عضو مجلس الشيوخ محمود سامي يكتب: الدولة المصرية وآليات قطاع عام جديد
يتجه العالم اقتصاديا وبشكل مضطر نحو اليمين، حتى في أعتى الدول ذات التاريخ الاشتراكي الطويل مثال الصين الشعبية وروسيا، أصبح للمؤسسات ذات الملكية الخاصة نصيبا كبيرا في الاستثمارات المحلية، كما أصبح لها وبتشجيع ودعم من الحكومات المركزية استثمارات كبيرة في شركات متعددة الجنسيات داخل دول رأسمالية عريقة مثل بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية.
كما أن الحديث في القرن الحالي عن استثمارات حكومية في شركات قطاع أعمال أمسى توجه اقتصادي عفا عليه الزمن، وأصبح شرط التخلص من شركات قطاع الأعمال الحكومية من الشروط الثابتة “كالاكلشيه” في كل اتفاقيات القروض والمنح من المؤسسات الدولية كصندوق النقد الدولي وشرط أساسي في أي برنامج اصلاح اقتصادي مدعوم من تلك المؤسسات المالية الدولية. ومع ذلك لدي قناعة شديدة بأن الاقتصاد كدأب كل العلوم الاجتماعية الأخرى ليس له نظريات ثابتة أو قواعد مثال العلوم الطبيعية كرياضيات والفيزياء، فقد نرى دول اشتراكية تتجه يمينا نحو اقتصاديات السوق الحر، ونجد دول رأسمالية راسخة لديها سياسات عامة ثابتة وأحيانا مؤقتة ذات توجه اشتراكي أو اجتماعي، وليس أدل علي ذلك ما قامت به حكومات اليمين من سياسات تيسير اقتصادي وحزم دعم للمـؤسسات والافراد خلال الأزمة المالية العالمية في ٢٠٠٨ أو ما قامت به نفس الحكومات خلال الازمة الحالية الناتجة عن جائحة كوفيد-١٩، حتي أننا شعرنا أن التوجهات الاقتصادية يعاد تشكيلها ونظريات اقتصادية تعود مرة أخري للتطبيق وتتجه بتلك الحكومات اليمينية غصبا نحو اليسار.
ورغم أنني قضيت حياتي المهنية داخل المؤسسات الخاصة، ورغم إيماني الشديد باقتصاديات السوق الحرة المنضبط، إلا انني لدي رؤية أن الدولة المصرية بظروفها الحالية ورغبتها المتقدة ليلا ونهارا للتغيير السريع في البنية التحتية والاقتصادية المتهالكة والمهملة منذ عقود، فلابد أن تنظر بجدية في الاعتماد على بناء قطاع عام جديد حتى لو نظر لنا من المؤسسات المالية الدولية آننا نرجع بعقارب الساعة لستينات القرن الماضي. وهنا لا اعتقد أن الطفرة الاقتصادية والبنيوية المطلوبة يمكن تحقيقها في هذا الجدول الزمني المضغوط من القيادة السياسية يمكن تحقيقها بدون قطاع عام جديد، يقود حركة نهضة صناعية وتكنولوجية يمكن من خلالها اختصار الزمن وتعويض ما فات ومحاولة اللحاق بركب دول كانت تسير بجوارنا اقتصاديا منذ عقود قليلة وأصبحت الان تسبقنا بقرون طويلة. هناك استثمارات استراتيجية ضرورية لا يستطيع القطاع الخاص الوطني أو الأجنبي الاطلاع بها لأسباب اقتصادية مختلفة مثال كونها استثمارات كثيفة رأس المال، عالية المخاطر، شحيحة العائد في البدايات وغيرها من الأسباب التي يطول شرحها. كما أن الاستثمار الحكومي في الصناعات الهامة كتصنيع معدات الإنتاج وصناعة وسائل النقل الثقيلة وصناعات التكنولوجيا بأنواعها وصناعات الادوية والكيماويات الحقيقة، والتي تحتاج لميزانيات ضخمة لتكاليف البحوث والتطوير وليس لنقل تكنولوجيا قديمة انتهت فترة حمايتها فكريا، بات أمراً ضرورياً لتغطية النقص الشديد في الاستثمارات المباشرة الوطنية والأجنبية التي حتى أن وجدت سوف تلجأ لاستثمارات قصيرة أو متوسطة الاجل ذات مخاطر جيوسياسية منخفضة.
ولكن هذا القطاع العام الجديد يجب أن ينشأ، إذا قررت الدولة المصرية تبني هذا الطرح، وفق شروط وضوابط اقتصادية مجردة حتى تضمن الدولة تحقيق الهدف المنشود وتحقيق تنمية حقيقة مستدامة. وهذه الشروط تتضمن، الدخول في تلك استثمارات استراتيجية بجد ، يحتاجها الاقتصاد ولا يستطيع القطاع الخاص القيام بها، والشفافية في أعمال تلك المؤسسات وخضوعها للرقابة والحوكمة السليمة، والمنافسة العادلة وخضوعها لكافة قوانين الدولة التي يخضع لها القطاع الخاص، الادارة السليمة ذات الكفاءة والخبرة حتى لو اضطرنا للاستعانة بخبرات أجنبية، والعديد من الضوابط التي تحتاج لشرح مطول يمكن طرحه لاحقا.
* عضو مجلس الشيوخ عن الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي
كما أن الحديث في القرن الحالي عن استثمارات حكومية في شركات قطاع أعمال أمسى توجه اقتصادي عفا عليه الزمن، وأصبح شرط التخلص من شركات قطاع الأعمال الحكومية من الشروط الثابتة “كالاكلشيه” في كل اتفاقيات القروض والمنح من المؤسسات الدولية كصندوق النقد الدولي وشرط أساسي في أي برنامج اصلاح اقتصادي مدعوم من تلك المؤسسات المالية الدولية. ومع ذلك لدي قناعة شديدة بأن الاقتصاد كدأب كل العلوم الاجتماعية الأخرى ليس له نظريات ثابتة أو قواعد مثال العلوم الطبيعية كرياضيات والفيزياء، فقد نرى دول اشتراكية تتجه يمينا نحو اقتصاديات السوق الحر، ونجد دول رأسمالية راسخة لديها سياسات عامة ثابتة وأحيانا مؤقتة ذات توجه اشتراكي أو اجتماعي، وليس أدل علي ذلك ما قامت به حكومات اليمين من سياسات تيسير اقتصادي وحزم دعم للمـؤسسات والافراد خلال الأزمة المالية العالمية في ٢٠٠٨ أو ما قامت به نفس الحكومات خلال الازمة الحالية الناتجة عن جائحة كوفيد-١٩، حتي أننا شعرنا أن التوجهات الاقتصادية يعاد تشكيلها ونظريات اقتصادية تعود مرة أخري للتطبيق وتتجه بتلك الحكومات اليمينية غصبا نحو اليسار.