
هل تستحق المرأة لمعاش زوجها بعدما قتلته عمدا؟.. تراث مجلس الدولة يجيب
تعد قضية مدى استحقاق المرأة المدانة بقتل زوجها عمدا لمعاشها المستحق عن وفاته من القضايا القانونية الغريبة والخلافية التي عرضت على الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة، لإبداء الرأي القانوني حولها، بعدما ثار التساؤل حولها بوزارة التأمينات الاجتماعية، وشهدت خلافاً في الرأي القانوني إلى أن استقرت المبادئ القانونية المتواترة على رأي واحد تجاهها.
ففي عام 1985 تقدم وزير التأمينات بطلب إلى الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة، يطلب فيه إبداء الرأي القانوني حول مدى استحقاق امرأة متهمة بقتل زوجها عمداً لمعاشها المستحق عنه، وانتهت الفتوى إلى استحقاق المعروضة حالتها للمعاش، استنادا إلى أن الحرمان من الحق أو سقوطه لا يكون إلا بنص خاص.
وذكرت الفتوى أن المادة 44 من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 نصت على عدم جواز حرمان المنتفع أو صاحب المعاش أو المكافأة لأي سبب من الأسباب، وأمام صراحة هذا النص ووضوح عباراته فلا يجوز تأويله وصولاً إلى حكم مانع من الاستحقاق، خاصة وأن استحقاق المعاش إنما ينشأ للمستحق من القانون مباشرة دون أن يأتيه أيلولة من المتوفى، فلا يعتبر تركة ولا ينشأ بعلاقة وارث بموروث، ومن ثم فلا تسري في شأنه قاعدة حرمان الوارث أو الموصى له من الميراث أو الوصية إذا قتل المورث أو الموصي عمدا وعدونا.
وشددت الفتوى أنه لا يثور بشأن ذلك النزاع أن القتل مانع من الميراث، وأن أحكام التأمين الاجتماعي والمعاشات العام منها أو الخاص بطوائف بعينها من العاملين، وإن كانت في حقيقتها نظم تأمينية، إلا أن المشرع قد خصها بتنظيم قانوني متكامل فتخضع لهذا التنظيم دون الأحكام التي تنظم عقود التأمين في عمومها.
واستمرت الفتاوى والأحكام القضائية مستقرة على ذلك المبدأ بأحقية المرأة قاتلة زوجها عمدا في معاشها المستحق عنه، إلى أن عدلت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع برئاسة المستشار طارق البشري عن هذا الرأي وانتهت في فتوى أخرى إلى عدم أحقيتها، مؤكدة أن التأمين يقوم على صيغة لائحية تنظمها قوانين المعاشات والتأمينات وتحدد المراكز القانونية والاستحقاقات المتبادلة بين أطراف تلك العلاقة.
ورأت الجمعية في فتواها الأخيرة أنه وفقا للقانون المدني فإن علاقة التأمين تتضمن أيضا صيغة عقدية تنظم بالعلاقة العقدية، موضحة أن عقود التأمين سواء جرت بصيغة لائحية أو عقدية فإن واحدا من أسسها قيامها جوهريا أن يكون استحقاق التأمين للمؤمن له أو للمستفيد ناتجا عن وقوع حادث أو حلول أجل أو تحقق ضرر بموجب واقعة قانونية لا دخل لإرادة المستحق فيها، لافتة إلى أن ذلك الحادث أو الأجل إنما ينبغي أن يتحقق بغير ترتيب إرادي مباشر مقصود من المستحق المؤمن له أو المستفيد.
وأكدت الفتوى أن القول بغير ذلك يؤدي إلى تحقق الاستحقاق بمحض توجه إرادة المؤمن له أو المستفيد إلى ذلك أو بموجب اصطناعه المقصود به ترتيب الاستحقاق ترتيباً إرادياً، وهذا أمر ينهار به نظام التأمين وتختل علاقاته.
ولفتت الفتوى إلى أنه تأكيدا لذلك أسقط المشرع الاستحقاق حال الانتحار بحسبان أن الانتحار فعل إرادي يرتب الوفاة، واستثنى من ذلك انتحار فاقد الإرادة.
وأشارت الفتوى إلى أن المشرع عندما حدد حالات استحقاق المعاش للمؤمن له أو لغيره من المستحقين في حالة وفاته سواء أثناء الخدمة أو بعد انتهائها وحدد شروط الاستحقاق في كل حالة وسكوته عن بيان أثر قتل المستفيد المؤمن له عمدا أو بتحريض منه على استحقاق المعاش، فهو سكوت غير مقصود به تقرير أحقية القاتل في المعاش عن المؤمن له، لما في ذلك من تعارض مع القواعد الحاكمة للعلاقة التأمينية والتي تأبى أن يستفيد القاتل من قتل من أزهق روحه عمدا – بغيا وعدونا.
ونوهت الفتوى إلى أن نص المادة 44 من قانون التأمين الاجتماعي وما تضمنته من عدم جواز حرمان المؤمن عليه أو صاحب المعاش من معاشه لأي سبب من الأسباب، يقصد به الحرمان بعد ثبوت استحقاق المعاش، وأن ثبوت أصل استحقاق المعاش لا يقوم إلا بتحقق شروط هذا الاستحقاق وانتفاء موانعه.
ففي عام 1985 تقدم وزير التأمينات بطلب إلى الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة، يطلب فيه إبداء الرأي القانوني حول مدى استحقاق امرأة متهمة بقتل زوجها عمداً لمعاشها المستحق عنه، وانتهت الفتوى إلى استحقاق المعروضة حالتها للمعاش، استنادا إلى أن الحرمان من الحق أو سقوطه لا يكون إلا بنص خاص.
