أخبار مصر

أصوات_من_نور.. الشيخ محمد رفعت «هبة السماء» الذي تأثر به الملك وأهل الفن

“هو الصوت الباكي وهبة السماء منحة من الأقدار حين تهادن وتجود، بل وتكريم منها للإنسانية”، هكذا جاء وصف القارئ الشيخ محمد رفعت على لسان معاصريه من النقاد الأدباء وأهل الفن والتلاوة، الذين فتنوا بتلاوته وعذوبة صوته وخشوعه في قراءة القرآن.

أحب الشيخ محمد رفعت، القرآن بكل جوارحه، فأحبه الخلق من شتى المشارب والطبقات والفئات، واجتمع على صوته الباشا والملك والأمير والغفير والغني والفقير. فهناك في مسجد فاضل باشا في القاهرة، كان يقصده الناس، حتى الملك فاروق، وكانت الإذاعة المصرية تحرص على بث حفلاته من هناك.

بدأت علاقة الشيخ محمد رفعت بالملك فاروق عندما توفي والده الملك فؤاد، فقرأ رفعت في مأتم ملك مصر السابق، ومن هناك، أعجب فاروق بصوت الشيخ رفعت، وبدأ يهاتفه دوما ويسأله عن إحياء حفلات صلاة الجمعة في مسجد فاضل، حسبما قالت حفيدته هناء محمد رفعت في حوار سابق.

https://www.youtube.com/watch?v=coE8z4lPmiU

وكان الشيخ محمد رفعت عفيف النفس، بعيد البعد عن كل مظاهر السلطة، ولا يشغله جمع الأموال، تقول حفيدته إنه “لم يترك إرثا، وإنما ترك علما وتاريخا تفتخر به العائلة على مر العصور”.

هذا حاله مع الأغنياء ورجال الحكم، أما مع الفقراء فكانت له مواقف لا تنسى، فكان زاهدا خاشعا يميل إلى الفقراء والزهاد، وكان له صديقا قبيل موته، فسأله صديقه وهو على سرير المرض من يرعى ابنتي بعدي؟ فتأثر الشيخ بذلك، وفي اليوم التالي والشيخ يقرأ القرآن من سورة الضحى، وعند وصوله إلى (فأما اليتيم فلا تقهر)، تذكر الفتاة، وانهال في البكاء بحرارة، ثم خصص مبلغا من المال للفتاة حتى تزوجت.

لم يكن صوت الشيخ رفعت حكرا على طبقة بعينها، فقد جذب صوته أنظار القاصي والداني، فكما جذب أهل السلطة اجتذب أهل الفن، وعلى رأسهم الموسيقار الكبير محمد عبدالوهاب، الذي جمعته صداقة بالشيخ محمد رفعت، ويقول عبدالوهاب عن هذه الصداقة: “كنت صديقًا للشيخ محمد رفعت، فإذا ما قرأ القرآن الكريم انقلب الصديق إلى خادم، فأجلس تحت قدميه، لأنه يُشعرك حين يقرأ القرآن الكريم بأنه يخاطب الله بين يديه”.

https://www.youtube.com/watch?v=SB6WIbtaIOo

وتقول حفيدة الشيخ رفعت، إن جدها جمعته صداقة مع الفنان نجيب الريحاني، وأن الريحاني كان يبكي عندما يستمع إلى تلاوة الشيخ رفعت، وتطرقت حفيدة الشيخ إلى مقال كتبه الريحاني عن جدها بعنوان “نزهة الحنطور مع الشيخ رفعت”، قال فيه: “كاد هذا الصوت ينساب إلى صدري حتى هز كياني وجعلني أقدس هذه الحنجرة الغالية الخالدة، وهى ترتل أجمل المعانى وأرقها وأحلاها، صممت على لقاء الشيخ رفعت، فالتقيته أكثر من مرة وتصادقنا”.

https://www.youtube.com/watch?v=VLAEOmqG6Kw

ولد الشيخ محمد رفعت في 9 مايو عام 1882م بدرب الأغوات بحي المغربلين في القاهرة، وفقد بصره صغيرا وهو في سن الثانية من عمره، وكان هو أول قارئ يفتتح بث الإذاعة في عام 1934، أطلق عليه محبوه “قيثارة السماء”، مرض قبل وفاته بسرطان الحنجرة، وصرف كل ما يملك على علاجه، حتى أصبح لا يملك تكاليف العلاج، ولعزة نفسه، رفض اكتتاب بحدود 50 ألف جنيه لعلاجه، وقال كلمة لا تزال تتردد حتى الآن إن “قارئ القرآن لا يهُان”، وظل الشيخ رفعت هكذا حتى فارق الحياة في نفس تاريخ ميلاده 9 مايو 1950 عن عمر ناهز 78 عاما، ودفن بجوار مسجد السيدة نفيسة بناء على وصيته.

الشيخ محمد رفعت

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *