«رجل الفقراء».. قصة هتاف من العمال أغضب مبارك من الجنزوري
حياة مليئة بالكفاح والحلم والصدام، تلك هي أبرز سمات الحياة السياسية للراحل الدكتور كمال الجنزوري، رئيس وزراء مصر الأسبق، والتي رواها في مذكراته الصادرة عن “دار الشروق” عام 2014: (طريقي.. سنوات الحلم.. والصدام.. والعزلة.. من القرية إلى رئاسة مجلس الوزراء).
توفي الجنزوري اليوم عن عمر يناهز 88 عاما، بعد مسيرة إدارية وسياسية كبيرة، حيث تولى رئاسة الحكومة مرتين، أولاهما في النصف الثاني من التسعينيات بعد انطلاق برنامج الخصخصة وتغيير مصر بوصلتها الاقتصادية بالكامل، والمرة الثانية كانت في ظروف دقيقة شهدت إدارة المجلس الأعلى للقوات المسلحة شئون البلاد استثنائيا وأجريت خلالها الاستحقاقات الانتخابية الأهم بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011، بانتخاب مجلسي الشعب والشورى ورئيس الجمهورية.
وتنشر “الشروق” كواليس من مذكرات الجنزوري، ومقتطفات من أسرار رئيس الوزراء الأسبق وعلاقته بالرئيس الراحل محمد حسني مبارك، وزوجته سوزان، ورجال تلك الحقبة من تاريخ مصر، ولقاءاته مع زعماء الدول العربية، حسبما أشار إليها في مذكراته.
ويروي الجنزوري في مذكراته بعض من المواقف التي حدثت له مع الرئيس الراحل حسني مبارك، بعد خروجه من رئاسة الوزراء عام 1999، وكان منها حضوره احتفال عيد العمال أول العام 2002، فيقول الجنزوري: “دُعيت وياليتني ما دعيت، فلقد حدث بمجرد دخولي القاعة، وقف الحضور مصفقين وهاتفين وقائلين: الجنزوري رجل الفقراء.. الجنزوري رجل الفقراء والغريب أن جريدة الأهرام لليوم التالي، أبرزت ضمن نقاط حول اللقاء، تصفيق حار للجنزوري.
الهتاف كان شديدا وطويلا كما يروي الجنزوري، وفيما كان مذيع التليفزيون يقدم المتحدثين قبل الرئيس، لمح الجنزوري الرئيس مبارك يقدم ورقة صغيرة مطولة إلى المذيع، يطلب منه أن يحملها إلى أحد: “وقد تابعت من طرف خفي رحلة الورقة حيث وصلت إلى زكريا عزمي الذي قرأها بسرعة وعرضها على جمال مبارك الجالس بجواره، وقد اتسعت عيناه تساؤلا ودهشة وفهمت بعد ذلك سر الدهشة”.
يضيف الجنزوري: “خرج زكريا عزمي فجأة أثناء كلمة الرئيس وهو ما لا يجوز بروتوكوليا، وبخبرتي السابقة أحسست أنه أمر مهم، وعرفت فيما بعد أنه خرج ليوجه بعض أعضاء الحرس الجمهوري المرافق، لإعادة تأمين الغرفة التي كان يجلس بها الرئيس قبل دخوله قاعة الاحتفال، وكان التأمين يعني أن الرئيس سيعود ثانية إلى الغرفة، ولكن الذي جرى غير ذلك”.
ويكمل: “بعد أن انتهى الرئيس من خطابه تقدم نحونا وأمسك بيدي ورفعها أمام العمال ثم توجه بنظراته إلى الدكتور حجازي، وقال: إزيك يا عبد العزيز، ولم ينظر إلى وجهي وهنا قال زكريا عزمي لأفراد الحراسة: خلاص هو قابلهم هنا مفيش داعي للذهاب إلى الغرفة”.
يعقب الجنزوري على ذلك: “كانت تلك محاولة من الرئيس لإرسال رسالة إلى العمال، وأيضا إلى الشعب من خلال ما يذاع على الهواء، بأن كل كل رؤساء الوزارات السابقين ما زالوا رجالي، وأن التصفيق الطيب الذي نلته من الحضور، هو له لأنني جزء من النظام الذي يقوده فلا تحية ولا تصفيق إلا له”.
توفي الجنزوري اليوم عن عمر يناهز 88 عاما، بعد مسيرة إدارية وسياسية كبيرة، حيث تولى رئاسة الحكومة مرتين، أولاهما في النصف الثاني من التسعينيات بعد انطلاق برنامج الخصخصة وتغيير مصر بوصلتها الاقتصادية بالكامل، والمرة الثانية كانت في ظروف دقيقة شهدت إدارة المجلس الأعلى للقوات المسلحة شئون البلاد استثنائيا وأجريت خلالها الاستحقاقات الانتخابية الأهم بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011، بانتخاب مجلسي الشعب والشورى ورئيس الجمهورية.