“سينما قصر النيل” حكايات الضحك والبكاء
واحدة من المجموعات القصصية المميزة والتى استطاعت الحصول على جائزة ساويرس الثقافية عام 2012، المجموعة القصصية “سينما قصر النيل”، الصادرة عن دار ميريت للنشر للكاتب محمد فاروق والمكونة من 13 قصة.
ويقول الكاتب والناقد محمد عبد النبى إن مجموعة “سينما قصر النيل” تتميز بالتنوع والتكثيف سواء على مستوى الموضوع أو اللغة والميل نحو السرد أو الفضفضة دون الوضوح، حيث استخدم أساليب كثيرة فى الكتابة حسب المفارقة غير الفجة أو الحدوته.
سينما قصر النيل
واستخدم المؤلف أسلوب الفانتازيا فى قصة ميم ونون، حيث صور مشاعر وانفعالات وتساؤلات أحد الحيوانات المنوية وهو فى رحلة اقتحامه للبويضة، كما استخدم الأسلوب ذاته فى قصة “الرجل الذى أحب عازفة كمان فى جنازته”، حيث صور رجل يعيش فى عام 2157 يحتضر ويرى امرأة تعزف كمان ضمن فرقة جاءت للعزف فى جنازته المرتقبة فيشعر بحبها، ومال الكاتب إلى الغرابة فى قصة “أنا شتراوس يا ربيع”، حيث صور موسيقار فى شبرا يطلب من ربيع بائع الفول أن يعمل معه بعد أن يئس من حياته.
وبحسب الكاتب محمد خير، عبر 13 قصة، يتنقل فاروق بين عوالم متعددة ربما بطموح العمل الأول. فى قصة «ا..مـ ..ر..أ..ة»، يرسم عالماً أسطورياً يستلهم قصّة الخلق التوراتية، مستكملاً صراع الأنثى والذكر… لكنّه يصغر العالم أكثر إزاء كفاح حيوان منوى يحاول الوصول فى «ميم ونون». وينتقل من عالم المخلوقات إلى المصنوعات فى “رجل الإسفنج وعروس الحلوى”، مستخدماً طقوس الحلويات الفولكلورية المصرية. ثمّ يقفز إلى عام 2157 الذى تدور فيه قصة “الرجل الذى أحب عازفة كمان فى جنازته”، إنّها مجموعة قصصية يقتسمها الموت والابتسام، لهذا يود الراوى فى قصة “بستان” أن يخرج “خارج هذا البستان، لأطرح على الموت سؤالاً آخر: ما الضحك؟”.
يلعب المؤلّف الشاب فى مساحة محسوبة بين الحكى الخالص والذهنية، مُجيداً مهارات المونتاج والتقاطع بين الأزمنة، فلا تفلت خيوطه إلّا قليلاً. نرى تجربةً خفيفة الظلّ فى قصة “القضية الفلسطينية”، حيث تحكى امرأة مشكلتها المستعصية. “قبل أن تتهمنى بالجنون تفضل بطاقتي، مدوّن بها اسمى الحقيقي. اقرأ، نعم، لا تفرك عينيك، هذا هو اسمى الذى تقرأه: القضية الفلسطينية عبد الفتاح شكري”! يقف الاسم عائقاً أمام زواج الشخصية التى هى «امرأة تريد أبسط حقوقها: أن تعيش بشكل طبيعي، هل فهمت يا مصطفى؟ أنا أحدثك عن مشكلة إنسانية ـــ عن نفسى ـــ عن القضية الفلسطينية الجالسة أمامك». هى حكاية يسهل جداً أن تقع فى أحد فخين، المباشرة أو التظرّف، لكن المؤلف ينجو بها، رغم أنّه لا يكفّ عن خلق المفارقات. «انتهزتُ فرصة الحرب على غزة لأفتح الموضوع». كانت قد خبّأت عن حبيبها الجديد اسمها الحقيقى بعد خبرات سيئة. يتركها بعضهم، ويحاول بعضهم إقناعها بتغيير اسمها. «القضية مش فى الإسم، لا بد أن تفكرى بشكل برغماتى وعقلاني». لكنّها ترفض ذلك لأنها «جميلة كما ترى، ومتعلّمة، وبنت ناس طيبين (…) سامحه الله أبي، قال إنّه أسمانى بهذا الاسم، لأنه يريد أن تكون القضية الفلسطينية حية فى الوجدان! طيب كيف ذاك، وكلنا سنموت يا مصطفى؟».