أخبار مصر

سامي شرف يكتب: عبد الناصر والقوى الناعمة (3-3)

عبدالناصر .. وعبدالوهاب
أما الموسيقار الكبير الدكتور عبدالوهاب ـ محمد عبدالوهاب محمد أبو عيسى حجر وهو من مواليد 1901 فى حى
باب الشعرية ، 24 شارع الشعرانى الجوانى ، والده إمام وخطيب مسجد الشعرانى ووالدته من بنى عياض مركز أبو كبير
شرقية ـ فإن علاقته بعبد الناصر بدأت مع قيام الثورة ، وبعد لقائه الأول معه غنّى :
« كانت الدنيا ظلاماً قبله.. وهو يهدى بخطاه الحائرينا» للشاعر محمود حسن إسماعيل.
ومنذ 1954 لم ينقطع عطاء محمد عبدالوهاب هذا الفنان العظيم لوطنه ولأمته العربية، وتعمقت العلاقة بينه وبين
الرئيس جمال عبدالناصر ، ولعلنا كلنا نذكر مقولة محمد عبدالوهاب:
« فى عيد الثورة سنة 1954 غنيت فى حفل عام بعد انقطاع طويل عن الغناء فى الحفلات، لكن بعد ذلك قويت العلاقة
كثيراً بينى وبين جمال عبدالناصر وأحبنى كثيراً جداً وأحببته كثيراً جداً». وقد ترجم عبدالوهاب حبه لوطنه وإيمانه بعروبته فى الكثير من الأغانى والأناشيد التى لا تحصى ، ويكفى أن أقول إنه فى سنة 1967 تصادف أن كان عبدالوهاب فى بيروت وحالت ظروف الحرب دون أن يعود إلى القاهرة ، إلا أنه أبى إلا أن يدلى بصوته فيما حدث حيث قام مع
الإخوان رحبانى بتلحين وتوزيع:
« طول ما أملى معايا وفى إيديا سلاح ..»
كان الرائد فى أن يجعل الشعر الفصيح فى جمال موسيقاه وجمال صوته ، يتردد على ألسنة الناس والجماهير العريضة.
وبذلك ترددت أشعار أحمد شوقى بك على ألسنة كل الناس :
« يا جارة الوادى طربت وعادنى ..» ـ « سلام من صبا بردى أرق ..»
وأشعار على محمود طه :
« الجندول»، «ليالي كليوباترا»
وأشعار محمود حسن إسماعيل : دعاء الشرق، وبشارة الخورى: الصبا والجمال، جفنه علم الغزل، الهوى والشباب، وإيليا أبو ماضى : لست أدري، وأشعار العامية الرفيعة : من أحمد شوقى : فى الليل لما خلى، بلبل حيران، ولأحمد رامى : الشك يحيى الغرام، والظلم ده كان ليه، وللسفير أحمد عبدالمجيد : « كلنا نحب القمر» ـ « مين عذّبك».
وأحمد عزت الهجين : « أمانة يا ليل».
ولسعيد عبده : « أهون عليك» .
ومحمود أبو الوفا : « عندما يأتى المساء» .
ولشوقى : « سهرت من الليالى».
محمد عبدالوهاب قال : « الفن اللى يتعمل للصفوة مهما كان صعب سوف يعيش لأن الشعب مع الوقت يستوعب الفن
الرفيع».
الغناء الراقى تبنيه الكلمات الراقية والموسيقى الراقية والأداء الراقى والجمهور طرف رابع فى ترقية الفن ، ولم يتقوقع محمد عبدالوهاب بل عايش الأحداث .. عايش عبدالوهاب الأحداث السياسية والمواقف الشعبية وغنى منذ
الثلاثينات .. « مين زيك عندى يا خضرة».ـ « حب الوطن فرض علىّ». ـ يا أيها الخفاق». ثم غنى للعروبة وللوطن
العربى: « سلام من صبا بردى» . و « الوطن الأكبر»و»الجيل الصاعد» و « النهر الخالد» و «الكرنك» ، ولفلسطين.. «
أخى جاوز الظالمون المدى» . ـ وللصراع الحزبى قدّم أغنية إلام الخلف بينكمو إلام.

محمد عبدالوهاب اكتشف المواهب الفنية : نجاة الصغيرة ـ وردة ـ فايزة أحمد ـ فيروز ـ ياسمين الخيام ـ محمد ثروت.
هذا فضلاً عن التحف الراقية التى خص بها كلاً من أم كلثوم وليلى مراد ورجاء عبده وعبدالحليم حافظ وغيرهم.
ولاننسى أنه وصف سيدة الغناء العربى أم كلثوم بأنها عاصمة الأصوات الغنائية العربية ، بما كانت تملكه من القوة
والإحساس وجمال النبرات وبراعة القفلات والنطق الحلو الواضح ، وبمعنى آخر فقد اعترف محمد عبدالوهاب بفضل
أقوى منافس له ، بدليل أنه قام بمشاركتها فى عشرة أعمال : إنت عمرى ـ نشيد وطنى ـ على باب مصر ـ إنت الحب (أحمد
رامى (ـ أمل حياتى ( أحمد شفيق كامل ) ـ فكرونى ( عبدالوهاب محمد) ـ فى يدى بندقية ( نزار قبانى) ـ هذه ليلتى (
جورج غرادق) ـ مرت الأيام ( مأمون الشناوى) ـ أغداً ألقاك ( الهادى آدم ) ـ ليلة حب ( أحمد شفيق كامل .
وقد توفى إلى رحمة الله تعالى محمد عبدالوهاب فى 3 مايو 1991.

محمد قنديل والثورة والوحدة:
وبالمناسبة فإنى لا أستطيع هنا أن أقاوم إعطاء محمد قنديل بالذات حقه الذى أرى أنه هضم ولايكاد يذكره أحد الآن .
لقد كان محمد قنديل أول من غنى لثورة 23 يوليو 1952 بأغنية « ع الدوّار ، وأول من غنى للوحدة العربية : « وحدة ما
يغلبها غلاب».
إلى جانب أغانى : « البلد بلدى» ـ « نار يا استعمار» ـ « أرض العرب» ـ « بلد ناصر» ـ « حى على الفلاح» ـ « يا
ويل عدو الدار» .. وغيرها من الأغانى الجميلة القوية والتى أصبحت فى ضمير كل مواطن عربى.

عبدالحليم حافظ و الثورة :
أما عبدالحليم حافظ فقد كان بمثابة أحد أبناء عبدالناصر لأنه كان يجسد شباب وأحلام وطوحات ثورة يوليو فى فنه
وتعبيره على جميع الأصعدة سواء فى أغانيه الوطنية أو فى العاطفية .. فعبدالحليم حافظ كان بحق المؤرخ الغنائى لثورة
يوليو ، وأحد أبنائها المخلصين المبدعين ؛ غنى لها فى لحظات الانكسار كما غنى لها فى فترات الانتصار ؛ فعبّر بحق عن
شعور المواطن العربى من المحيط إلى الخليج ، وتربى على صوته جيل كامل آمن بثورة يوليو، ولا أتجاوز إن قلت
وأجيال متتابعة حتى الآن .. كان حليم ابن الثورة وصوتها الصادق الثائر.
كان عبدالحليم يحضر إلىَّ فى مكتبى بدون موعد ، كما كنا – كلانا – يتولى علاجنا الدكتور زكى سويدان وكثيراً ما كنا نلتقى فى عيادته سواء باتفاق أو بدونه وكان عبدالحليم يتصل بى تليفونياً فى بعض الأحيان بعد الثالثة صباحاً ليعرض
فكرة أو يقرأ لى كلمات أغنية جديدة بلا حساسيات، وكان يعتبر نفسه أحد أفراد كتيبة منشية البكرى كما كان يحب أن يصفنا
.. وفى الصيف وبالذات خلال شهر أغسطس من كل عام لايمر يوم إلا ويمر علىّ فى منزلى بالإسكندرية حيث كنت أؤجر
شقة فى عمارة الألفى بسيدى بشر وكان يقيم فى نفس العمارة كل من الفنان الصديق كمال الطويل، علاوة على أن الإنسانة
الوحيدة التى أحبها عبدالحليم حافظ كانت تقيم فى هذه العمارة أيضاً .. عبدالحليم كان إنساناً رقيقاً فى كل شئ .. فى كلامه
وتعليقاته وفى ملبسه وفى غنائه وحتى عندما كان يتوسط لأى شخص فى مطلب أو فى مشكلة ما فقد كان رقيقاً . وأذكر بهذه المناسبة أنه كان قد توسط لدى لكى أقابل مفيد فوزى عندما أوقف عن العمل الصحفى وقابلته فعلاً وعندما عرضت على الرئيس نتيجة المقابلة أمر بأن يلغى قرار الإيقاف ليعود إلى عمله الصحفى كما كان ، وقمت بإبلاغ قرار الرئيس لعبد القادر حاتم ، وتصادف أن كان محمد حسنين هيكل موجوداً فى مكتبى فى ذلك اليوم وعرف بالقرار فقام من جانبه، وسارع بإبلاغ مفيد فوزى به.

محمد عبدالوهاب اكتشف المواهب الفنية : نجاة الصغيرة ـ وردة ـ فايزة أحمد ـ فيروز ـ ياسمين الخيام ـ محمد ثروت.
هذا فضلاً عن التحف الراقية التى خص بها كلاً من أم كلثوم وليلى مراد ورجاء عبده وعبدالحليم حافظ وغيرهم.
ولاننسى أنه وصف سيدة الغناء العربى أم كلثوم بأنها عاصمة الأصوات الغنائية العربية ، بما كانت تملكه من القوة
والإحساس وجمال النبرات وبراعة القفلات والنطق الحلو الواضح ، وبمعنى آخر فقد اعترف محمد عبدالوهاب بفضل
أقوى منافس له ، بدليل أنه قام بمشاركتها فى عشرة أعمال : إنت عمرى ـ نشيد وطنى ـ على باب مصر ـ إنت الحب (أحمد
رامى (ـ أمل حياتى ( أحمد شفيق كامل ) ـ فكرونى ( عبدالوهاب محمد) ـ فى يدى بندقية ( نزار قبانى) ـ هذه ليلتى (
جورج غرادق) ـ مرت الأيام ( مأمون الشناوى) ـ أغداً ألقاك ( الهادى آدم ) ـ ليلة حب ( أحمد شفيق كامل .
وقد توفى إلى رحمة الله تعالى محمد عبدالوهاب فى 3 مايو 1991.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *