لعبة «النوستالجيا».. لماذا تلجأ إليها الشركات في حملاتها الإعلانية
مع بداية شهر رمضان تعرض القنوات التلفزيونية وأيضا المنصات الإلكترونية مجموعة مختلفة من الإعلانات، التي تسعى الشركات الكبرى للعمل والإعداد لها كل عام ترويجا لمنتجاتها، وتختار كل شركة الأسلوب الدعائي المناسب من وجهة نظر مديري هذه الحملات وخططهم الدعائية.
والمتتبع لشكل الإعلانات التي تلجأ لها الشركات سوف يجد استخدام لفكرة “النوستالجيا” أو الحنين إلى الماضي في الدعاية، والتي لجأت لها أكثر من شركة خلال السنوات الماضية، بل أصبحت ركيزة أساسية في الإعلانات، وتختلف أنواع استغلالها بصور متنوعة، مثلما جاء في عودة الفنانة شريهان بعد غياب طويل في إعلان لإحدى شركات الاتصالات.
أغنية أو موسيقى أو شخصية.. اللعب على المشاعر
أحدث ظهور الفنانة شيريهان بعد قرابة عقدين من اختلافاءها عن الساحة الفنية لأسباب مرضية مختلفة، في إعلان إحدى شركات المحمول ضجة واسعة، فهي شخصية رمزية تحمل ذكريات جيل بأكمله كان يتابع أعمالها في رمضان، من خلال الفوازير التي تألقت فيها بشكل خاص، وبين مؤيد ومعارض لجودة الإعلان في حد ذاته إلا أن كثيرين اجتمعوا على حبها والسعادة لرؤيتها مرة أخرى.
وهذه الفكرة قد كررت في أكثر من إعلان سابق، في السنوات الماضية، ومنها إعلان “بيبسي” عام 2014، الذي جمع شخصيات مسرحية المتزوجون، وفريق “فور إم” عزت أبو عوف وأخواته، وفي 2017، استعانت بشخصيات بوجي وطمطم ونيلي وفوازير “عمو فؤاد”.
وكما أن هناك فنان أو شخصية تحمل كثير من الذكريات التي يشعر بالحنين نحوها من عاصروها، توجد أنواع من الموسيقى والأغنيات مرت في مراحل الطفولة أو الصبا وأصبحت جزء من ذاكرة الشخص، عندما يسمعها تعود به إلى الماضي، وتوظف شركات الإعلانات الأمر بشكل دعائي للترويج لمنتجها، ونلاحظ ذلك في إعلان جمعية رسالة لهذا العام، الذي اعتمد على صوت حميد الشاعري وألحانه التي تنتمي لفترة التسعينيات.
في 2016، وظف لحن أوبريت الليلة الكبيرة، في إعلان شركة “فودافون” تحت عنوان العيلة الكبيرة، مع تغيير الكلمات بطريقة تتماشى مع نفس اللحن المشهور.
النوستالجيا .. هل وسيلة فعالة للتأثير؟
يقول آرت ماركمان، متخصص في علم النفس المعرفي في جامعة تكساس: “عندما يشعر الناس بالحنين إلى الماضي، فإنهم يعيشون في تفاصيل هذا الماضي ولكنه يبدو وردياً وأكثر إيجابية من المحاضر، ويمكن الوصول لهذا الشعور من خلال التفكير في الأحداث الماضية أو الذهاب إلى الأماكن التي عايشتها من قبل أو حتى من خلال سماع أغنية أو موسقى تعيد ذكريات الأشياء التي حدثت، وغالباً ما يدفع هذا الاحساس نحو التفاؤل والسعادة وفق كثير من الدراسات التي ركزت على هذه الحالة”، بحسب موقع “سيكولوجي توداي”.
ويبدو أن فائدة الحنين تختلف باختلاف العمر، وفقًا لإريكا هيبر، عالمة النفس بجامعة سوري في إنجلترا، لقد وجدت هي وزملاؤها أن مستويات النوستالجيا تميل إلى الارتفاع بين الشباب، ثم تنخفض في منتصف العمر وترتفع مرة أخرى أثناء الشيخوخة، ويتم تحفيز الذكريات من خلال الأغنيات أو الموسيقى التي مرت على الأشخاص خلال فترات مبكرة من أعمارهم، فهما عاملان فعالان في تنشيط هذا الشعور، بحسب “ذا نيويورك تايمز”.
توظف هذه المشاعر بكثرة في الدعاية والحملات الإعلانية، نشرت مجلة أبحاث المستهلك عام 2014، ملخص دراسة موسعة ، أجرى خلالها المؤلفون ست تجارب بحثت في مقدار استعداد الناس لإنفاق الأموال والتبرع بها عند الشعور بالحنين إلى الماضي.
وفي إحدى الدراسات، طلب من المستهلكين التفكير في الماضي، وفي تلك اللحظات كانوا على استعداد لدفع المزيد مقابل مجموعة من المنتجات أكثر من الوقت الذي طلب فيه منهم التفكير في ذكريات جديدة أو مستقبلية، وأظهرت دراسة أخرى استعدادًا متزايدًا لمنح المزيد من المال للآخرين بعد التذكر أو التفكير أو الكتابة عن حدث وقع في الماضي.
وقال القائمون على الأبحاث إن هذه المعلومات مفيدة للعلامات التجارية التي تتطلع إلى إثارة مشاعر النوستالجيا في عروضها الترويجية وخطوط منتجاتها وكذلك المنظمات الخيرية والسياسية التي تتطلع إلى جمع الأموال.
ووجد المؤلفون أن عندما يكون لدى الناس مستويات أعلى من الترابط الاجتماعي وتحفيز شعور ذكرياتهم بالآخرين وأنه يمكن تحقيق رغباتهم واحتياجاتهم من خلال مساعدة الآخرين، فإن قدرتهم على تحديد الأولويات والتحكم في أموالهم تصبح أقل إلحاحًا.
تشير مجلة أبحاث المستهلك عام 2017، إلى أنه يمكن لشعور النوستالجيا قلب مشاعر المستهلك الذي أصيب بالملل من الرسائل التسويقية إلى الاهتمام، حيث تُظهر الأبحاث إمكانية مقاومة الشعور بالوحدة والقلق، بل ويساعدنا على اجتياز التحولات الحياتية المجهدة بشكل أسهل، وبالتالي ، فإن العلامات التجارية المرادفة لفترات زمنية محددة قادرة على بناء علاقة قوية مع المستهلكين، والاستفادة من الذكريات لديهم ، واستخدامها لإعادة التفاعل مع الجمهور مرة أخرى.
بالإضافة إلى المساعدة في تخفيف التوتر، يمكن لمشاعر الحنين أيضًا أن تجعل الناس يشعرون بأنهم أكثر ارتباطًا اجتماعيًا بالآخرين ، وهذا ما يفسر سبب استخدام العلامات التجارية عادةً هذا الشعور لدفع المحتوى الاجتماعي، والاستفادة من غريزة المستهلك الطبيعية لمشاركته مع الأصدقاء والعائلة.
والمتتبع لشكل الإعلانات التي تلجأ لها الشركات سوف يجد استخدام لفكرة “النوستالجيا” أو الحنين إلى الماضي في الدعاية، والتي لجأت لها أكثر من شركة خلال السنوات الماضية، بل أصبحت ركيزة أساسية في الإعلانات، وتختلف أنواع استغلالها بصور متنوعة، مثلما جاء في عودة الفنانة شريهان بعد غياب طويل في إعلان لإحدى شركات الاتصالات.
أغنية أو موسيقى أو شخصية.. اللعب على المشاعر
أحدث ظهور الفنانة شيريهان بعد قرابة عقدين من اختلافاءها عن الساحة الفنية لأسباب مرضية مختلفة، في إعلان إحدى شركات المحمول ضجة واسعة، فهي شخصية رمزية تحمل ذكريات جيل بأكمله كان يتابع أعمالها في رمضان، من خلال الفوازير التي تألقت فيها بشكل خاص، وبين مؤيد ومعارض لجودة الإعلان في حد ذاته إلا أن كثيرين اجتمعوا على حبها والسعادة لرؤيتها مرة أخرى.