الأدب

الحسد فى الحضارات القديمة.. عين حورس تقى الفراعنة من الشر

اتفق البشر، منذ القدم،  على الخوف من “الحسد”، ومهما اختلفت الثقافات أو الحضارات، ظهر ذلك المفهوم بين الجميع باعتباره شرا كبيرا، واقترن هذا المعتقد ببعض الممارسات والتعبيرات التى ظهرت مع الحضارات القديمة، حتى أن كثيرًا منها لا يزال يستخدم حتى اليوم.
 
وأثارت وفاة طالب الثانوية العامة المتفوق الذى كاد أن يحقق حلمه ويدخل كلية الطب فى حادث طريق، وبعدها وفاة اليوتيوبر الشهير مصطفى الحفناوى، على أثر إصابته بجلطة فى المخ تأخر تشخصيها، الجدل حول تسبب الحسد وعين “الحسود” فى ذلك، وتحدث بعض رواد السوشيال.
 
تعاويذ للحسد
 
وتاريخيا، لم تكن هذه الفكرة معروفة فى الأمريكتين وجزر المحيط الهادى وآسيا، ودول جنوب الصحراء الكبرى الأفريقية وأستراليا، تحديدا بين الشعوب الأصلية لهذه المناطق، حتى دخول الثقافة الأوروبية لها أما عن منشأ فكرة الحسد، فيعتقد بعض العلماء أنها نشأت فى صحارى الشرق الأوسط، تحديدا فى الحضارة السومرية القديمة، ولذلك فإنه ينظر بعضهم إلى الحسد باعتباره فكرة ذات جذور سامية، وأيضا ظهرت فكرة الحسد فى الحضارات الفرعونية واليونانية والرومانية.
 
لكن كيف نظر العالم القديم إلى الحسد، وما الاعتقادات والمظاهر التى قام بها الإنسان الأول من أجل الوقاية من شرور الحسد؟
 

الفراعنة

عين حورس
 
أعطت الحضارة المصرية القديمة، منذ نشأتها قبل نحو 7 آلاف سنة اهتمامًا كبيرًا لـ”الحسد”، ففى أسطورة إيزيس وأوزوريس، لم يستعد حورس حكمه على مصر إلا من خلال عين سحرية زرقاء “عين حورس”، تمكن بفضل قوتها من هزيمة عمه “ست”، وإنقاذ بلاده.
وكانت “عين حورس”، رمزًا يخدم الشعائر والمعتقدات المصرية القديمة فى الحياة والبعث على حد سواء، لأنَّ قدماء المصريين آمنوا بأنها تحمى من يرتدى قلادتها من الأرواح الشريرة ومن المرض، كما كانت القلادة توضع على صدر مومياء فرعون فى القبر لتحميه من أعدائه.
 

السومريون

عين الموت
 
برز فى الحضارة السومرية القديمة، استخدام مصطلح “عين الموت” لإيضاح مدى تأثير الحسد فى ضحيته، وأسوة بقصة حورس، ظهرت “عين الموت” مرتين فى قصة الإلهة إنانا، إلهة الحب عند السومريين، خلال رحلتها للعالم السفلي، أولاهما عندما سقطت ضحية العين الشريرة لآلهة “أنونا”، والمرة الثانية عندما قضت على زوجها “دوموزي” بعينها القاتلة.
 
ويشير المؤرخ زاكارياس كوتزيه فى دراسته “العين الشريرة عند آلهة السومريين”، المنشورة فى 2017، إلى أن “السومريين ألفوا قصصًا أسطورية عن آلهة يموتون بسبب “العين الشريرة”، كما فسروا الظواهر الطبيعية كالزلازل والعواصف والفيضانات كنتيجة للتعرض لهذه العين”، مضيفًا: “العين الشريرة كانت فى الحقيقة معتقدًا أساسيًا فى الثقافة السومرية، وهو ما ظهر فى آدابهم”.
 

الإغريق

لوحة من أنطاكية صنعت من الفسيفساء في العهد الروماني تصور عدد كبير من الأدوات المستخدمة للحماية ضد العين.
 
لم يختلف اليونانيون والرومان عن السومريين والفراعنة فى توظيف الآلهة للحماية من الحسد، فيقول المؤرخ الرومانى الأشهر بلينيوس الأكبر فى كتابه” التاريخ الطبيعي” إن الإله “فاشينوس”، كان يحمى من العين الشريرة، إضافةً لممارسات أخرى ظهرت وقتها، مثل وضع رمز للقضيب فى حدائق البيوت واستخدام شكل من الجراد للوقاية من العين الشريرة.
 
وبحسب تصريحات صحفية للدكتور عبد السميع محمود شحاتة، أستاذ التاريخ الرومانى واليونانى بجامعة المنوفية، فأن الآداب اليونانية صورت الشخص “المحسود” بأنه إنسان متواكل وكسول ويفتقر للشجاعة، وبالتالى فإن الشر الذى يصيبه يكون نتيجة أعماله، مضيفًا أن الثقافة اليونانية رأت أن الشخص الذى يحقد بسبب الثروة أو المجد الذى يتمتع به غيره، إنسان سيىء يستحق ما يحدث له من مصائب.

الحسد فى الحضارات القديمة.. عين حورس تقى الفراعنة من الشر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *