الأدب
نسب الرسول عليه الصلاة والسلام.. ما يقوله التراث الإسلامى
تناولت كتب التراث نسب سيدنا النبى عليه الصلاة والسلام، فهو سيد ولد آدم وفخرهم فى الدنيا والآخرة أبو القاسم، وأبو إبراهيم، محمد، وأحمد، والماحى: الذى يمحى به الكفر، والعاقب: الذى ما بعده نبى، والحاشر: الذى يحشر الناس على قدميه، والمقفى، ونبى الرحمة، ونبى التوبة، ونبى الملحمة، وخاتم النبيين، والفاتح، وطه، ويس، وعبد الله.
يقول كتاب البداية والنهاية لـ الحافظ ابن كثير تحت عنوان “كتاب سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم”
قال البيهقي: وزاد بعض العلماء فقال: سماه الله فى القرآن رسولا نبيا أمينا شاهدا مبشرا نذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، ورؤوفا رحيما، ومذكرا، وجعله رحمة ونعمة، وهاديا.
وسنورد الأحاديث المروية فى أسمائه عليه الصلاة والسلام فى باب نعقده بعد فراغ السيرة، فإنه قد وردت أحاديث كثيرة فى ذلك، اعتنى بجمعها الحافظان الكبيران أبو بكر البيهقى، وأبو القاسم ابن عساكر.
وأفرد الناس فى ذلك مؤلفات، حتى رام بعضهم أن يجمع له عليه الصلاة والسلام ألف اسم، وأما الفقيه الكبير أبو بكر ابن العربى المالكى، شارح الترمذى بكتابه الذى سماه (الأحوذى) فإنه ذكر من ذلك أربعة وستين اسما، والله أعلم.
وهو ابن عبد الله، وكان أصغر ولد أبيه عبد المطلب، وهو الذبيح الثانى المفدى بمائة من الإبل كما تقدم.
قال الزهرى: وكان أجمل رجال قريش، وهو أخو الحارث، والزبير، وحمزة، وضرار، وأبى طالب، واسمه: عبد مناف، وأبى لهب: واسمه عبد العزى، والمقوم: واسمه عبد الكعبة، وقيل: هما اثنان، وحجل: واسمه المغيرة، والغيداق: وهو كبير الجود، واسمه: نوفل، ويقال: إنه حجل. فهؤلاء أعمامه عليه الصلاة والسلام.
وعماته ست وهن: أروى، وبرة، وأميمة، وصفية، وعاتكة وأم حكيم، وهى البيضاء، وسنتكلم على كل منهم فيما بعد إن شاء الله تعالى.
كلهم أولاد عبد المطلب واسمه: شيبة، ويقال: لشيبة كانت فى رأسه، ويقال: له شيبة الحمد لجوده، وإنما قيل له عبد المطلب لأن أباه هاشما لما مر بالمدينة فى تجارته إلى الشام، نزل على عمرو بن زيد بن لبيد بن حرام بن خداش بن خندف بن عدى بن النجار الخزرجى النجارى، وكان سيد قومه فأعجبته ابنته سلمى فخطبها إلى أبيها فزوجها منه، واشترط عليه مقامها عنده.
وقيل: بل اشترط عليه أن لا تلد إلا عنده بالمدينة، فلما رجع من الشام بنى بها، وأخذها معه إلى مكة، فلما خرج فى تجارة أخذها معه وهى حبلى، فتركها بالمدينة ودخل الشام، فمات بغزة ووضعت سلمى ولدها فسمته شيبة، فأقام عند أخواله بنى عدى بن النجار سبع سنين، ثم جاء عمه المطلب بن عبد مناف فأخذه خفية من أمه فذهب به إلى مكة، فلما رآه الناس ورأوه على الراحلة قالوا من هذا معك؟
فقال: عبدى، ثم جاؤا فهنؤه به، وجعلوا يقولون له: عبد المطلب لذلك، فغلب عليه وساد فى قريش سيادة عظيمة، وذهب بشرفهم ورئاستهم، فكان جماع أمرهم عليه، وكانت إليه السقاية والرفادة بعد المطلب، وهو الذى جدد حفر زمزم بعد ما كانت مطمومة من عهد جرهم، وهو أول من طلى الكعبة بذهب فى أبوابها من تينك الغزالتين اللتين من ذهب، وجدهما فى زمزم مع تلك الأسياف القلعية.
قال ابن هشام: وعبد المطلب أخو أسد، وفضلة، وأبى صيفى، وحية، وخالدة، ورقية، والشفاء، وضعيفة، كلهم أولاد هاشم واسمه: عمرو، وإنما سمى هاشما: لهشمه الثريد مع اللحم لقومه فى سنى المحل، كما قال: مطرود بن كعب الخزاعى فى قصيدته، وقيل: للزبعرى والد عبد الله:
عمرو الذى هشم الثريد لقومه * ورجال مكة مسنتون عجاف
سنت إليه الرحلتان كلاهما * سفر الشتاء ورحلة الأصياف
وذلك لأنه أول من سن رحلتى الشتاء والصيف، وكان أكبر ولد أبيه.
وحكى ابن جرير: أنه كان تؤام أخيه عبد شمس، وأن هاشما خرج ورجله ملتصقة برأس عبد شمس، فما تخلصت حتى سال بينهما دم، فقال الناس: بذلك يكون بين أولادهما حروب، فكانت وقعة بنى العباس مع بنى أمية بن عبد شمس سنة ثلاث وثلاثين ومائة من الهجرة.
وشقيقهم الثالث: المطلب، وكان المطلب أصغر ولد أبيه، وأمهم عاتكة بنت مرة بن هلال.
ورابعهم: نوفل من أم أخرى وهى: واقدة بنت عمرو المازنية، وكانوا قد سادوا قومهم بعد أبيهم، وصارت إليهم الرياسة، وكان يقال لهم المجيرون، وذلك لأنهم أخذوا لقومهم قريش الأمان من ملوك الأقاليم ليدخلوا فى التجارات إلى بلادهم، فكان هاشم قد أخذ أمانا من ملوك الشام والروم وغسان، وأخذ لهم عبد شمس من النجاشى الأكبر ملك الحبشة، وأخذ لهم نوفل من الأكاسرة، وأخذ لهم المطلب أمانا من ملوك حمير، ولهم يقول الشاعر:
يا أيها الرجل المحول رحله * ألا نزلت بآل عبد مناف
وكان إلى هاشم السقاية والرفادة بعد أبيه، وإليه وإلى أخيه المطلب نسب ذوى القربى، وقد كانوا شيئا واحدا فى حالتى الجاهلية والإسلام لم يفترقوا، ودخلوا معهم فى الشعب وانخذل عنهم بنو عبد شمس ونوفل، ولهذا يقول أبو طالب فى قصيدته:
جزى الله عنا عبد شمس ونوفلا * عقوبة شر عاجلا غير آجل
ولا يعرف بنو أب تباينوا فى الوفاة مثلهم، فإن هاشما مات بغزة من أرض الشام.
وعبد شمس مات بمكة، ونوفل مات بسلامان من أرض العراق، ومات المطلب وكان يقال له القمر لحسنه بريمان من طريق اليمن، فهؤلاء الأخوة الأربعة المشاهير وهم: هاشم، وعبد شمس، ونوفل، والمطلب، ولهم أخ خامس ليس بمشهور – وهو أبو عمرو واسمه: عبد، وأصل اسمه: عبد قصي.
فقال الناس: عبد بن قصى درج ولا عقب له، قاله الزبير بن بكار وغيره.
وأخوات ست وهن: تماضر، وحية، وريطة، وقلابة، وأم الأخثم، وأم سفيان، كل هؤلاء أولاد عبد مناف، ومناف اسم صنم، وأصل اسم عبد مناف المغيرة، وكان قد رأس فى زمن والده، وذهب به الشرف كل مذهب، وهو أخو عبد الدار الذى كان أكبر ولد أبيه، وإليه أوصى بالمناصب كما تقدم.
وعبد العزى، وعبد، وبرة، وتخمر، وأمهم كلهم: حبى بنت حليل بن حبشى بن سلول بن كعب بن عمرو الخزاعي، وأبوها آخر ملوك خزاعة، وولاة البيت منهم، وكلهم أولاد قصى واسمه: زيد. وإنما سمى بذلك لأن أمه تزوجت بعد أبيه بربيعة بن حزام بن عذرة فسافر بها إلى بلاده وابنها صغير فسمى قصيا لذلك.
ثم عاد إلى مكة وهو كبير، ولم شعث قريش وجمعها من متفرقات البلاد، وأزاح يد خزاعة عن البيت وأجلاهم عن مكة، ورجع الحق إلى نصابه، وصار رئيس قريش على الإطلاق، وكانت إليه الوفادة والسقاية، وهو سنها، والسدانة، والحجابة، واللواء، وداره دار الندوة كما تقدم بسط ذلك كله، ولهذا قال الشاعر:
قصى لعمرى كان يدعى مجمعا * به جمع الله القبائل من فهر
وهو أخو زهرة كلاهما ابنا كلاب أخى تيم، ويقظة أبى مخزوم ثلاثتهم أبناء مرة أخى عدى وهصيص، وهم أبناء كعب وهو الذى كان يخطب قومه كل جمعة، ويبشرهم بمبعث رسول الله ﷺ وينشد فى ذلك أشعارا كما قدمنا، وهو أخو عامر، وسامة، وخزيمة، وسعد، والحارث، وعوف، سبعتهم أبناء لؤى أخى تيم الأدرم، وهما ابنا غالب أخى الحارث، ومحارب ثلاثتهم أبناء فهر، وهو أخو الحارث، وكلاهما ابن مالك، وهو أخو الصلت ويخلد، وهم بنو النضر الذى إليه جماع قريش على الصحيح كما قدمنا الدليل عليه.
وهو أخو مالك، وملكان، وعبد مناة وغيرهم، كلهم أولاد كنانة أخى أسد، وأسدة، والهون، أولاد خزيمة – وهو أخو هذيل – وهما: ابنا مدركة، واسمه: عمرو أخو طابخة، واسمه: عامر وقمعة، ثلاثتهم أبناء إلياس.
وأخى إلياس هو غيلان والد قيس كلها، وهما ولدا مضر أخى ربيعة.
ويقال لهما: الصريحان من ولد إسماعيل وأخواهما أنمار وإياد تيامنا، أربعتهم أبناء نزار أخى قضاعة فى قول طائفة ممن ذهب إلى أن قضاعة حجازية عدنانية، وقد تقدم بيانه كلاهما أبناء معد بن عدنان.
وهذا النسب بهذه الصفة لا خلاف فيه بين العلماء، فجميع قبائل عرب الحجاز ينتهون إلى هذا النسب.