الأدب

مسجد قباء المؤسس على التقوى.. ما يقوله التراث الإسلامى

وصل النبى عليه الصلاة والسلام إلى المدينة المنورة، وصار لزما إنشاء مسجد كى يجتمع الناس فيه ويعبدون الله، فكان مسجد قباء.. فما الذى يقوله التراث الإسلامى فى ذلك؟
يقول كتاب البداية والنهاية لـ الحافظ ابن كثير تحت عنوان “فصل تأسيس مسجد قباء”:
ولما حل الركاب النبوى بالمدينة، وكان أول نزوله بها فى دار بنى عمرو بن عوف وهى قباء كما تقدم فأقام بها – أكثر ما قيل – اثنتين وعشرين ليلة، وقيل: ثمانى عشرة ليلة.
وقيل: بضع عشرة ليلة.
وقال موسى بن عقبة: ثلاث ليال.
والأشهر ما ذكره ابن إسحاق وغيره أنه عليه السلام أقام فيهم بقباء من يوم الاثنين إلى يوم الجمعة.
وقد أسس فى هذه المدة المختلف فى مقدارها – على ما ذكرناه – مسجد قباء.
وقد ادعى السهيلي: أن رسول الله ﷺ أسسه فى أول يوم قدم إلى قباء وحمل على ذلك قوله تعالى: “لمسجد أسس على التقوى من أول يوم”.

ورد قول من أعربها: من تأسيس أول يوم، وهو مسجد شريف فاضل نزل فيه قوله تعالى: “لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ” [التوبة:108]، كما تكلمنا على تقرير ذلك فى التفسير وذكرنا الحديث الذى فى (صحيح مسلم) أنه مسجد المدينة والجواب عنه.
وذكرنا الحديث الذى رواه الإمام أحمد: حدثنا حسن بن محمد، ثنا أبو إدريس، ثنا شرحبيل، عن عويم بن ساعدة: أنه حدثه أن رسول الله ﷺ أتاهم فى مسجد قباء فقال: “إن الله قد أحسن عليكم الثناء فى الطهور فى قصة مسجدكم فما هذا الطهور الذى تطهرون به؟”.
قالوا: والله يا رسول الله ما نعلم شيئا إلا أنه كان لنا جيران من اليهود فكانوا يغسلون أدبارهم من الغائط فغسلنا كما غسلوا.
وأخرجه ابن خزيمة فى (صحيحه) وله شواهد أخر.
وروى عن خزيمة بن ثابت، ومحمد بن عبد الله بن سلام، وابن عباس.
وقد روى أبو داود، والترمذي، وابن ماجه من حديث يونس بن الحارث، عن إبراهيم بن أبى ميمونة، عن أبى هريرة، عن النبى ﷺ قال: نزلت هذه الآية فى أهل قباء: { فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المتطهرين }.
قال: كانوا يستنجون بالماء فنزلت فيهم هذه الآية.
ثم قال الترمذي: غريب من هذا الوجه.
قلت: ويونس بن الحارث هذا ضعيف والله أعلم.
وممن قال: بأنه المسجد الذى أسس على التقوى ما رواه عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن عروة بن الزبير.
ورواه على بن أبى طلحة، عن ابن عباس، وحكى عن الشعبي، والحسن البصري، وقتادة، وسعيد بن جبير، وعطية العوفي، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم وغيرهم.

وقد كان النبى ﷺ يزوره فيما بعد ويصلى فيه، وكان يأتى قباء كل سبت تارة راكبا وتارةً ماشيا.
وفى الحديث: “صلاة فى مسجد قباء كعمرة”.
وقد ورد فى حديث: أن جبرائيل عليه السلام هو الذى أشار للنبى ﷺ إلى موضع قبلة مسجد قباء، فكان هذا المسجد أول مسجد بنى فى الإسلام بالمدينة، بل أول مسجد جعل لعموم الناس فى هذه الملة.
واحترزنا بهذا عن المسجد الذى بناه الصديق بمكة عند باب داره يتعبد فيه ويصلى لأن ذاك كان لخاصة نفسه لم يكن للناس عامة والله أعلم.
وقد تقدم إسلام سلمان فى البشارات، وأن سلمان الفارسى لما سمع بقدوم رسول الله ﷺ إلى المدينة ذهب إليه وأخذ معه شيئا فوضعه بين يديه وهو بقباء قال: هذا صدقة، فكفَّ رسول الله ﷺ فلم يأكله وأمر أصحابه فأكلوا منه، ثم جاء مرة أخرى ومعه شيء فوضعه وقال: هذه هدية فأكل منه وأمر أصحابه فأكلوا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *