتسبب فى إلغاء مظاهر الاحتفال بشهر رمضان وبعيد الفطر المبارك، القرارات الحكومية فى أغلب البلدان الإسلامية، جعلت الجميع يقضى رمضان وعيد الفطر فى المنزل، وبسبب الوباء أيضا سوف يقام موسم حج استثنائى خوفا من تفشى عدوى الإصابة بـ”كوفيد-19″ بين الحجيج، وهي الواقعة التي يعتقد البعض أنها الأولي في التاريخ الإسلامي، خاصة وأن كتب التاريخ لم تذكر صراحة هذه الواقعة، إلا أن المؤرخين سجلوا عددا من وقائع الطاعون والأوبئة التي ضربت البلاد وأدت لتوقف الحياة والشعائر تماما.
مآتم وكآبة
تذكر العديد من المراجع، أن فورات الطاعون ضربت الشام ومصر، بين سنتيْ 114 و119هـ التي حصل فيها طاعون جارف بالبصرة، وفي عام 125هـ؛ وقع وباء في الشام فألجأ بيت الحُكم إلى أن يعقدوا بيعة الخلافة ليزيد بن الوليد (ت 126هـ) في البادية، ويقول الذهبي -في السير- إنه “توفي يوم الأضحى بالطاعون”. وتشير بعض المصادر -بينها ‘الكامل في التاريخ‘ لابن الأثير (ت 630هـ- إلى أن هذا الوباء مكث سبع سنين في الشام ومصر وشمال أفريقيا.
بحسب كتاب “الموت فى مصر والشام: النكبات الديموجرافية فى العهد المملوكى، الجزء الأول، أكد الباحث بلقاسم المملوكى، أنه فى عام 873 هـ/ 1473م، كان الطاعون فى ذروة نشاطه، وأقبل عيد الأضحى، فكان أشبه بالمأتم لما طرق الخلق من الحزن والكآبة، وتصور المصادر الأجواء النفسية التى سادت السلطنة خلال الطاعون العام، إذ كانت أشبه بأجواء الرحيل، الذى لا لقاء بعده، فالاستعدادات حثيثة من قبل الجميع لمغادرة الدنيا “الزائفة” والتجهيز للآخرة، وأقبل على التقوى والإقبال على العبادة وتعاليم الشرع، وتسبب هذه الموجة المفاجئة والكاسحة من المرض بلزوم الصلاة والدعاء ، وصحب ذلك زهد فى الحياة وأعراض عن متعها ولذائذها.
إلغاء الأضحى وظهور الجفاف
ووفقا لكتاب ” مقدمة تحقيق كتاب التقاط الدرر ومستفاد المواعظ والعبر من أخبار وأعيان المائة الحادية والثانية عشر” لمحمد بن الطيب القادرى، فأن المسلمون لم يضحوا فى عيد الأضحى لسنة 1088م، حيث ارتفع ثمن رؤوس الغنم ولم يضح الناس في عيد الأضحى لهذه السنة، حيث قد ظهر وباء الطاعون وانتشر الجراد بمجموع المغرب، ومصر، وضرب البلاد الجفاف سنة 1091م.
وجاء فى عدد من المراجع أن وباء الكوليرا انتشر فى مصر فى القرن التاسع عشر، وكان في منتصف شهر رمضان، واستمر المرض حتى عيد الاضحى من نفس العام، وحسبما ذكر الكاتب الصحفى الكبير صلاح عيسى فى كتابه “هوامش المقريزى”، كانت الكوليرا ظهرت بشائرها فى مايو عام 1896م، واحدة من أقسى وأضرى هجمات الوباء على مصر، وفى عيد الأضحى من العام سالف الذكر حدث هياج شديد فى مصر القديمة، فقد أتلف الأطباء خبزا وقمخحا لأحد الأهالى بدعوى أنه ملوث، وأحتج الناس، وهجم عليه الفقراء، ولم تكن تصرفات الناس تخلفا – على حد وصف المؤلف – لكنهم وهم يواجهون الموت بالوباء والجوع.
إلغاء صلاة العيد وتعطل الحج
تعطلت إقامة صلاة العيد وإقامة شعائر الحج أكثر من مرة بسبب الأوبئة والطواعين، ففي منتصف العصر الأيوبي عام 597 هـ، شهدت مصر أيضا فترة “الشدة المستنصرية”، والتي كان الناس يأكلون بعضهم خلالها، ورغم ذلك لم تشر كتب التاريخ لإلغاء الشعائر، خاصة صلاة العيد بقرار رسمي، لكنها أكدت أن الأزمة التي شهدتها البلاد كانت تمنع الناس من أداء الشعائر في المساجد.
وبحسب الموقع الرسمى لدارة الملك عبد العزيز السعودية، ، فإن أن عام 1246 هجري شهد تفشياً لوباء قادم من الهند، تسبب بمقتل ما لا يقل عن ثلاثة أرباع الحجاج المتوافدين آنذاك، وتم إيقاف الحج على إثره.
وفي عام 1814، تفشى الطاعون في حجاج بيت الله، وأهالي منطقة الحجاز بأكملها وأباد الآلاف من السكان والحجيج، فأوقف الحج هذا العام وتوقف الطواف حول الكعبة عدة أيام، وفي نهاية القرن الـ19، تفشى وباء الكوليرا القاتل في موسم الحج، وتسبب في وفيات بين الحجيج على جبل عرفات، وبلغ ذروة وفياته في مِنى، ليتم إيقاف الحج على إثره.
وشهدت مواسم الحج حتى عام 1840 مواسم متقطعة لتفشي الوباء، وكذلك في الفترة من عام 1846 إلى عام 1850م، بسبب تفشى وباء الكوليرا، كما تسبب تفشى وباء الكوليرا عام 1883م فى مصر مصر بعمل إجراءات لمنع المساكين والفقراء من الذهاب للحج في موسم 1884م.