بعد واقعة اريكسن.. «الموت المفاجئ للرياضيين».. كل ما تريد معرفته عن التشخيص والأعراض والأسباب
بعد واقعة اريكسن.. «الموت المفاجئ للرياضيين».. كل ما تريد معرفته عن التشخيص والأعراض والأسباب
عاطف عبد العزيز
فتحت حادثة الإصابة، التي تعرض لها نجم المنتخب الدانماركي كريستيان إيريكسن، المجال للحديث مجددا عن الإصابات الخطيرة، التي يتعرض لها اللاعبون في ملاعب كرة القدم.
وسقط إيريكسن بشكل مفاجئ فوق أرضية الميدان قبل نهاية الشوط الأول، ليهرع إليه اللاعبون والمسعفون، واستمر إسعافه لبضع دقائق، قبل أن يتم نقله إلى المستشفى، حيث يرقد هناك لتلقي العلاج.
الحادثة أحيت ذكرى أليمة لدى عشاق الساحرة المستديرة، تتعلق بوفاة لاعب المنتخب الكاميروني مارك فيفيان فويه، الذي توفي فوق أرضية الميدان عام 2003، في مباراة الدور نصف النهائي لكأس العالم للقارات، ضد منتخب كولومبيا، بعدما توقف قلبه وفشل المسعفون في إنعاشه.
وبُقدَّر أنَّ ما بين 1 إلى 3 لكل 100,000 من الرِّياضيين الشباب الذين يبدون بصحة جيدة يُصابون بشكلٍ مفاجئ بعدم انتظام ضربات القلب، ويموتون فجأةً في أثناء ممارسة الرياضة.
ويُصَاب الذكور أكثر من الإناث بنسبة 10 مرَّات، وقد يكون لاعبو كرة السلة وكرة القدم في الولايات المتَّحدة ولاعبو كرة القدم في أوروبا في خطرٍ أكبر.
وأوضح دكتور أحمد حسن زايد
نائب رئيس قسم الطوارئ والاستقبال بمعهد القلب القومي، أن أسباب الموت المفاجئ أثناء ممارسة الرياضة مختلفة جدًّا في الرياضيين الشباب عمَّا هي عليه في الرياضيين الأكبر سنًّا.
ولكن، في جميع الرياضيين، قد يسبِّب الربو وضربة الشمس واستخدام العقاقير التي تعزِّز الأداء أو العقاقير الترويحية الموتَ بسبب اضطرابات نظم القلب المفاجئة.
أما السبب الأكثر شُيُوعًا للموت القلبي المفاجئ في الرياضيين الشباب هو التسمُّك غير المكتَشف لعضلة القلب (اعتلال عضلة القلب الضَّخامي)، وقد تسبِّب اضطرابات القلب الأخرى، مثل مُتلازمة QT الطَّويلة أو مُتلازمة بروغادا Brugada syndrome التي تسبِّب اضطراب نظم القلب، وأمَّهات الدم الأبهريَّة الموتَ المفاجئ أيضًا لدى الرياضيين الشباب.
وفي حالاتٍ أقلّ شيوعًا، قد يكون تضخُّم القلب غير المكتشف (اعتلال عضلة القلب التوسُّعي) موجودًا لدى شخص شاب ليس لديه أعراض، وقد يموتُ هذا الشخصُ فجأة في أثناء أو بعد ممارسة رياضة عنيفة.
كما أنَّ تشوُّهات الشرايين التاجية، لاسيَّما عندما يأخذ أحدُ الشرايين مسارًا غيرَ طبيعي عبرَ عضلة القلب، وليس في قمَّتها، قد تسبِّب أيضًا الموتَ المفاجئ في الرياضيين عندما يقطع الانضغاط تدفقَ الدَّم إلى القلب في أثناء ممارسة الرياضة.
وفي حالاتٍ نادرة، قد يحدث لدى الرياضيين الشباب النَّاحلين اضطرابات مفاجئة في نظم القلب أيضًا إذا تعرَّضوا لضربة مباشرة على منطقة القلب (ارتجاج القلب)، حتى عندما لا يكون لديهم اضطرابٌ في القلب؛ فالضربةُ غالبًا ما تنطوي على قذفٍ سَريع الحركة مثل البيسبول، أو قرص الهوكي، أو كرة لاكروس أو الاصطدام بلاعبٍ آخر، أما في الرياضيين الأكبر سنًّا، يكون السببُ الأكثر شُيُوعًا هو الإصابة بداء الشريان التأجي.
وأوضح زايد أن الأعراض تبدأ لدى بعض الرياضيين بعلامات تحذيريَّة، مثل الإغماء أو ضيق النفُّس، ولكن في كثير من الأحيان، لا يميِّز الرياضيون هذه الأَعرَاض أو يبلِّغون عنها، وتكون العلامةُ الأولى هي توقُّف التنفُّس الفُجأئي والانهيار.
ويجب التَّشخيص من قِبل الطبيب قبل البدء ببرنامج التمارين أو ممارسة الرياضة؛ حيث يقوم الأطباء بتحرِّي أولئك الذين لديهم اضطرابات طبِّية، وأولئك الذين لا يعتقدون أنَّ لديهم أيّة اضطرابات طبِّية أيضًا.
وينبغي فحصُ الأشخاص الذين لا يعانون من اضطراباتٍ طبية معروفة، لأنَّ بعضَ الاضطرابات الخطيرة لا تسبِّب مشاكلَ حتى يمارس الشخص نشاطًا رياضيًا.
وتجري إعادةُ تقييم المرضى كلَّ سنتين (إذا كانوا بسن المدرسة الثانوية) أو كلَّ 4 سنوات (إذا كان بعمر الجامعة أو أكثر)؛ حيث يسأل الأطباءُ دائمًا المرضى أسئلةً معيَّنة، ويَقومون بالفَحص السَّريري، لكنَّهم لا يطلبون اختباراتٍ إلاَّ اعتمادًا على عمر الشخص والأَعرَاض لديه. وتركِّز الأسئلةُ على ثلاثة مجالات:
• الأعراض مثل الألم أو الانِزعَاج في الصدر، والإغماء أو الغشي، والتعب، وصعوبة التنفُّس، لاسيَّما عندما تحدث هذه الأَعرَاضُ خلال ممارسة الرياضة المكثَّفة.
• التاريخ العائلي، لاسيَّما أي تاريخ لأفراد الأسرة الذين أُغميَ عليهم أو ماتوا في أثناء ممارسة الرياضة، أو الذين ماتوا فجأة قبل بلوغ نَحو 50 عامًا من العمر
• استخدام العَقاقير
يركِّز الفَحصُ السَّريري على التسمُّع إلى القلب بسمَّاعة طبية بحثًا عن النفخات القلبيَّة التي تشير إلى اضطرابٍ قلبي محتمل، وقياس ضغط الدَّم والشخص مستلقٍ ثم بعدَ أن يَقِف.
وبالنسبة إلى الأشخاص الأصغر سنَّا، لا يقوم الأطباءُ عادة بإجراء أية اختبارات ما لم يُكتَشف شيءٌ غير طبيعي في تاريخ الشخص أو يُوجَد في أثناء الفَحص السَّريري.
ولا يعدُّ الاستخدام الروتيني لتخطيط كهربائيَّة القلب كفحصٍ للرياضيين الشباب أمرًا عمليًّا في الولايات المتَّحدة. ولكن، إذا كانت النتائجُ تشير إلى مشكلة في القلب، يجري الأطباء تخطيطًًا لكهربيَّة القلب أو تخطيطَ صدى القلب أو كليهما عادة.
وبالنسبة إلى الأشخاص فوق سنّ 35، قد يجري الأطباءُ أيضًا تخطيطًا لكهربيَّة القلب واختبارات جهد قبلَ الموافقة على ممارسة تمارين مكثّفة.
وإذا جَرَى اكتشافُ اضطرابٍ في القلب، قد يحتاج الشخصُ إلى التوقُّف عن المشاركة في الرياضات التنافسية، والخضوع لمزيد من الاختبارات.
كما ينبغي ألاَّ يشارك بعضُ المرضى الذين يعانون من أمراض القلب الشديدة، مثل اعتلال عضلة القلب الضخامي، في الرياضات التنافسيَّة، ولكن، فإنَّ معظمَ المرضى الذين يعانون من مرض القلب قد يشاركون في الرياضات غير التنافسيَّة.
ويرتبط النشاطُ المتزايد مباشرة بتحقيق نتائج صحِّية أفضل، مثل انخفاض مستويات الكوليسترول “السيِّئة” (البروتينات الشحميَّة منخفضة الكثافة)، والوقاية من ارتفاع ضغط الدم، وتقليل الدُّهون في الجسم.
ولذلك، يجري تضمينُ ممارسة التمارين الرياضية بانتظام بشكلٍ روتيني في خطط الرعاية للأشخاص الذين يعانون من معظم أشكال أمراض القلب (إعادة التأهيل القلبي).