“بالأمس حلمت بك” علاقتنا مع الغرب وأوهامنا عن الحياة
“كتابات بهاء طاهر من هذه الكتابات الهامسة التى تنساب إليك فى هدوء آسر بليغ، وتربت على مشاعرك فى نعومة ورقة مهما بلغت حدتها الدرامية وعمقها الدلالي، إنه قصاص شاعر متصوف تفيض شاعريته وصوفيته برؤية إنسانية حارة تُغريك برومانسيتها الظاهرة عما وراءها من حكمة وعقلانية وإحساس عميق بالمسئولية والالتزام” هكذا وصف المفكر الكبير محمود أمين العالم، الأديب الكبير بهاء طاهر، وأعماله البديعة.
بهاء طاهر الذى نحتفل الليلة بيوم ميلاده الـ86، له العديد من الروايات والمجموعات القصصية، من أبرزها “بالأمس حلمت بك” والصادرة للمرة الأولى عام 1984، عن دار الشروق وتتكون من خمس قصص: بالأمس حلمت بك، وسندس، والنافذة، وفنجان قهوة، ونصيحة من شاب عاقل.
وتعيد «بالأمس حلمت بك» صياغة علاقتنا الإشكالية مع الغرب من جديد، وقد تبددت الأوهام القديمة، وتجسد الشك العميق، واستحال الحوار فى واقع تختلط فيه الحقائق بالأوهام وتكتسب فيه الأحداث أبعادًا رمزية خصبة، والمجموعة هى عبارة عن 5 قصص قصيرة بأسلوب بسيط جدا وسلس بعضها نهاياتها مفتوحة والبعض الاخر ينتهى فى الموت.
تحتوى قصّة «بالأمس حلمت بك» على الكثير من الرموز شديدة الدلالة: الأحلام، الثلج، الصوفيّة، الصقر، الغراب، شجرة الأرز، انعدام اسم الراوي. نجد أن الأحلام والثلج هما رمزان متكرران على مدار القصّة يُشيران إلى تحرّر الراوى من أوهام تركه لوطنه والسفر إلى بلد أخرى معتقدًا أنها ستكون أفضل؛ فهو دائمًا يشعر بعدم الأُلفة فى الثلوج.
ويبدو الراوى فى «بالأمس حلمت بك» هو فى الواقع المؤلف «بهاء طاهر» حيث سافر إلى العديد من دول إفريقيا وآسيا وغيرها باعتباره مترجمًا فى الأمم المتحدة فيمكننا اعتبار المشاعر التى تُعبّر عنها القصّة هى فى الحقيقة مشاعر راودت مؤلفنا أثناء ترحاله واغترابه فى دول العالم وحيدًا، وبالمثل فإنه يمكننا اعتبار شخصية «ساڨيتري» هى فى الحقيقة مؤلف القصّة «سانديب روي» هندى المنشأ الذى اضطّر أيضًا إلى السفر إلى الولايات المتحدة حيث عمل محررًا ومعلقًا ولذلك فإنه قد عانى بدوره من الاغتراب والوحدة والحنين إلى الوطن مثلما عانى «بهاء طاهر».