وزير الأوقاف: الإسلام دين الرحمة والإنسانية
أكد وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، أن الإسلام يتحدث عن نفسه، لا كما يتحدث عنه الجماعات المتطرفة، ولا من قام بعمليات انتقامية، فالإسلام يتحدث عن نفسه بأنه دين الرحمة ودين الإنسانية، مؤكدًا أن الإسلام قطعة ذهب لا تحتاج أكثر من أن نجلي ما علق بها أو رام عليها من بعض الغبار المتطاير أو حتى المتراكم، لأن المعادن النفيسة لا تصدأ أبدًا، والإسلام عني بإنسانية الإنسان كونه إنسانًا فكرَّم الإنسان على إطلاق إنسانيته، حيث يقول الحق سبحانه وتعالى: “وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا”، ولم يقل كرمنا المسلمين وحدهم، أو المؤمنين وحدهم، أو الموحدين وحدهم، وإنما كرم الإنسان على إطلاق إنسانيته دون أي اعتبار آخر.
وأوضح وزير الأوقاف -في تصريحات الليلة- أن الحق تبارك وتعالى أرسل رسوله (صلى الله عليه وسلم) رحمةً للعالمين فقال: “وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ”، فبعثته (صلى الله عليه وسلم) لم تكن رحمة للمسلمين وحدهم، ولا المؤمنين وحدهم، ولا الموحدين وحدهم، وإنما هي رحمة للناس كافة، فالإسلام لا يعرف الأذى لأحد لا للإنسان ولا للحيوان، ونبهنا (صلى الله عليه وسلم) إلى ذلك فقال: “دَخَلَتِ امْرَأَةٌ النَّارَ في هِرَّةٍ رَبَطَتْهَا، فَلَمْ تُطْعِمْهَا، ولَمْ تَدَعْهَا تَأْكُلُ مِن خَشَاشِ الأرْضِ” لَم تحبس إنسانًا، ولم تحبس مؤمنًا ولا غيره، وإنما “حبست هرة”، ولم يقل قتلتها ولا عذبتها ولا مثلت بها كما تفعل الجماعات الإرهابية والمتطرفة، وإنما “حبستها”، ربما غفلت عنها فلا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من رزق الله، ويقول (صلى الله عليه وسلم): “بينما رجُلٌ يمشي بطريقٍ اشتَدَّ عليه العطشُ فوجَد بئرًا فنزَل فيها فشرِب ثمَّ خرَج فإذا كلبٌ يلهَثُ يأكُلُ الثَّرى مِن العطشِ فقال الرَّجلُ: لقد بلَغ هذا الكلبَ مِن العطشِ مِثلُ الَّذي بلَغ بي فنزَل البئرَ فملأ خُفَّه ماءً ثمَّ أمسَكه بفيه حتَّى رقِي فسقى الكلبَ فشكَر اللهُ له فغفَر له”.
وأضاف وزير الأوقاف أن ديننا لا يعرف الاعتداء لا على الإنسان، ولا على الحيوان، ولا على الجماد، بل هو رحمة للإنسان، والحيوان، والجماد، ولما رأى (صلى الله عليه وسلم) رجلًا يُجهد جملًا له ويتعبه قال: “يا صاحب الجمل اتق الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها، فإن جملك هذا قد اشتكى إليَّ أنك تجيعه وتدئبه” أي تتعبه في العمل الشاق، وحثنا على الرحمة بالخلق جميعًا ولا سيما الضعفاء من الخدم ونحوهم فقال (صلى الله عليه وسلم): “إخوانكم خولكم” أي خدمكم “إخوانكم جعلهم الله” فضلًا منه ونعمة “تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يطعم وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم من العمل ما يغلبهم، فإن كلفتموهم ما يغلبهم فأعينوهم عليه”، بل إننا لنرى النبي (صلى الله عليه وسلم) يناجي الجبل والحجر فيقول: “إني لأعرف حجرًا بمكة كان يرد علي السلام”، ولما ارتجف أُحدٌ وفوقه النبي (صلى الله عليه وسلم) ومعه سيدنا أبو بكر وسيدنا عمر وسيدنا عثمان (رضي الله عنهم) قال له النبي (صلى الله عليه وسلم): “أسكن أحد فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان”، دين لا يعرف غير المواساة والحنو على الضعفاء والمحتاجين، يقول النبي (صلى الله عليه وسلم): “ما آمن بي من بات شبعانَ وجارُه جائعٌ إلى جنبِه وهو يعلم به”، وقيل له “يا رسول الله إن فلانة صوامة قوامة إلا أنها تؤذي جيرانها، قال: هي في النار”.
وتابع وزير الأوقاف أن المسلم الحقيقي من سلم لسانه ويده، والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم، ويقول (صلى الله عليه وسلم): “الإِيمانُ بضْعٌ وسَبْعُونَ، أوْ بضْعٌ وسِتُّونَ، شُعْبَةً، فأفْضَلُها قَوْلُ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأَدْناها إماطَةُ الأذَى عَنِ الطَّرِيقِ، والْحَياءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإيمانِ”، وذكر (صلى الله عليه وسلم): “بيْنَما رَجُلٌ يَمْشِي بطَرِيقٍ وجَدَ غُصْنَ شَوْكٍ علَى الطَّرِيقِ فأخَّرَهُ، فَشَكَرَ اللَّهُ له فَغَفَرَ له”، بل إنه (صلى الله عليه وسلم) ليحذر من أذى الخلق بصفة عامة ومن أذى الجار بصفة خاصة فيقول: “واللَّهِ لا يُؤْمِنُ، واللَّهِ لا يُؤْمِنُ، واللَّهِ لا يُؤْمِنُ، قِيلَ: مَنْ يا رسولَ اللَّهِ؟ قَالَ: الَّذي لا يأْمنُ جارُهُ بَوَائِقَهُ”، فما كان قسمه إلا للتأكيد على أهمية ما يأتي بعد هذا القسم، وحق الجوار كما هو حق للأفراد والناس يتحدثون عنه فهو حق للدول أيضًا، فإذا كان الإنسان الكريم لا يسمح أن يؤذى جاره ولا يؤتى من قبله ولا من جهة بيته، فهكذا الدول الكريمة لا تسمح أن يؤذى جيرانها من حدودها.
كما أكد أن الإسلام دين عظيم ينهي عن التباغض والتحاسد واحتقار الآخرين أو السخرية منهم حيث يقول الحق سبحانه وتعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ”، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): “لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانا”، وهو دين ينهى عن الغش حتى مع غير المسلم يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): “مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا”، فلا يجوز لك أن تغش أحدًا، لا مسلمًا ولا غير مسلم، دين ينهى عن الغش والتدليس والاحتكار واستغلال حوائج الناس لدين عظيم، معنيٌّ بإصلاح الفرد في أمر دينه وفي أمر دنياه.