الأدب
لبنان فى عهد العثمانيين.. حملة روسية واحتلال فرنسى فلماذا يدَّعون حمايته؟
حجة المدافعين عن الدولة العثمانية هى حماية ولاياتها من الأعداء، وأنها كانت حائط الصد والأمان للدول العربية والإسلامية التى وقعت تحت سيطرتها من الاحتلال الأجنبى، لكن بالنظر إلى الأحداث والوقائع التاريخية المشهورة فيبدو أنها أكاذيب وأوهام ليس لها علاقة بالواقع.
فدولة مثل لبنان، منذ أن كانت تمثل جزءا من ولاية سورية العثمانية، تعرضت للاحتلال الروسى فى أيام الدولة القيصرية، كذلك قامت فرنسا باحتلال بيروت، رغم تواجد الجيش العثمانى، الذى تنازل عنها معلنا بداية الانتداب الفرنسى على لبنان.
وبحسب عدد من الدراسات، شهد لبنان تدخلا روسيا منذ قرنين ونيف من الزمن، وذلك حينما احتلت روسيا مدينة بيروت الواقعة تحت سيطرة الدولة العثمانية وقتذاك، دون أن تقوم الدولة العثمانية بالدفاع عن المدينة الساحلية، وتركتها للغزاة الروس طيلة عامين.
منذ بدايات القرن الثامن عشر بدأت الإمبراطورية العثمانية عصر الاضمحلال، بالتزامن مع صعود الإمبراطورية الروسية، وقد شجعت بريطانيا صعود روسيا القيصرية حتى تلعب لعبة فرق تسد مع العثمانيين والفرس.
مع وصول الروس إلى ساحل المتوسط الشرقي، تحرّك ظاهر العمر وحلفاؤه واحتلوا بيروت في أكتوبر 1772 وهزموا الأمير يوسف الشهابي وآل جنبلاط، حكام جبل لبنان المتحالفين مع أحمد باشا الجزار، الوافد الجديد إلى بيروت قادمًا من القاهرة بتأييد عثماني واسع.
نقرأ في كتاب تاريخ الأمير حيدر، للأمير حيدر بن أحمد الشهابي: “كان بين ظاهر العمر والمسكوب (المسمى العربي للروس وقتذاك) عهود واثقة، ملكتهم كاترين أصدرت الأمر لأميرال سفنها في البحر الأبيض بأن تسير إلى ما يطلب ظاهر العمر. فأقام الحصار على بيروت برًا وبحرًا، ودام ذلك الحصار على المدينة نحو أربعة أشهر، فتضايق الجزار ومَن معه من شدة الحصار، وصادف جوعًا شديدًا حتى أكلوا الخيل والدواب”.
وفى فترة ضعف الدولة العثمانيّة أخذت الدول الأوروبيّة الكبرى تتصل بالقوى المحليّة فى لبنان، وبدأت تحرضهم ضدها لتنال من ضعفها، كما أن بعض القوى المحليّة أخذت تتصل بالدول الأوروبيّة لتدعم مكانتها المحليّة ضد القوى المحليّة الأخرى المنافسة لها.
وبقى لبنان تحت الحكم العثمانى حتى نهاية الحرب العالمية الأولى حيث انسحبت القوات التركية وتنازلت عن لبنان للفرنسيين، وحلت محلها القوات الفرنسية، وأثناء الحرب الإيطالية التركية، وصلت السفن الحربية الإيطالية عام 1912 إلى مقربة من بيروت وأطلقت نيرانها على السفن التركية الراسية فى الميناء، مما سمح لفرنسا بالإعلان أن لها مصالح خاصة فى سوريا ولبنان وأنها لن تتخلى عن مواقعها التقليدية فيهما ولا عن حقها بالدفاع عن مصالحها، إقتسمت بريطانيا وفرنسا بلاد الشام والعراق، ووقع لبنان وسوريا تحت الإستعمار الفرنسي. وفى عام 1926 انشأ الفرنسيون الجمهورية اللبنانية، والتى تعبر بداية التاريخ الحديث للبنان وانتخب شارل دباس كأول رئيس للبنان.