فى ذكرى العبور .. بطولات رفعت رايات الحق فى رمضان
بقلم .. ا.د إبراهيم درويش
هناك ارتباط روحي بين الإنجازات وبركات شهر رمضان المعظم فهو شهر الانتصارات والعزة والكرامة شهر تحولت فيه الأمةُ من الضعف إلى القوة ,ومن الذل إلى العزة وارتفعت فيه رايات المسلمين عالية خفاقة على مر العصور والأجيال بداية من غزوة بدر الكبرى بقيادة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في السَّابعِ عَشَرَ من رمضان فى السنة الثانية من الهجرة وهى أولَ غزوة في الإسلام وسميت بيوم الفرقان لانها فرقت بين الكفر والإيمان و بين الحق والباطل.
وأصبح للمسلمين دولةٌ معترف بها يقول تعالى( وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) صدق الله العظيم وفى شهر رمضانُ في السنة الثامنة للهجرة تم فتح مكة المكرمة التي أحبها النبي صلى الله عليه وسلم حبًا شديدًا فكان فتحًا مبينًا، ونصرًا عظيمًا سيطر الإسلام بعدها على الجزيرة العربية بأكملها، وفى الشهر نفسه بعث الرسول صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد ليهدم صنم العزى، فهدمه, وبعث عمرو بن العاص ليهدم صنم سواع، فهدمه, و بعث صلى الله عليه وسلم سعد بن زيد ليهدم صنم مناف فهدمه.
وفى شهر رمضان أيضاً وقعت عدة معارك فاصلة للامة كمعركة القادسية بقيادة سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وفُتِحَتْ بِلادُ الْأَنْدَلُسِ عَلَى يَدِ طَارِقِ بْنِ زِيَادٍ، وحِطِّينَ بقيادة صلاح الدين وجيش معظمة من مصر والتي اسْتَرَدَّ فيها المسلمون بَيْتَ المقدس، وانتصر المسلمون بقيادة سيفِ الدينِ قُطُز على التَّتَارِ في معركة عين جالوت عام (658هـ) بجيش مصرى وهذا قدر مصر دائما حامية العروبة والإسلام.
كما فتحت الْقُسْطَنْطِينِيَّةُ على يد محمد الفاتح فى شهر رمضان وفى العصر الحديث وقعت معركة العبور فى العاشر من رمضان سنة 1393 هـ الموافق السادس من أكتوبر سنة 1973 وفى هذه المعركة انتصر فيها جنود الحق وهو الجيش المصرى الباسل على الجيش الإسرائيلي الذى كان يوصف بأنه لايقهر.
فقهره رجال مصر البواسل وارتفعت رايات الحق عالية خفاقة وسجل التاريخ هذه البطولات والتضحيات لقواتنا المسلحة فضربوا ومازالوا يضربون أروع الأمثلة في التضحية والفداء لوطنهم
وأكد على ذلك الرئيس عبد الفتاح الفتاح السيسى فى تهنئته للمصريين والأمة بهذه المناسبة وقدم تحية احترام وتقدير لشهداء الواجب الذين حققوا هذا النصر العظيم قائلاً إن هذه الذكرى الغالية تعكس عبقرية العسكرية المصرية في استرداد الأرض وقهر المستحيل.
وقد سجل التاريخ العسكري أحداث معركة العبور حتى تروى جيل بعد جيل للأحفاد أن قواتنا المسلحة عبرت قناة السويس ودكت خط بارليف ودمرت نقاط الدفاع الإسرائيلية وألحقت الهزيمة بالقوات الصهيونية في ست ساعات تحت شعار الله أكبر الذى زلل الأرض من تحت اقدام أرجلهم.
لقد هاجمت القوات الجوية الأهداف الإسرائيلية بالضفة الشرقية للقناة مستهدفة الطائرات والمطارات ومراكز القيادة ومحطات الرادار والإعاقة الإلكترونية وبطاريات الدفاع الجوي وتجمعات الأفراد والمدرعات والدبابات والمدفعية والنقاط الحصينة في خط بارليف ومصافى البترول ومخازن الذخيرة.
وبعد عبور الطائرات المصرية بخمس دقائق بدأت المدفعية المصرية بقصف التحصينات والأهداف الإسرائيلية الواقعة شرق القناة تحضيراً لعبور المشاة، فيما تسللت عناصر سلاح المهندسين والصاعقة إلى الشاطئ الشرقي للقناة لإغلاق الأنابيب التي تنقل السائل المشتعل إلى سطح القناة، وتم ذلك فى تمام الساعة 14:20 وفى تمام الساعة 18:30 كان قد عبر القناة 2,000ضابط و30,000 جندي من خمس فرق مشاة.
وفى هذه الذكرى العظيمة علينا أن نتذكر أن انتصارنا كان بسبب وحدتنا وإيماننا بعدالة قضيتنا وبذل الجهد والعرق والدم فداء لتراب هذا الوطن والآن ما أحوجنا الى روح العاشر من رمضان والسادس من أكتوبر فى التلاحم الوطني الداخلي والتضامن العربى الحقيقي مستلهمين مقولة الشيخ زايد رحمه الله الشهيرة “النفط ليس أغلى من الدم العربي” وذلك بعد إعلانه قطع النفط عن إسرائيل والدول التي تساندها أثناء زيارته للندن وتبعته في ذلك باقي الدول العربية.
هذا التضامن هو الذى جعل جولدا مائير “رئيسة وزراء إسرائيل” تقول “لن أشق على نفسى من الكتابة عن حرب أكتوبر عام 1973 ولن أكتب عن الحرب من الناحية العسكرية فهذا أمر أتركه للآخرين ولكنى سأكتب عنها ككارثة ساحقة وكابوس عشته بنفسى، وسيظل باقيًا معى على الدوام” هذا التضامن الصادق الذى لايعرف الخيانة جعلت جولد مائير تصرح بعد أنتصار مصر أنهم لم يتلقون إنذارًا للحرب في الوقت المناسب وأنه قاتلوا أعداء أقوياء وكأنهم كانوا يعدون أنفسهم للهجوم علينا منذ عدة سنين.
وشهد لهذا الانتصار الأعداء قبل الأصدقاء ولانبالى بالخونة العملاء فيقول موشي ديان “وزير الدفاع الإسرائيلي” اثناء معركة العبور جملته الشهيرة “إن حرب أكتوبر كانت بمثابة زلزال تعرضت له إسرائيل وأن ما حدث في هذه الحرب قد أزال الغبار عن العيون وأظهر لنا ما لم نكن نراه من قبل، مما أدى إلى تغيير عقلية قادة إسرائيل المغرورين” والذين نرى الآن أنهم ربما نسوا آثار الهزيمة.
ويقول هنري كيسنجر وزير خارجية الولايات المتحدة
فاجأتنا حرب أكتوبر على نحو لم نكن نتوقعه ، و لم تحذرنا أية حكومة أجنبية بوجود أى خطط محددة لأى هجوم عربى ويضيف هنرى ستانهوب المراسل العسكري لصحيفة التايمز خلال معركة العبور أن الأمر المؤكد أن الجيش الأسرائيلي قد أخفق فلا يزال المصريون يدفعون قواتهم ومعداتهم عبر الجسور الأحد عشر التى أقاموها و إلتى لم تستطع الطائرات الاسرائيلية تدمير أى منها إن الأمر الواضح للجيش الاسرائيلى هو زيادة تصميم الجنود المصريين وقتالهم الشرس من أجل استرداد أراضيهم ، ثم المغزى العميق الذى تنطوى عليه قدرتهم المتزايدة و كفاءتهم الملحوظة فى إدارة شبكة الصواريخ المصرية المضادة للطائرات.
نقول ذلك ليس تباهيا بالحرب او دعاة لها وانما يثبت تاريخنا ان الدولة المصرية محبة للسلام ولا تسعى للحروب وأنها حريصة على التنمية لمواطنيها وتحترم مقدرات وحقوق الآخرين ولا تتدخل فى شؤون أحد لكن عندما يفرض عليها ما يهدد أمنها ومقدراتها فإن كل الخيارات تكون متاحة كما قال زعيمها الرئيس السيسى وتملك القدرة على الحفاظ على أمنها ومقدراتها وهذا هو نهج مصر دائما.
ونذكر مقولة الرئيس البطل أنور السادات بطل الحرب والسلام لقد حاربنا ونحارب من أجل السلام الوحيد الذي يستحق وصف السلام وهو السلام القائم علي العدل الذي لا يُفرض وسلام الأمر الواقع لا يدوم، إننا لم نحارب للتعدي علي أرض غيرنا بل لنحرر أرضنا المحتلة ولإيجاد السبل لإستعادة الحقوق المشروعة لشعب فلسطين، لسنا مغامري حرب بل نحن طلاب سلام” لقد خرجت هذه الكلمات من الرئيس الراحل يوم 16 أكتوبر 1973 وذلك بعد تحقيق الإنتصار بـ 10 أيام.
وقال الرئيس السيسى انه لولا عظمة الإنتصار للمصريين وتكلفته على الإسرائيليين ومرارة الهزيمة لهم ماكانت عادت لمصر سيناء وقال قولته التى تتردد الآن فى كل مكان الجيش الذى فعلها مرة هو قادر على أن يفعلها ألف مرة ومصر اليوم ليست كمصر الامس.
وهذه رسالة للداخل والخارج بأنه مهما كانت التحديات التى تواجه الدولة المصرية وحجم المؤامرات علينا فإننا نثق فى نصر الله لنا ونثق فى قيادتنا وجيشنا المرابط الذى لم يفرط يوما وأننا عازمون على التنمية لبلادنا بتطوير قدراتنا للحفاظ على مقدراتنا ونؤسس لحياة كريمة لشعبنا العظيم.
فى الختام نرسل برقية تهنئة وتحية واجبة ورسالة شكر للقوات المسلحة المصرية خير اجناد الأرض فهم فى رباط الى يوم القيامة للحفاظ على الأرض والعرض ومقدرات الوطن تحية لأرواح شهداء الواجب على مر التاريخ حتى اليوم وتحية للسيد الرئيس عبد الفتاح السيسى القائد الأعلى للقوات المسلحة المصرية حفظ الله الوطن وتحيا مصر.
مقال .. ا.د ابراهيم حسينى درويش وكيل كلية الزراعة جامعة المنوفية لشؤون خدمة المجتمع وتنمية البيئة
متابعة .. على ابو زيدان