المستشار السابق لوزيرى السياحة والبيئة: منطقة وادى الريان محمية طبيعية مملوكة للدولة منذ 1989
القيسونى: مواطنون استولوا على 80 ألف فدان من أملاك الدولة وأحاطوا العيون الكبريتية بأسوار طولها 13 كيلومترا
الوضع الراهن بمنطقة العيون تعارض مصالح ولا علاقة له بالأديان.. والأطراف المعنية وقعت مذكرة تفاهم لوقف أى أنشطة إنشائية أو زراعية أو توسعية
فسر الدكتور محمود عبدالمنعم القيسونى خبير السياحة البيئية العالمى والمستشار السابق لوزيرى السياحة والبيئة، التطورات التى شهدتها منطقة وادى الريان بين رهبان الدير المنحوت دير مكاريوس السكندرى والجهات المعنية الأحد الماضى، بسرد تاريخ للمنطقة التى ذكر أنها تعد محمية طبيعية ملكا للدولة منذ 1989 بموجب قرار وزارى.
وقال القيسونى: «ما حدث يشكل صدمة، إذ إنه منذ عام 2011 إلى 2013، استولى عدد من المواطنين تدريجيا على 80 ألف فدان أى حوالى 40 كيلومترا مربعا، تم فيها ابتلاع مصدر الحياة الوحيد فى هذا القطاع لكائنات المحمية، أى الأربعة عيون الكبريتية، وإحاطتها بسور طوله 13 كيلو مترا، بارتفاعات تبدأ بمترين، ليشكلوا مستعمرة متكاملة تضم كامل النشاطات الضارة بالبيئة، وتستهلك مياه العيون الأربعة، فضلا عن التوابع البيئية الأخرى».
وأضاف: «مسئولو المحمية وجهاز شئون البيئة تحركوا فى محاولات فاشلة لوقف هذه الجريمة، وتم تحرير عشرات المحاضر بأقسام الشرطة، ومع كل محضر تم الحصول على تعهدات بعدم البناء وعدم الاعتداء على أملاك الدولة، وتم نقضها ومخالفتها بعد عدة ساعات، مع تضاعف المخالفات والاعتداءات على أملاك الدولة بشكل غير مسبوق على مستوى محميات العالم أجمع، مع تحد كامل لكل الأحكام القضائية حتى المجتمع المحلى».
وتابع: «المهتمون بالبيئة نظموا مظاهرة منتصف يناير من عام 2013 داخل المحمية اعتراضًا على هذه الاعتداءات وهذا التحدى السافر لسيادة وقوانين الدولة، كما حاول الدكتور مصطفى حسين كامل وزير البيئة الأسبق بعد ثورة يناير مواجهة هذه الكارثة، إلا أن قرار التعديل الوزارى سبقه، فعقد الدكتور خالد فهمى وزير البيئة التالى، مؤتمرا تحت إشرافه نهاية شهر أبريل من عام 2013 ضم جميع الأطراف المعنية بهذا الأمر، وتم توقيع مذكرة تفاهم بين كامل الأطراف شملت عددا من البنود».
وأوضح القيسونى أن البنود شملت أن كامل الأراضى التى تم الاعتداء عليها ملك للدولة وإدارتها خاضعة للدولة، وأن الوضع الراهن بمنطقة العيون لا علاقة له بالأديان، حيث يعد خلافا بين مصالح متعارضة، كما تم الاتفاق على حق السكان المحليين والسياح المصريين والأجانب فى ممارسة النشاطات السياحية البيئية بمنطقة العيون الأربعة، وفتحت إدارة المحمية عددا من المنافذ والبوابات فى السور المحيط، تُخصص لزوار السياحة البيئية ولمرور السكان المحليين، مع الوقف الفورى لأى أنشطة إنشائية أو زراعية أو توسعية، وتخصيص الجزء الجنوبى الغربى الشامل العين الرابعة لعمليات إكثار الحيوانات البرية تعويضًا للأضرار البيئية التى حدثت».
واستطرد: «للأسف الشديد رغم توقيع المعنيين داخل المستعمرة على مذكرة التفاهم مع مسئولى الحكومة، إلا أن محاولات الاستيلاء على أملاك الدولة داخل المحمية مستمرة حتى اليوم، وبلغ الأمر تحديهم للبابا تواضروس علنًا وبجميع وسائل الإعلام فى تصرف لم يحدث من قبل فى تاريخ الكنيسة المصرية، والحال مستمر والدولة المصرية عاجزة تماما أمام هذا التحدى»، واصفًا ما يحدث بالكارثة والوصمة والتحدى لقوانين الدولة والمطلوب من الحكومة مواجهتها وعلاجها بما يواكب إعلان رئيس مجلس الوزراء عام 1989 أنها محمية طبيعية ملك الدولة».
ولفت إلى أن المنطقة كانت تستقبل سنويًا ما بين 150 إلى 190 ألف سائح و زائر، وأنه بعد إجراء علماء أجلاء دراسة علمية فى كل التخصصات المرتبطة بالبيئة المصرية وبعد تصوير المساحة المعنية بالأقمار الصناعية منتصف عام 1989 لكامل ما تشمله المحمية بما فيها 20 كهفا بمنطقة أبو مقار، ورفع كامل هذه الدراسات والصور والخرائط لرئيس مجلس الوزراء وقتها، صدر القرار رقم 943 بتاريخ 16 يوليو 1989 بإعلانها محمية طبيعية تطبق عليها كامل القوانين الخاصة بذلك لحمايتها وصونها والحفاظ عليها».
وأشار إلى صدور تعديل للقرار عام 1997 لإضافة مساحة وادى الحيتان ضمن محمية الريان، ثم فى عام 2006 صدر قرار ثالث محليًا ودوليًا من منظمة اليونسكو باعتبار وادى الحيتان محمية تراث طبيعى عالمى، وتم الاحتفال بهذا الإعلان دوليًا بعد اعداد و تجهيز هذه المحميات بكامل الخدمات الأساسية المتبعة دوليًا، وإدراج كامل تفاصيل هذه المحميات ضمن قائمة محميات دول العالم.
واستعرض القيسونى تفاصيل عن المحمية، وقال: «محمية وادى الريان مساحتها 1759 كيلومترا مربعا، وهى تقع فى منخفض كبير حوالى 43 مترا تحت مستوى سطح البحر، وأقصى نقطة انخفاض بها تبلغ 64 مترا تحت سطح البحر، وتضم بحيرتين صناعيتين أى لم تتشكل بفعل الطبيعة، فقد تكونت عام 1973 عندما تم غمر المنخفض الصحراوى بوادى الريان بفائض مياه الصرف الزراعى بالفيوم عن طريق إنشاء قناة مكشوفة طولها 9 كيلومترات، لخفض مستوى المياه الجوفية فى المناطق المحيطة ببحيرة قارون، وتشكلت حول البحيرتين أحراش من البوص على امتداد شواطئها لتصبح بيئة صالحة لتكاثر السمك والطيور المائية.
كما تكونت شلالات بين البحيرتين لتكون الشلالات الوحيدة على أرض مصر، وهو ما أدى إلى جذب سياحى ملحوظ ومتنام للمحمية التى تقع جنوب غرب محافظة الفيوم، وعلى مسافة 100 كيلومتر جنوب محافظة الجيزة، و10 كيلومترات جنوب غرب بحيرة قارون، وتبلغ مساحة البحيرة العليا 55 كيلومترا مربعا، وأقصى عمق بها هو 22 مترا، أما البحيرة السفلى فمساحتها 53 كيلو مترا مربعا، وأقصى عمق بها هو 34 مترا، والمحمية تضم تنوعا ثرى جدًا بـ37 نوعا من النباتات الصحراوية، و24 نوعا من الثديات، مثل ثعلب الفنك وابن آوى والقط البرى والغزال والنمس، و143 نوعا من الطيور المائية والصحراوية، و15 نوعا من الزواحف، و29 نوعا من السمك.
واستكمل: «يضاف لذلك أنها ثرية جدًا بالحفريات البحرية التى يرجع تاريخها إلى حوالى 40 مليون سنة كما تنتشر بها أسنان القروش وقروش الملائكة والأصداف البحرية والقنافذ البحرية، وتنقسم المحمية إلى منطقة الشلالات – منطقة عيون الريان – منطقة العيون الصحراوية – الكثبان الرملية ــ جبل المشجيجة، والذى به ظاهرة الصخرة المشقوقة – جبل المدورة، وأكدت الدراسات العلمية أهمية محمية وادى الريان للكائنات المهددة بالانقراض مثل الغزال الأبيض والغزال المصرى وثعلب الفنك وثعلب الرمال والذئب».
يذكر أن أزمة دير القديس مكاريوس السكندرى بوادى الريان بمحافظة الفيوم تجددت مرة أخرى، الأحد الماضى، بعد محاولة الجهات المعنية استرداد 1000 فدان بنظام حق الانتفاع، بعد عدة مخاطبات من وزارة البيئة، لتسديد ثمن حق الانتفاع من جانب سكان الدير من الرهبان، إذ خرج الرهبان معترضين على قرار استرداد الأرض.
وأصدرت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية فى مصر بيانًا صحفيًا فجر أول أمس الإثنين، بشأن الأحداث، على لسان مقرر اللجنة المجمعية للأديرة والرهبنة الأنبا دانيال أسقف ورئيس دير القديس الأنبا بولا بالبحر الأحمر، مؤكدة أن تنفيذ القانون بعد الإنذارات المتتالية واجب.
الوضع الراهن بمنطقة العيون تعارض مصالح ولا علاقة له بالأديان.. والأطراف المعنية وقعت مذكرة تفاهم لوقف أى أنشطة إنشائية أو زراعية أو توسعية