ما أشبه اليوم بالأمس.. كيف احتفل المصريون بعودة سعد زغلول من المنفى؟
احتفلت مصر في موكب عظيم، بـ22 مومياء ملكية، نقلوا من المتحف المصري بميدان التحرير في قلب العاصمة القاهرة، إلى المتحف القومي للحضارة في الفسطاط، حيث لفت الحدث أنظار العالم سواء لضخامة الحدث ذاته أو التفاصيل المبهرة على أغلب المستويات التي تضمنها الاحتفال، من موسيقى وغناء وترانيم باللغة المصرية القديمة، وأزياء وديكور وغيرها من الأشياء.
واهتم كثير من المتخصصين في التاريخ المصري، برصد الاحتفال بصور مختلفة، منهم من تحدث عن تفاصيله ومنهم من عاد بالتاريخ للحديث عن حب المصريين للاحتفالات وإقامة المواكب الكبرى تعبيراً عن سعادتهم، وكان من بين هؤلاء الكاتب البريطاني رافئيل كورماك الذي تحدث عن موكب يعود تاريخه إلى عشرينيات القرن الماضي، وكورماك هو متخصص في دراسات الشرق الأوسط، وصاحب كتاب “midnight in Cairo” عن مدينة القاهرة وتحديداً الحركة الفنية والنسائية فيها.
وكتب كورماك، عبر صفحته الرسمية على تويتر: “تحدث الكثير من الناس عن موكب المومياوات في مصر، لكني لست متأكدًا من أن أي شخص قد ألقى الضوء على موكب آخر حدث بالضبط قبل 100 عام: عودة سعد زغلول من المنفى”.
نقل الكاتب البريطاني، عبر تغريداته تفاصيل الموكب الاحتفالي الذي أقامه الناس عند عودة سعد زغلول من المنفى الأول عام 1921، مستنداً إلى أرشيف صحيفة الأهرام، خلال هذه الفترة، وعلق كورماك: “تم نفي زغلول من قبل البريطانيين بسبب نشاطه من أجل استقلال مصر، مما أدى إلى احتجاجات حاشدة في الشارع، وفي النهاية رضخ البريطانيون بعد محاولات استخدام القوة، وعاد زغلول إلى الإسكندرية في 4 أبريل 1921”.
ويصف الموضوع المنشور في الجريدة، الموكب الذي أحاط بسعد زغلول، وجاء فيه: “لما دخلت الباخرة فينا باب البوغاز كانت رافعة جميع زينتها وعلى ساريتها الكبرى العالم المصري وعلى جوانبها شعارات يحيى سعد باشا زغلول ولتحيا مصر حرة، وحاوطتها الزوارق التي تحمل المستقبلين، وأطل عليهم وأخد يلوح بمنديله وزاد تلويحاً وإيماءً لتحية زورق السيدات ولما رست الباخرة وتمت الإجراءات بسرعة صعدت السيدات قبل الرجال للتحية”.
أما في وصف الزينة فقال: “كانت عبارة عن عدد من أقواس النصر وصفحات كبيرة وصغيرة لا يحصى عددها كتب عليها آيات الوطنية والإخلاص والمطالب القومية، ثم الرايحين والأزهار مجدولة أمام المخازن وفوق أبواب المنازل وبين صفوف المباني وقد نصبت مئات من صور سعد على الأبواب وبعضها في إطار جميل وبعضها في أطر من الأزهار، والبعض بالمصابيح الكهربائية، والزحام في الشوارع وعلى جوانب الطرق فاق كل حد حتى تصورنا أن الإسكندرية كلها كانت واقفة على ممر الموكب”.
وعلق كورماك في تغريداته المنشورة بصحبة الوثائق: “ذهب سعد زغلول في موكب عبر مدينة الإسكندرية يضم سيارات معلقة بالعلم المصري، وجاء الناس من جميع أنحاء مصر لتشجيعه وزينت الشوارع والمنازل بالورود والشعارات الوطنية واصطفت في طريقه من القارب إلى فندق كلاريدج حيث أقام”.
– حب الاحتفالات لدى المصريين
يربط المجتمع المصري أغلب مظاهر سعادته وأعياده بالاحتفالات وإقامتها، سواء الأعياد الدينية أو مناسبات أو احتفالات ترتبط بانتصارات حربية وغيرها، ونرى أن هذه الطقوس قديمة للغاية في حياة الشخصية المصرية، لأنها محبة للموسيقى والغناء وإبداء السعادة من خلال مظاهر الزينة، وذلك منذ المجتمع المصري القديم.
وكثرت الأعياد والاحتفالات عند قدماء المصريين، وتعددت بتعدد المناسبات في الدولة، وترجع نشأة الاحتفالات وطقوسها في المجتمع المصري القديم إلى الإله رع، ومنذ ذلك الحين يعطي المصريون القدماء اهتماماً كبيراً لطقوس الاحتفالات ومراسيمها على اختلافاتها لأنها كانت تمثل لهم متنفس للمرح والترويح عن النفس، وكانت جماهير الشعب يتطيبون بأحسن العطور ويجلسون فوق المنازل ويصطفون، وفق الاحتفال، وتتناوب الجماهير الغناء والمديح والعزف، بحسب ما جاء في كتاب “الموسيقى والمجتمع في مصر القديمة” للدكتور خيري إبراهيم أستاذ التربية الموسيقية في جامعة حلوان.
ذكر الكتاب أيضاً أنه كان للموسيقى والعزف دورهما في إقامة الاحتفالات، الرسمية والشعبية على المستويين العام والخاص، وتوضح الرسوم والنقوش أن المشاركة الفعالة للموسيقى في الاحتفالات الكبرى والعامة لم تكن تقتصر على الموسيقين المحترفين فقط بل شاركت فيها أيضا قاعدة عريضة من فئات الشعب بالعزف والغناء والرقص في هذه الاحتفالات وفي الاحتفالات الاجتماعية الخاصة داخل الأسرة.
واهتم كثير من المتخصصين في التاريخ المصري، برصد الاحتفال بصور مختلفة، منهم من تحدث عن تفاصيله ومنهم من عاد بالتاريخ للحديث عن حب المصريين للاحتفالات وإقامة المواكب الكبرى تعبيراً عن سعادتهم، وكان من بين هؤلاء الكاتب البريطاني رافئيل كورماك الذي تحدث عن موكب يعود تاريخه إلى عشرينيات القرن الماضي، وكورماك هو متخصص في دراسات الشرق الأوسط، وصاحب كتاب “midnight in Cairo” عن مدينة القاهرة وتحديداً الحركة الفنية والنسائية فيها.