الإعدام في مصر القديمة.. خبراء: الخيانة العظمى والزنا وقتل الحيوانات جرائم كانت تستحق العقوبة
قال خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمي بجنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار، إن الحضارة المصرية نشأت على أساس العدل مما جعلها مستمرة لآلاف السنين.
وأكد أن عقوبة الإعدام كانت تتم بأشكال متعددة منها الإلقاء في النهر لكي تفترسه التماسيح أو الحرق أو الخازوق الذي استخدم مع جرائم لصوص المقابر والانتحار وتترك للشخص نفسه للقيام بها.
وأضاف ريحان، لـ«الشـروق»، أن العقوبات التي كانت تستحق عقوبة الإعدام تتمثل فى قتل حيوان له صفة دينية رمزية، وذلك لاعتدائه على طبيعة مقدسة، وفي حالة تعمدة بذلك فيتم تطبيق الإعدام عليه، أو الغرامة في حالة القتل الخطأ، إلى جانب أنه كان يتم تطبيق الإعدام على جريمة الخيانة العظمى للدولة والملك، وإفشاء شؤون الملك وأسراره.
وتابع أن هناك تشريعات لسرقة المعابد، وقد اتضحت من قائمة عقوبات وردت في مرسوم الملك سيتي الأول الأسرة 19، وطُبقت عقوبة الإعدام بالخازوق وجدع الأنف، موضحا أن المرسوم أشارإلى عقوبة إعدام من يسرق حيوانًا تابعًا للمعبد وينقله إلى طرف آخر، مع مصادرة ممتلكات السارق لصالح المعبد المسروق، بينما سرقة حيوان دون نقله إلى طرف آخر، فكانت عقوبتها جدع الأنف، مع تسخير السارق وأسرته لخدمة المعبد المنتهكة حرمته.
وأردف أن من الجرائم الكبري التي كانت تستحق الاعدام كانت تتمثل في «التحرش الجنسي»، وهو ألقاء كلمات او أفعال غير مرغوب بها تحمل الطابع الجنسي وتنتهك الجسد وخصوصية الشخص ومشاعره وكان عقاب المخطئ من الرجل أو المرأة أحيانًا بهذه الجريمة بالإلقاء في النهر حتى تأكلهم التماسيح، وإذا خرج أو خرجت حية من النهر دون أذى فهذا قد تم تبرئته من قبل الإله .
وأشار إلى أنه فى حالة الزنا يتم الأعدام حرقا، فقد كانت جرائم الاغتصاب والزنا تصل عقوبتها إلى الاعدام، مؤكدا أنه ثبت ذلك من خلال «نقوش اَني، وبردية بولاق، وبردية لييد»، بينما فى بردية “سولت رقم 124” ذكرت أمثلة من جرائم التحرش الجنسي، وأن رئيس العمال في منطقة دير المدينة في البر الغربي بالأقصر اتهم بالتحرش بإحدى العاملات، ووجهت له التهمة، لكن البردية لم تؤكد نوع العقاب الذي ناله، إلا أنه أعفى من منصبه لاحترام المجتمع للمرأة، وقد نسب للملك رمسيس الثالث تأسيس أول شرطة خاصة لمواجهة التحرش في الشوارع والحدائق، مما ساهم في اختلاط الجنسين، وكان دور الشرطة منع أي قول أو فعل لسيدة، نتيجة بعض الفوضى في عصره وكثرة الأجانب في مصر.
ومن جانبه، قال مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية، الدكتور حسين عبد البصير، إن بردية تورين القضائية أظهرت لنا عقوبة الشنق والإعدام في مصر الفرعونية.
وأضاف أن من جرائم الخيانة العظمى الشهيرة ما عرف بمؤامرة الحريم حيث كانت لرمسيس الثالث زوجة ثانوية باسم “تى”، وقامت بمؤامرة ضده وشارك فى المؤامرة عددًا من حريم القصر الملكى وبعض سقاة البلاط وحرسه وخدمه كى تضع ولدها “بنتاورت” على العرش بدلًا من ولى العهد الشرعي الملك رمسيس الرابع بعد ذلك، ثم تم اغتيال رمسيس الثالث وانكشفت المؤامرة، وحقق فيها بأمر من الملك التالى وهو رمسيس الرابع، وحكمت المحكمة على المتهمين بأحكام تتراوح بين الإعدام والانتحار والجلد والسجن وقطع الأنف وصلم الأذن والبراءة، كل وفقًا لدوره وجريمته فى تلك المؤامرة.
وأضاف عبد البصير، لـ«الشـروق»، أن فى المتحف المصري بميدان التحرير يوجد مومياء لرجل غير معروف فى المتحف، وتعرف علميًا بـ”مومياء الرجل غير المعروف إي”، ويشيع تعريفها بـ”المومياء الصارخة” أو “مومياء الرجل الصارخ”، لتثبت الدراسات التي قام بإجرائها الدكتور زاهي حواس وفريقه على مومياء الملك رمسيس الثالث والمومياء غير المعروفة فى المتحف المصري فى ميدان التحرير أنه تم قتل الملك بقطع رقبته من الخلف بسكين حاد.
وأكد على أثبات نفس الدراسات الحديثة أن “مومياء الرجل غير المعروف إي” أو “المومياء الصارخة” أو “مومياء الرجل الصارخ” كانت لابن الملك بنتاورت، الذي أُجبر على الانتحار وشنق نفسه بيده من خلال علامات الحبل الموجودة على رقبته، مضيفا أنه تم عقاب هذا الابن أشد عقاب بعدم تحنيط جثته ودفن جسده فى جلد الغنم الذي كان يعتبر غير طاهر فى مصر القديمة، وبناء على ذلك سيذهب إلى الجحيم في الآخرة.