الجمهورية الجديدة.. كيف أعادت المشروعات القومية الحياة للمدن الساحلية والريف والصعيد؟
خلال السنوات الماضية، ومنذ تولي الرئيس عبدالفتاح السيسي مقاليد الحكم في البلاد، شهدت مصر تطورات واسعة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية، عمل خلالها الرئيس بخطوات سريعة وحاسمة على تنفيذ سلسلة من المشروعات القومية العملاقة، التي أسهمت في دخول اقتصاد البلاد طور التعافي، وزيادة الدخل القومي وجذب الاستثمارات الأجنبية.
وفي الذكرى الثامنة لثورة 30 يونيو، تستعرض “الشروق” ملامح ما تم إنجازه في تلك النهضة السريعة في جوانب مختلفة، من صور التغيير والتطوير التي شهدتها المجالات الخدمية والمرفقية المختلفة وثيقة الصلة بحياة المواطنين؛ لتحسين أوضاعهم المعيشية، مع التركيز على المشروعات والمبادرات الجديدة التي انتشرت في ربوع مصر كافة، لتضع حجر الأساس للتنمية المستدامة وفق خطة مصر 2030.
وأولت الحكومة المصرية بتوجيهات الرئيس، اهتماما كبيرا بمد وتدعيم خدمات مياه الشرب والصرف الصحي، بهدف توفير مياه نظيفة للمواطنين، ومعالجة مياه الصرف الصحي، وإعادة استخدامها في بعض الأغراض المخصصة، كل ذلك بجانب توفير الخدمات الأساسية وتطوير البنية التحتية بالمناطق الريفية ومحافظات الصعيد، حيث تتواجد الكثير من القرى والمراكز المهمشة.
وفي مجال تحلية المياه، شهد هذا الملف اهتماما غير مسبوق بعد تولي السيسي، بسبب تشديده على ضرورة الاستفادة القصوى من مياه البحار، وخاصة بعد دخول مصر خط الفقر المائي، إذ تسعى الحكومة لاستباق الأزمة بالتركيز على إيجاد بدائل لمياه نهر النيل، عن طريق الاستثمار في مشروعات تحلية مياه البحر وحفر الآبار الجوفية.
محطات تحلية مياه البحار
نظرا للتغيرات المناخية والزيادة المستمرة في تعداد السكان والأنشطة الاقتصادية، التي أدت لانخفاض نصيب الفرد من المياه، بدأت الحكومة بالبحث عن مصادر جديدة لتلبية الحاجة المتزايدة للمياه في البلاد، كتحلية مياه البحر، التي تعد أيضا بمثابة الأمل في الحياة للمحافظات الحدودية، التي تعاني من مشكلات نقل المياه سواء من خلال السيارات الشبكات الجديدة.
وتمكنت الحكومة من إنشاء العشرات من محطات تحلية مياه البحر بالمدن الساحلية، بعد وضع خطة متكاملة منذ عام 2014، فقد تم إنشاء محطات في شمال وجنوب سيناء والغردقة ومطروح وهناك أخرى طور التنفيذ.
أكبر محطة بالشرق الأوسط وإفريقيا
عانت مدينة الغردقة منذ نشأتها فقرًا مائيًا، إذ كانت تعتمد على ضخ مياه النيل عبر خطى قنا والكريمات، حتى تم افتتاح محطة اليسر، لتكون أكبر محطة تحلية مياه بمنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، وتنجح في سد عجز مياه الشرب بالمدينة، والتي وصلت إلى 50%، إذ تصل رحلة مياه الشرب من نهر النيل للغردقة لحوالي 500 كيلومتر، ما يعيق سد احتياجات المواطنين والقطاع السياحي.
معالجة مياه الصرف الصحي
وتسعى الحكومة المصرية إلى معالجة مياه الصرف الصحي وإعادة تدويرها في ظل الشروط والضوابط الصحية والبيئية، لأنها تعد أحد المصادر الهامة غير التقليدية للموارد المائية، والتي وجدتها الحكومة ثروة مائية مهدرة فسعت لاستغلالها من خلال إقامة محطات لمعالجتها بهدف إعادة استخدامها في ري الأراضي الزراعية.
لذلك، تعمل الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، حاليا، على استكمال تنفيذ 27 محطة معالجة مياه صرف صحي وزراعي بجميع المحافظات، منها 8 محطات على أرض سيناء، بهدف توفير مياه الري بطاقة 2.5 مليار متر مكعب سنويا.
محطة الجبل الأصفر
تعد محطة معالجة الصرف الصحي، الواقعة بمنطقة الجبل الأصفر بقلب محافظة القليوبية، من أكبر محطات معالجة الصرف الصحي بالشرق الأوسط، إذ تخدم قطاع كبير من القاهرة الكبرى، بمعالجة لما يعادل 2.5 مليون متر مكعب يوميا، ولم يقف المشروع عند هذا الحد، بل هناك خطة للتطوير، لتصبح المحطة الأولى بالعالم، بعد أن يصل إجمالي المعالجة اليومية لها 3.5 مليون متر مكعب يوميا.
محطتي بحر البقر والمحسمة
أما محطة معالجة مياه بحر البقر، التي تعد أكبر محطة للمعالجة الثلاثية في العالم، والواقعة بشبه جزيرة سيناء، فتصل الطاقة الإنتاجية لها إلى حوالي 6 ملايين متر مكعب يوميا، تكفي لزراعة حوالي نصف مليون فدان شرق القناة، بجانب منظومة توصيل ومعالجة المحسمة، تم تدشينها بهدف تجميع مياه الصرف الزراعي الملقاة في بحيرة التمساح، ليتم معالجتها وضخها في ترعة سيناء الشرقية، لزراعة 50 ألف فدان.
مشاريع لخدمة المواطنين في القرى والمدن
تخوض مصر الآن معركة التنمية الشاملة بكل قوة، بتطوير وإنشاء البنية الأساسية في القرى والمحافظات، ففي مجال مياه الشرب، تعمل الحكومة المصرية على تنفيذ ما يتخطى الـ 350 مشروع لتوفير مياه صالحة للشرب للمواطنين.
وفي مجال الصرف الصحي، تمكنت الحكومة من تنفيذ حوالي 200 مشروع لخدمة المدن، بجانب إنشاء 54 محطة للمعالجة الثنائية والثلاثية، تصرف على المجاري المائية القريبة من نهر النيل بالصعيد، وفق ما صرح وزير الإسكان سابقا.
وتمكنت الحكومة من توصيل خدمات الصرف الصحي لأكثر من 700 قرية في المناطق الريفية، وجار توصيل الخدمات لـ 170 قرية أخرى.
إجراءات ترشيد استخدام المياه
وتتبع الحكومة بعض الإجراءات، التي تهدف لترشيد استخدام المياه، ومن بينها تطوير أنظمة الري والتوسع في زراعة المحاصيل الأقل استهلاكا للمياه، والتي تتأقلم مع التغيرات المناخية، لذلك أجرى مجلس النواب تعديلا لقانون الزراعة، يمكن الدولة من حظر زراعة محاصيل معينة، والذي مهد لقرار وزارة الزراعة بتقليل مساحات الأراضي المزروعة بالأرز، الذي يعد من أكثر المحاصيل استهلاكا للمياه.
وفي الذكرى الثامنة لثورة 30 يونيو، تستعرض “الشروق” ملامح ما تم إنجازه في تلك النهضة السريعة في جوانب مختلفة، من صور التغيير والتطوير التي شهدتها المجالات الخدمية والمرفقية المختلفة وثيقة الصلة بحياة المواطنين؛ لتحسين أوضاعهم المعيشية، مع التركيز على المشروعات والمبادرات الجديدة التي انتشرت في ربوع مصر كافة، لتضع حجر الأساس للتنمية المستدامة وفق خطة مصر 2030.