المحكمة الدولية إدانة عضو في «حزب الله» باغتيال رفيق الحريري
أدان قضاة المحكمة الخاصة بلبنان أمس، المتهم الرئيسي في تفجير عام 2005 الذي أودى بحياة رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، وبرأت ثلاثة متهمين آخرين. وحددت المحكمة 21 سبتمبر، موعداً لإصدار العقوبة، فيما أعلن رئيس الحكومة السابق سعد الحريري باسم عائلة الحريري قبول قرار المحكمة، كما اعتبرت المملكة العربية السعودية الحكم بداية لتحقيق العدالة، وطالبت بمعاقبة «حزب الله».
وقال رئيس المحكمة القاضي ديفيد راي في ختام نص حكم استغرقت تلاوته ثلاث ساعات «تعلن غرفة الدرجة الأولى سليم عياش مذنباً بما لا يرقى إليه الشك بصفته شريكاً في ارتكاب عمل إرهابي باستخدام مادة متفجرة، وقتل رفيق الحريري عمداً، وقتل 21 شخصاً غيره، ومحاولة قتل 226 شخصاً»، هم الجرحى الذين أصيبوا في التفجير الذي قتل فيه الحريري في 14 فبراير 2005. وأضاف أن المتهمين الآخرين حسن حبيب مرعي وحسين حسن عنيسي وأسد صبرا «غير مذنبين في ما يتعلق بجميع التهم المسندة إليهم».
وقالت المحكمة في قرارها إن «الاغتيال عمل سياسي أداره هؤلاء الذين شكل الحريري تهديداً لهم».
تصفية سياسية
وأضافت المحكمة أن المتهمين «تورطوا في المؤامرة على الأقل يوم 14 فبراير 2005 والفترة التي سبقتها، والأدلة لا تثبت على نحو مؤكد مَن وجهّهم على قتل الحريري ثم تصفيته كخصم سياسي». وذكرت أن «المحكمة تشتبه بأن لسوريا وحزب الله دوافع لاغتيال» الحريري، «لكن ليس هناك دليل على أن قيادة حزب الله كان لها دور في الاغتيال»، و«ليس هناك دليل مباشر على ضلوع سوريا في الأمر».
وقال رئيس المحكمة بعد بدء جلسة النطق بالحكم، إن اغتيال الحريري عملية إرهابية تم تنفيذها لأهداف سياسية. وأضافت المحكمة إنه لا توجد أدلة بخصوص تورط 3 متهمين آخرين في القضية. وقالت إن الادعاء أظهر أن المشتبه بهم استخدموا هواتف محمولة لتنسيق الهجوم، لكنه لم يربط بشكل كافٍ بين المشتبه بهم وإعلان مسؤولية كاذب جاء بعد الهجوم مباشرة من أشخاص لا بد وأنهم كانوا يعرفون أن الحريري سيُقتل.
وقررت المحكمة أن «حسن مرعي وحسين عنيسي وأسد حسن صبرا غير مذنبين في جميع التهم المسندة إليهم».
هواتف محمولة
واستند المدعون في قضيتهم إلى حد كبير على بيانات من هواتف محمولة يعتقد أن متآمرين استخدموها للتخطيط للتفجير. وخلال المحاكمة، التي بدأت عام 2014 واستغرقت 415 يوماً من الجلسات، استمعت المحكمة في لاهاي إلى أدلة من 297 شاهداً، وفي البداية حوكم 5 مشتبه بهم جميعهم أعضاء في «حزب الله». وأُسقطت التهم الموجهة إلى مصطفى بدر الدين، أحد كبار القادة العسكريين للجماعة، بعد مقتله في سوريا عام 2016.
أما المتهمون الباقون هم سليم عياش، المعروف بـ «أبو سليم»، وأسعد صبرا، وحسن عنيسي، الذي غير اسمه إلى حسن عيسى، وحسن حبيب مرعي، وهم متهمون بارتكاب جرائم من بينها التآمر لارتكاب عمل إرهابي.
وستعقد جلسات استماع في وقت لاحق لتحديد العقوبات بحق المدانين. وليس هناك عقوبات إعدام في نظام المحكمة المدعومة من الأمم المتحدة، وتصل العقوبة القصوى للسجن مدى الحياة.
قبول القرار
واعتبر رئيس الحكومة السابق سعد الحريري أن المحكمة كشفت الحقيقة، معلناً باسم عائلته وعائلات الضحايا قبول الحكم. وقال الحريري في مؤتمر صحافي عقده في لايدشندام حيث مقر المحكمة قرب لاهاي «المحكمة حكمت ونحن باسم عائلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري وباسم عائلات الشهداء والضحايا نقبل حكم المحكمة، ونريد تنفيذ العدالة»، مضيفاً «عرفنا الحقيقة اليوم جميعاً وتبقى العدالة التي نريد أن تنفّذ مهما طال الزمن».
وقال الحريري إن «أهمية الحكم تكمن في أنه رسالة لمن نفذوا وخططوا للجريمة بأن عهد مرور الجرائم السياسية من دون عقاب قد ولى»، وأضاف: «المطلوب منه أن يضحّي اليوم هو حزب الله، والذي صار واضحاً أن المتسبّبين من صفوفه ويعتقدون أنه لن ينفذ فيهم القصاص ونقول لن نستكين حتى ينفذ القصاص».
زيارة القبر
وتجمع العشرات من أنصار الحريري، أمس، للصلاة عليه عند قبره وسط بيروت بعد فترة وجيزة من صدور حكم المحكمة. وزار وفد موسع من كتلة المستقبل والمكتبين السياسي والتنفيذي والأمانة العامة، تتقدمه النائبة بهية الحريري شقيقة رئيس الوزراء الراحل ضريح رفيق الحريري.
واعتبرت المملكة العربية السعودية الحكم «ظهوراً للحقيقة وبداية لتحقيق العدالة بملاحقة المتورطين وضبطهم ومعاقبتهم».
ونقلت وكالة الأنباء السعودية عن وزارة الخارجية قولها إن «حكومة المملكة العربية السعودية بدعوتها لتحقيق العدالة ومعاقبة حزب الله وعناصره الإرهابية، تؤكد ضرورة حماية لبنان والمنطقة والعالم من الممارسات الإرهابية لهذا الحزب الذي يُعتبر أداة للنظام الإيراني وثبت ضلوعه في أعمال تخريبية وإرهابية في بلدان عديدة، وكانت جريمة اغتيال رفيق الحريري إحداها وأكثرها تأثيراً على أمن واستقرار لبنان».