في ذكرى وفاته.. تعرف على دور عبدالناصر كضابط في حرب فلسطين
كانت أول معركة عسكرية للرئيس الراحل جمال عبدالناصر، في فلسطين خلال الحرب العربية الإسرائيلية عام 1948، حيث خدم في كتيبة المشاة السادسة، ومع حلول الذكرى الخمسين لرحيل عبدالناصر، اليوم 28 سبتمبر، نستعرض الأدوار التي تولى مهامها أثناء حرب إسرائيل وفقا لما ذكره في كتابه “يوميات عن حرب فلسطين”.
وفي مايو عام 1948، أرسل الملك فاروق الجيش المصري إلى فلسطين، وتولى ناصر منصب نائبا للقوات المصرية المسئولة عن تأمين منطقة الفلوجة شمال شرق غزة والتي تقع تحت سيطرة إسرائيل الآن وتدعى مدينة “كريات جات” الإسرائيلية.
دخول القوات المصرية فلسطين
كانت القوات النظامية المصرية تحت قيادة اللواء أحمد على المواوي، الذي دفع الكتيبتين الأولى والسادسة مشاة (التي يخدم بها عبدالناصر) في الساعة السادسة من صباح السبت 15 مايو 1948 للهجوم على مستعمرتي «الدنجور» الواقعة على مسافة 6 كيلومترات جنوب غرب رفح، و”كفار داروم”، اللتين تسيطران على محور المواصلات الرئيسي إلى غزة.
كانت الأجواء في تلك المعركة عجيبة كما وصفها ناصر، في مذكراته عن حرب فلسطين وذلك بالنسبة للجيش المصري الذي لم يكن على أتم الاستعداد لذلك.
وذكر عبدالناصر أنه “لم يكن هناك وقت لكي تستكشف الكتيبة غرضها الذي ستهاجمه، وكذلك لم تكن هناك معلومات كافية قدمت لها”.
“وكان هناك دليل عربي واحد أنيط به مهمة قيادة الكتيبة إلى موقع مستعمرة الدنجور، ولم يكن هذا الدليل يعلم شيئا عن تحصيناتها ودفاعها ، وكل الذي قام به هو أن ظل يرشد الكتيبة إلى الطريق، ويدلى لها بمعلومات غير واضحة ولا دقيقة؛ حتى ظهرت أمامها فجأة تحصينات الدنجور.”
واستكمل عبدالناصر قائلا: “لم يسترح الجنود بعد الرحلة الشاقة، وإنما اندفعوا إلى الأسلاك، ولم يكن هناك من يعرف ما الذي يجب عمله على وجه التحديد، ولكن المدافعين عن الدنجور كانوا يعرفون حيث أصيبت الكتيبة بخسائر لم تكن متوقعة”.
“وعند الظهر أصدر القائد أمره بالابتعاد عنها، وعادت الكتيبة إلى رفح؛ لتجد بلاغا رسميا أذيع في القاهرة يقول إنها أتمت عملية تطهير الدنجور بنجاح”.
عبدالناصر يواجه الإصابة والحصار
تسلمت الكتيبة السادسة مشاة زمام الأمور في غزة متحركة من رفح، وفي يوم 12 يوليو عام 1948 حاولت قوات الجيش المصرى استعادة مستعمرة “نجبا”، وهي المعركة التي انتهت بالهزيمة وقتها، ليتحول الهجوم بعدها إلى كارثة على القوات الموجودة هناك، وأصيب عبدالناصر في هذه المعركة برصاصة كادت تودي بحياته، لكن القدر أسعفه إذ كانت إصابته غريبة، كما قال له الطبيب، وحكى هو نفسه في مذكراته عن حرب فلسطين.
وبحلول شهر أغسطس، كان مع فرقته محاصرين من قبل الجيش الإسرائيلي، ورفضت الفرقة الاستسلام.
بعد صمود استمر قرابة الشهرين وفي صباح يوم الخميس 21 أكتوبر، تم دعوة قادة الكتائب المحاصرة ورؤساء الأركان إلى مؤتمر في الفالوجا، وكانت هذه الكتائب ثلاثا هي: الكتيبة الأولى، والكتيبة الثانية، والكتيبة السادسة.
ورأس المؤتمر الأمير الاى السيد طه، قائد الكتيبة الأولى وقال وفقا لما ذكره ناصر في كتابه إنه “تلقى من رئاسة القوات أمرا إنذاريا بالاستعداد للانسحاب، على أن يرتب أمره لبدء الانسحاب في الساعة السادسة والنصف، بعد أن يتلقى أمرا تأكيديا بالبدء فيه”.
رغم الحصار.. عبد الناصر يواجه مفاوضات العدو بالكبرياء
ضمن مراحل حرب الأعصاب التي يمارسها العدو الإسرائيلي كان محاولة التفاوض مع الجهة الأخرى، حيث أرسل سيارة مدرعة ترفع الراية البيضاء وتصرخ بالقول “ضابط إسرائيلي يريد مقابلة ضابط مصري” وهنا خرج ناصر للتفاوض.
ويروي ناصر في كتابه تلك المفاوضات بين الطرفين منذ وصل إلى مدرعات العدو، وانطلق إليها لمقابلة أحد الضباط، وكان الموقف آنذلك حصار كامل، ونار لا تهدأ، ودبابات وطيارات.
وبدأ أحد ضباط الإسرائيليين حديثه بالإنجليزية، قائلا: “أنا المساعد الشخصي للقائد العام لهذا القطاع، وأنا مكلف بأن أشرح لكم موقفكم إنكم محاصرون من كل ناحية، ونحن نطلب اليكم التسليم”.
رد عليه ناصر في هدوء قائلا: “أما الموقف فنحن نعرفه جيدا، ولكن الاستسلام لن يحدث، نحن هنا ندافع عن شرف جيشنا”.
“بدأ الضابط الإسرائيلي يتكلم بالعبرية وأحد مرافقيه يترجم، ثم عاد يتكلم بالإنجليزية ثم فجأة بدأ يتكلم العربية وهو يشرح لنا الموقف حولنا، ثم قال عن رفضهم الاستسلام ألا ترجع إلى قائدك تسأله؟”.
رد عليه ناصر قائلا: “هذا موضوع ليس فيه مجال للسؤال”.
وبعدها أحس عبدالناصر، أن كبرياء الضباط الإسرائيليين قد سقط، حيث قال أحدهم في صوت مؤدب: “لنا طلب إنساني عندكم، نريد أن نسحب قتلانا عندكم من المعركة السابقة، أنت تعرف أن أهل القتلى يحبون الاحتفال بدفن أبنائهم، فهل تمانعون؟” وهذا ما وافق عليه جمال.
وفي مايو عام 1948، أرسل الملك فاروق الجيش المصري إلى فلسطين، وتولى ناصر منصب نائبا للقوات المصرية المسئولة عن تأمين منطقة الفلوجة شمال شرق غزة والتي تقع تحت سيطرة إسرائيل الآن وتدعى مدينة “كريات جات” الإسرائيلية.