عضو المصري للشئون الخارجية: ملء سد النهضة دون اتفاق آداة لمساومة مصر والسودان على مياه النيل
العميد السابق لمعهد البحوث والدراسات الاستراتيجية لدول حوض النيل بجامعة الفيوم: زيارة السيسى إلى السودان تبعث برسالة إلى إثيوبيا بأن صبر الدولتين أوشك على النفاد
اختلاف مواقف القاهرة والخرطوم فى السابق كان له أثر سلبى على مفاوضات سد النهضة
قال عضو المجلس المصرى للشئون الخارجية، الدكتور عدلى سعداوى، إن شروع إثيوبيا فى المرحلة الثانية لملء سد النهضة، دون اتفاق، سيحول السد إلى أداة فى يد أديس أبابا لمساومة مصر والسودان على مياه النيل الأزرق، وهو ما يهدد الأمن القومى للبلدين.
ويعتقد العميد السابق لمعهد البحوث والدراسات الاستراتيجية لدول حوض النيل بجامعة الفيوم، فى حواره مع «الشروق»، أن يسفر التقارب المصرى السودانى والضغط الدولى عن الوصول إلى اتفاق بشأن ملء وتشغيل سد النهضة.
وإلى نص الحوار:
< فى البداية.. ما دلالة توقيت زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى السودان؟
ــ الزيارة تأتى فى مرحلة مهمة لكلا البلدين، سواء ما يخص التعاون السياسى والاقتصادى أو على الصعيد التنسيق العسكرى والأمنى، وهى تتزامن مع التوتر على الحدود السودانية الإثيوبية، ومطامع أديس أبابا فى أراضى السودان، والقضايا المرتبطة بأمن البحر الأحمر وأهميته كشريان للتجارة الدولية وقناة السويس وهو ما يستلزم استمرار التنسيق، وملف سد النهضة، وأهمية وحدة وتلاحم الموقفين المصرى والسودانى قبل أن تفرض إثيوبيا أمرا واقعا ببدء ملء المرحلة الثانية فى يوليو القادم.
والزيارة تبعث برسائل عدة على المستويين الدولى والقارى؛ فهى تجدد الطلب من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى والأمم المتحدة للتدخل إلى جانب الاتحاد الإفريقى فى قضية سد النهضة؛ لمنع تدهور الموقف فى شرق إفريقيا واندلاع صراع مرير إذا استمرت التعنت الإثيوبى ومحاولاتها لفرض سطوتها على شريان الحياة للبلدين.
وهى أيضا تبعث برسالة إلى الاتحاد الإفريقى أن الوقت لم يعد فى صالح قيم الاتحاد فى الحفاظ على السلم والاستقرار بين دول القارة، ورسالة أيضا إلى إثيوبيا بأن صبر الدولتين فى محاولة إعلاء قيم التعاون وحسن الجوار وأصول الشراكة فى نهر دولى تحكمه قيم التعاون وتبادل المنافع، أوشك على النفاد.
< كيف يمكن للتقارب المصرى السودانى أن يؤثر على المرحلة المقبلة فى مفاوضات سد النهضة؟
ــ التقارب المصرى السودانى فى مسألة نهر النيل تحكمه اتفاقية ١٩٥٩، وهى تدفع القاهرة والخرطوم إلى التعامل مع دول المنبع بصوت وموقف موحد، وأتوقع أن الضغط الدولى وقبله تلاحم الموقفين السودانى والمصرى يمكن أن يساعد كثيرا فى الوصول إلى اتفاق.
ولا يخفى على أحد أن اختلاف الموقفين المصرى والسودانى خلال الفترة الماضية كان له أثر سلبى على مفاوضات سد النهضة، وأضر كثيرا بحقوق البلدين، لكن الآن أجد أن الوعى العام السودانى بدأ يأخذ مجرى مغايرا تماما فى هذه القضية.
< كيف ترى التصريحات الإثيوبية بالإقدام على المرحلة الثانية من الملء حتى دون اتفاق؟
ــ التصريحات الإثيوبية فى مجملها لا تراعى علاقات حسن الجوار، وعلاقات دول يجمعها نهر واحد، ويجب أن تدار موارده فى إطار المنفعة المشتركة للدول الثلاث (مصر – السودان – إثيوبيا)، وهى إما أن تكون للاستهلاك المحلى لتخفيف ضغط الأزمات الداخلية على حكومة آبى أحمد أو تخاطب العالم بادعاء حرص أديس أبابا على استمرار المفاوضات، ولم نرَ فى الحالتين إلا استمرار المماطلة وإضاعة الوقت.
< إثيوبيا تزعم أنها لن تقبل باتفاق يحيد عن إعلان المبادئ.. فهل يعارض ذلك مصالح مصر أم يدعمها؟
ــ مصر والسودان لا يطلبان أكثر من الالتزام بما جرى التوقيع عليه فى اتفاق المبادئ عام 2015، وما نص عليه من التعاون والتنسيق فى إدارة وتشغيل السد وعدم انفراد إثيوبيا بأى خطوة قد تلحق ضررا بدولتى المصب.
لكن إثيوبيا نفسها بالملء الأول بصورة منفردة تماما، فى يوليو الماضى، خرقت اتفاق إعلان المبادئ كما تخرق قواعد القوانين الحاكمة للأنهار الدولية.
< وزير الرى الإثيوبى ألمح إلى تبادل البيانات والتنسيق مع السودان خلال الملء الثانى.. فما هى تحديدا بواعث القلق تجاه هذه المرحلة؟
ــ الجميع شاهد خلال المرحلة الأولى لعملية الملء الفيضان المدمر الذى تعرضت له مناطق واسعة فى السودان ومن قبله تأثر محطات الشرب وخروج بعضها عن الخدمة، واعتقد أن ما يدعو للقلق حيال هذه المرحلة تحديدا أنها ستحول سد النهضة إلى أداة فى يد إثيوبيا لمساومة مصر والسودان على مياه النيل الأزرق، وهو ما يهدد الأمن القومى للبلدين.
< لماذا لم تفلح مفاوضات سد النهضة تحت رعاية الاتحاد الإفريقى؟
ــ الاتحاد الإفريقى له ظروفه فيما يتعلق بقوة التأثير وطبيعة تركيبة مؤسساته إضافة إلى الدور المحورى لإثيوبيا فى القارة وبها مقر الاتحاد، وبالتالى هناك صعوبات سياسية عديدة أمام أى دولة تترأس الاتحاد الإفريقى. وفنيا لا يخفى على أحد قلة خبرة خبراء الاتحاد فى مثل هذه المسائل مقارنة بخبراء البنك الدولى مثلا.
قال عضو المجلس المصرى للشئون الخارجية، الدكتور عدلى سعداوى، إن شروع إثيوبيا فى المرحلة الثانية لملء سد النهضة، دون اتفاق، سيحول السد إلى أداة فى يد أديس أبابا لمساومة مصر والسودان على مياه النيل الأزرق، وهو ما يهدد الأمن القومى للبلدين.
ويعتقد العميد السابق لمعهد البحوث والدراسات الاستراتيجية لدول حوض النيل بجامعة الفيوم، فى حواره مع «الشروق»، أن يسفر التقارب المصرى السودانى والضغط الدولى عن الوصول إلى اتفاق بشأن ملء وتشغيل سد النهضة.
وإلى نص الحوار: