أخبار مصر
مدير إدارة الشرق الأوسط لـ«الشروق»: تعامل مصر السريع مع أزمة كورونا حمى الاقتصاد وحياة الناس
– تكثيف التطعيم وتسريع الإصلاحات والسيطرة على التضخم أهم تحديات الاقتصاد المصرى فى ظل الجائحة..
– سياسات البنك المركزى جعلت السلطات المصرية فى موقف قوى ..
– سرعة التعافى العالمى خلال العام الحالى تتوقف على نتيجة السباق بين انتشار الفيروس وتوفير اللقاحات..
– نستبعد تجدد ضغوط التضخم فى دول الخليج مع الموجة الثانية من كورونا..
قال جهاد أزعور، مدير إدارة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وآسيا الوسطى فى صندوق النقد الدولى، إن استجابة مصر كانت سريعة وحاسمة فى التعامل مع أزمة كورونا، حيث تم وضع حزم مساعدات شاملة لاحتواء انتشار الفيروس ودعم القطاعات الضعيفة، «مما ساعد فى حماية الاقتصاد وحياة الناس»، لكن يجب إيجاد تدابير متوازنة لدعم الاقتصاد مع الحفاظ على ما تم تحقيقه فى السنوات الأخيرة.
وعن التحديات التى تواجه الاقتصاد المصرى، قال أزعور فى حوار مع «الشروق»، إن أهم شىء هو تكثيف التطعيم ضد كورونا والحفاظ على السياسات الداعمة للقطاعات الرئيسية المتضررة من الوباء، إلى جانب الحاجة إلى تسريع الإصلاحات الهيكلية، وتوفير مساحة أكبر للقطاع الخاص لقيادة الانتعاش والحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلى، مع ضرورة إبقاء التضخم تحت السيطرة، وجذب الاستثمار الأجنبى المباشر بالإضافة إلى معالجة القضايا التى تؤثر على قطاعات معينة مثل السياحة.
وردا على سؤال عن أولويات مصر قبل الأزمة، قال إنها كانت تتمثل فى تحقيق استقرار الاقتصاد الكلى على المدى المتوسط من خلال تنفيذ الإصلاحات المالية التى خلقت فائضًا ماليًا أوليًا قبل الأزمة.
وتابع: «طبعا كل الدول تأثرت بأزمة كوفيد 19، لكن الأولويات فى حالة مصر تبقى التخفيض التدريجى لتكلفة خدمة الدين العام وزيادة إنتاجية الاقتصاد للحفاظ على مستوى النمو الذى شهدته بين عامى 2016 و2019»، مضيفا: «هذا ضرورى لترسيخ استقرار الاقتصاد الكلى وإبقاء التضخم تحت السيطرة وتسريع الانتعاش، وذلك من خلال السماح للقطاع الخاص بخلق المزيد من فرص العمل وجذب المزيد من الاستثمار».
فيما شدد على أن السياسات النقدية التى اعتمدتها مصر قبل أزمة كورونا، خلال فترة الإصلاح الضريبى، بين عامى 2016 و2019، بما فى ذلك ارتفاع مستويات احتياطيات النقد الأجنبى، ساعدت السلطات المصرية فى أن تكون فى موقف قوى خلال الأزمة.
وبشأن استجابة البنك المركزى للأزمة لفت إلى أنها تمت بسرعة بتعديل أسعار الفائدة مرتين، وخفضها بمقدار 300 نقطة أساس، وفى الوقت نفسه، قدم البنك المركزى السيولة للنظام المصرفى مع التسهيلات الخاصة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، حيث خففت كل هذه الإجراءات الضغط على القطاعات الأكثر تضررا من الأزمة ووفرت شريان الحياة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم، «أعتقد أنه من المهم الحفاظ على السياسات النقدية المعتمدة على البيانات التى اعتمدها البنك المركزى والتى تهدف إلى احتواء التضخم على المدى المتوسط».
وشدد على ضرورة الاستمرار فى دعم القطاع الخاص طالما استمرت الموجة الثانية من الوباء وحتى الوصول إلى الانتشار الكامل للقاح، مع ضرورة الحفاظ على وضع مالى يساعد فى استقرار فائض الميزانية الأولى الذى سمح لمصر بتخفيض مستوى الدين.
كما شدد على أن مصر تعد من الدول القليلة التى كان أداؤها الاقتصادى أفضل من المتوقع خلال الموجة الأولى من وباء كوفيد ــ19، على الرغم من تأثير الجائحة على السياحة وتباطؤ النشاط الاقتصادى، مشيرا إلى مراجعة صندوق النقد الدولى للنمو الاقتصادى لمصر فى 2020/2021، ليرتفع إلى 2.8% مقابل توقعات سابقة بأن يكون 2% فقط، وذلك بسبب أداء الربع الأول من العام المالى (يوليو ــ سبتمبر الماضيين).
وأضاف أنه من المهم للغاية التأكد من أن سياسات الدعم موجهة بشكل جيد ومستمرة، وأن يتم تسريع الاستثمار فى الإصلاحات الهيكلية للسماح لمصر باستعادة مستويات النمو قبل الوباء عندما تمكنت البلاد من تحقيق نمو بأكثر من 5٪.
وعن المستوى الإقليمى، قال إن الوضع يختلف كثيرًا لأن هناك دولًا يكون فيها سعر الصرف مرنًا وأخرى يكون سعر الصرف فيها جامدًا، كما يختلف الوضع بالنسبة لنفس المجموعة من الدول، فعلى سبيل المثال، بين دول مجلس التعاون الخليجى، يختلف الأمر بين الدول ذات المستويات العالية من الاحتياطيات وتلك ذات المستويات المنخفضة.
«لكن بشكل عام، بالنسبة لهذه الدول، فإن تعافى أسعار النفط والاستثمار الضخم الموجه لاحتواء انتشار الفيروس مكّن من التعافى السريع وشجعنا على مراجعة توقعات النمو لدول مجلس التعاون الخليجى صعودًا والدول المصدرة للنفط لعام 2020/2021»، يضيف أزعور.
وفيما يتعلق بالتضخم أشار أزعور إلى أنه تحت السيطرة حتى الآن ونتوقع ألا تواجه الدول التى عانت من الموجة الثانية مستويات تضخم عالية فى 2020/2021، مشيرا إلى أن معدلات البطالة تعد أكثر مدعاة للقلق حيث شهدنا زيادة فى البطالة فى غالبية دول المنطقة، وهذه من القضايا التى يجب معالجتها خاصة فيما يتعلق بمعدل البطالة بين الشباب والنساء الذين تأثر مستوى مشاركتهم فى القوى العاملة سلبا بسبب الأزمة، خاصة مع عدم قدرة هاتين المجموعتين على العمل عن بعد مقارنة بالمجموعات الأخرى.
وأوضح أن السباق بين الفيروس واللقاح سيحدد التعافى هذا العام، فالبلدان القادرة على نشر اللقاح بسرعة ستتعافى بشكل أسرع وستكون اقتصاداتها أقل عرضة لمخاطر موجة ثالثة من الوباء، كما ستستفيد البلدان التى تعتبر فيها تجارة التجزئة والسياحة مهمة أيضًا من تسريع التحصين، لذلك «نشجع البلدان على تكريس اهتمامها ومواردها لتسريع التحصين».
وقال أزعور، إن الطريق إلى التعافى الاقتصادى فى منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى يعتمد على إجراءات احتواء فيروس كورونا، بالإضافة إلى فرص الحصول على اللقاحات وتوزيعها، والمجال المتاح للسياسات حتى تدعم النمو، فضلا عن الإجراءات التى تخفف من وطأة الآثار الاقتصادية العميقة الناجمة عن الجائحة.
وتابع أن الموجة الثانية من الفيروس التى بدأت فى شهر سبتمبر الماضى ألحقت الضرر بالعديد من بلدان المنطقة، حيث فاقت معدلات الإصابة والوفيات، المعدلات المسجلة أثناء الموجة الأولى.
وتوقع أزعور أن يتأخر التعافى فى الأسواق الصاعدة بمنطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى عن البلدان النظيرة فى المناطق الأخرى، حيث لن تتمكن معظم البلدان من استعادة مستويات إجمالى الناتج المحلى المسجلة فى ٢٠١٩ حتى عام ٢٠٢٢.
وتوقع أزعور أن يتأخر التعافى فى الأسواق الصاعدة بمنطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى عن البلدان النظيرة فى المناطق الأخرى، حيث لن تتمكن معظم البلدان من استعادة مستويات إجمالى الناتج المحلى المسجلة فى ٢٠١٩ حتى عام ٢٠٢٢.
وتوقع أن يكسب العالم 9 مليارات دولار فى 2021ــ2025 إذا تم تسريع التحصين العالمى، حيث تشير تقديرات الصندوق إلى أن 60٪ من هذه المكاسب ستذهب إلى البلدان منخفضة الدخل والأسواق الناشئة، «رسالتنا للجميع هى تسريع التحصين، والحفاظ على الاستجابة السياسية عندما تكون لديك القدرة»، خاصة فى البلدان التى لديها حيز مالى.. وبشكل عام يجب أن نظل يقظين للغاية لأننا ما زلنا فى لحظة غامضة للغاية»، مضيفا أن السباق بين التطعيم والفيروس معركة حاسمة يجب كسبها فى عام 2021.
فيما شدد على ضرورة تسريع الانتعاش، خاصة أن الأزمة أظهرت أن التكنولوجيا لعبت دورًا مهمًا فى توفير القدرة على تسريع تقديم الخدمات، كما لعبت دورًا مهمًا فى تقديم المساعدة لمجموعات معينة، «شهدنا ذلك فى مصر وتونس والمغرب وغيرها من البلدان» حيث تم استخدام التكنولوجيا لتسريع عمليات النقل، لا سيما فى القطاع غير الرسمى.