كاتب أمريكي: نجاح إسرائيل ضد إيران يمثل تحديا لبايدن
وتوقع ليك، في تقرير نشرته وكالة بلومبرج للأنباء، أنه عندما يتولى بايدن مقاليد الأمور فعليا ويبدأ في تلقي إحاطات استخباراتية، ربما يهتم على نحو خاص بـ”عملية إسرائيل الناجحة ضد أبو محمد المصري، الرجل الثاني في القاعدة”.
وكانت صحيفة “نيويورك تايمز”، نقلت عن مسؤولين في الاستخبارات الأمريكية القول إن عملاء إسرائيليين، وبناء على أوامر من مسؤولين في الولايات المتحدة، اغتالوا “المصري” في إيران قبل حوالي ثلاثة أشهر.
والمصري متهم بأنه أحد العقول المدبرة للهجوم الذي استهدف سفارتي أمريكا في كينيا وتنزانيا في عام 1998 مما أسفر عن مقتل 224 شخصا وإصابة الآلاف.
وسارعت إيران، بنفي صحة التقرير، وأكدت عدم وجود أي من أعضاء القاعدة على أراضيها.
وبحسب تقرير الصحيفة، قتلت مع المصري ابنته مريم، أرملة حمزة بن لادن، نجل أسامة بن لادن، الزعيم الراحل للقاعدة.
وأفادت “نيويورك تايمز”، بأن إطلاق النار حدث يوم 7 أغسطس، وهو نفس اليوم الذي وقع فيه تفجير سفارتي الولايات المتحدة في نيروبي ودار السلام، قبل أكثر من عقدين.
وكان المصري على رأس قائمة الإرهابيين المطلوبين لمكتب التحقيقات الاتحادي الأمريكي “أف بي آي”، حيث رصدت واشنطن مكافأة قدرها 10 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تقود إلى القبض عليه.
وحتى قبل تقرير الصحيفة بيوم، كانت صورة المصري لا تزال على قائمة المطلوبين.
وبحسب الكاتب الأمريكي، تكمن أهمية ودلالة هذه العملية في أنها وقعت داخل إيران، حيث قتل المصري بالرصاص في أحد شوارع طهران.
وقال ليك إنه بحسب الحكمة التقليدية لتيار “يسار الوسط”، فإن هذا أمر مستحيل الحدوث.
وفي حين يقر العديد من المحللين بأن قادة تنظيم القاعدة البارزين فروا إلى إيران عقب سقوط نظام طالبان في أفغانستان، إلا أنهم يصرون على عدم وجود علاقة مهمة بين النظام الإيراني – حيث الأغلبية الشيعية في الجمهورية الإسلامية- والجماعة الجهادية السنية “الإرهابية”.
وذكر ليك، أن الرجل الثاني في القاعدة والذي كان مطلوبا لدى “اف بي آي” لدوره في تفجير سفارتي أمريكا في شرق إفريقيا، كان يعيش بحرية في إحدى ضواحي طهران، مضيفا أنه من الواضح الآن أن إيران تريد التعاون مع تنظيم القاعدة عندما تتقارب مصالح الطرفين.
ونقل التقرير عن توماس جوسكلين، المحرر المؤسس لموقع “لونج وور جورنال” الإخباري، القول إن إيران وتنظيم القاعدة تعاونا معا على مدار عقود ضد أهداف أمريكية في منطقة الشرق الأوسط، مضيفا: “هناك أدلة وفيرة تعود لتسعينيات القرن الماضي على أن إيران تسعى إلى العمل مع القاعدة في بعض الأحيان”.
وجرى الكشف عن ذلك علنا في عام 2017، عندما أصدرت الاستخبارات المركزية الأمريكية “سي آي ايه” مجموعة من الوثائق التي جرى العثور عليها داخل المجمع الذي كان يختبئ فيه زعيم القاعدة الراحل أسامة بن لادن في باكستان.
وإحدى هذه الوثائق عبارة عن مذكرة في 19 صفحة تستعرض العلاقة بين التنظيم وإيران على مدى ربع قرن.
وتقول الوثيقة إن الاستخبارات الإيرانية عرضت على القاعدة الأموال والسلاح والتدريب، كما سهلت سفر بعض عملاء التنظيم، وقدمت ملاذا آمنا لعملاء آخرين، كما أن زوجات أسامة بن لادن وأولاده فروا إلى إيران بعد مقتله.
ويرى ليك أن لبايدن شأن وثيق بجميع هذه الأمور، حيث يبحث الرئيس المنتخب حاليا كيفية تحقيق الهدف الذي حدده بنفسه والمتمثل في العودة إلى الاتفاق النووي بين إيران والقوى العالمية، بعدما انسحب منه الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب، في عام 2018.
وتساءل ليك: “في حال مضى بايدن قدما في خطته الحالية برفع العقوبات النووية المفروضة على إيران، مقابل عودة طهران إلى الامتثال لنصوص الاتفاق النووي, ماذا ستفعل إدارة بايدن حينئذ لردع إيران عن تأييد الإرهاب؟ وهل يُبقي بايدن على العقوبات التي فرضتها الإدارة الأمريكية الحالية على البنك المركزي وعلى الجيش في إيران بسبب دعمهما للإرهاب؟”.
وهناك سؤال آخر مطروح بشأن ما إذا كان بايدن سيشجع إسرائيل على مواصلة عملياتها الاستخباراتية الجريئة في الداخل الإيراني.
وعندما كان بايدن نائبا للرئيس السابق باراك أوباما، أثنت أمريكا، إسرائيل عن اغتيال علماء نوويين إيرانيين، خاصة في ظل قيام واشنطن بالدور الدبلوماسي الذي قاد في نهاية المطاف إلى الاتفاق النووي في فيينا في 2015.
ويقول ليك، إنه على مدار الأعوام الخمسة الماضية، كانت العمليات الإسرائيلية ناجحة، مضيفا أن اغتيال “المصري” تم خلال صيف شهدت فيه عدة مواقع استراتيجية داخل إيران تفجيرات، على ما يبدو، نتيجة لعمليات تخريب إسرائيلية. فهل يطالب بايدن إسرائيل بالتهدئة؟
وقبل عشر سنوات، كان مفهوما أن الولايات المتحدة تسعى إلى كبح جماح إسرائيل في الوقت الذي كانت فيه واشنطن تخوض المفاوضات مع إيران.
وقد حاولت إدارة الرئيس أوباما التوصل لصفقة أكثر قوة، واستمرارية، للحد من طموحات إيران النووية، ولكنها لم تتمكن من ذلك.
ويرى الكاتب ليك، أنه على إدارة بايدن الآن أن تأخذ في الاعتبار أنه إذا ما كان الاستمرار في هذه الصفقة “المعيبة”، أمرا يستحق جهدا.
وعلى مدار الأشهر القليلة المقبلة، يتعين على بايدن وإدارته الانتقالية التوصل لقرار بشأن ما إذا كان كبح جماح إسرائيل سيساعد في احتواء إيران، أم أنه سيعيق ذلك.