سد النهضة.. لماذا حذر وزير الري من الهجرة غير الشرعية والانضمام للجماعات الإرهابية؟
أكد الدكتور محمد عبدالعاطي وزير الموارد المائية والري حجم التحديات التي تواجه قطاع المياه في مصر وعلى رأسها محدودية الموارد المائية المتاحة، والإجراءات الأحادية التي يقوم بها الجانب الإثيوبي فيما يخص ملء وتشغيل سد النهضة، بالإضافة للتغيرات المناخية وتأثيراتها السلبية.
جاء ذلك خلال مشاركة الدكتور محمد عبدالعاطي في المؤتمر الوزاري رفيع المستوى بعنوان “مشاورات من أجل الوصول إلى نتائج”، والذي عقد عبر تقنية الفيديو كونفرانس، وتنظمه الحكومة الألمانية ممثلة في وزارة البيئة، والذي يعد من أهم المحطات التحضيرية لمؤتمر الأمم المتحدة لمراجعة نصف العقد الخاص بالمياه والمقرر تنظيمه في عام 2023.
وقد شارك في المؤتمر عدد كبير من الوزراء المكلفين بملف المياه بدول العالم وممثلو المنظمات الإقليمية والدولية، وعدد كبير من مسئولي المبادرات الأممية المعنية بالتعجيل من تحقيق أهداف التنمية المستدامة وخاصة الهدف السادس، وتم مناقشة أهم التحديات التي تواجه قطاع المياه بدول العالم وآليات التمويل المتاحة والحاجة الماسة لتعزيز قدرات الدول لتحقيق أهداف التنمية المستدامة وخاصة الهدف السادس والمعني بشكل رئيسي بقطاع المياه، وأهمية تضافر الجهود والعمل على تبادل التكنولوجيا والخبرات للوصول الى أعلى معدلات التنمية لتحقيق تلك الأهداف.
كما تم الإعلان خلال المؤتمر عن أنه سيتم تنظيم جلسة رفيعة المستوى حول “مؤتمر الأمم المتحدة لمراجعة منتصف المدة الشاملة لعقد المياه 2023” على هامش أسبوع القاهرة الرابع للمياه والمقرر عقده خلال الفترة من 24 إلى 28 أكتوبر القادم.
وقال وزير الري – في كلمته – إن مصر تعد من أعلى دول العالم جفافا، وتعاني من الشح المائي، حيث تقدر موارد مصر المائية بحوالي 60 مليار متر مكعب سنويا من المياه معظمها يأتي من مياه نهر النيل، بالإضافة لكميات محدودة للغاية من مياه الأمطار التي تقدر بحوالي مليار متر مكعب، والمياه الجوفية العميقة غير المتجددة بالصحاري، وفي المقابل يصل إجمالي الاحتياجات المائية في مصر لحوالي 114 مليار متر مكعب سنويا من المياه، ويتم تعويض هذه الفجوة من خلال إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي والمياه الجوفية السطحية بالوادي والدلتا بعد معالجتها، بالإضافة لاستيراد منتجات غذائية من الخارج تقابل 34 مليار متر مكعب سنويا من المياه.
وأضاف أن مصر ودول العالم تشهد تغيرات مناخية متزايدة.. مشيرا إلى ما ينتج عن هذه التغيرات المناخية من تهديدات للتنمية المستدامة وتهديد لحق الإنسان في الحصول على المياه، حيث تعد مصر من أكثر دول العالم تأثرا بالتغيرات المناخية، نتيجة ارتفاع منسوب سطح البحر والتأثير غير المتوقع للتغيرات المناخية على منابع نهر النيل والعديد من الظواهر المناخية المتطرفة مثل موجات الحرارة والبرودة والسيول، وهو ما يمس العديد من الجوانب الإقتصادية والإجتماعية والبيئية.
وأشار إلى تأثير التغيرات المناخية أيضا على مجالات الموارد المائية والزراعة والأمن الغذائي والطاقة والصحة والمناطق الساحلية والبحيرات الشمالية، فضلا عن المخاطر التي تواجهها أراضي الدلتا الأكثر خصوبة نتيجة الإرتفاع المتوقع لمنسوب سطح البحر، وتداخل المياه المالحة والذي يؤثر على جودة المياه الجوفية، الأمر الذى سيؤدي لنزوح الملايين من المصريين المقيمين بشمال الدلتا.
كما استعرض وزير الري في كلمته تطورات قضية مياه النيل والموقف الراهن إزاء المفاوضات الخاصة بسد النهضة الإثيوبي.. مؤكدا حرص مصر على استكمال المفاوضات للتوصل لاتفاق قانوني عادل وملزم للجميع يلبي طموحات جميع الدول في التنمية، مع التأكيد على ثوابت مصر في حفظ حقوقها المائية وتحقيق المنفعة للجميع في أي اتفاق حول سد النهضة، مع أهمية أن تتسم المفاوضات بالفعالية والجدية لتعظيم فرص نجاحها، خاصة مع وصول المفاوضات إلى مرحلة من الجمود نتيجة للتعنت الإثيوبي.
وأشار إلى ما أبدته مصر من مرونة في التفاوض قوبلت بتعنت كبير من الجانب الإثيوبي لمنع الالتزام بما تم الاتفاق عليه، مؤكدا في الوقت ذاته على أن مصر لن تقبل بالفعل الأحادي لملء وتشغيل السد الإثيوبي.
وقال الدكتور عبدالعاطي إن مصر ليست ضد التنمية في دول حوض النيل والدول الأفريقية، بل على العكس، فإن مصر تدعم التنمية بالدول الأفريقية بكل السبل الممكنة.. مشيرا إلى أن مصر منفتحة على التعاون مع جميع الدول الأفريقية وخاصة دول حوض النيل، بشرط مراعاة شواغل دول المصب ، وقد سبق لمصر بالفعل مساعدة دول منابع حوض النيل في بناء السدود في إطار تعاوني توافقي.
وأضاف أن مصر لم تعترض علي أي سد في إثيوبيا وتدعم التنمية بها، ولكنها تريد تحقيق التعاون باتفاق قانوني عادل وملزم لملء وتشغيل السد الإثيوبي، بما يحقق المصلحة للجميع وهو ما ترفضه إثيوبيا وتعمل على فرض الأمر الواقع واتخاذ إجراءات أحادية بدون الرجوع لدولتي المصب.
وأوضح أن أي نقص في الموارد المائية سوف يتسبب في أضرار جسيمة، حيث إن نقص مليار متر مكعب واحد من المياه سيتسبب في فقدان 200 ألف أسرة لمصدر رزقهم الرئيسي في الزراعة، وهو ما يعني تضرر مليون مواطن من أفراد هذه الأسر، كما أن قطاع الزراعة في مصر يعمل به 40 مليون نسمة على الأقل، وبالتالي فإن أي نقص في الموارد المائية ستكون له انعكاسات سلبية ضخمة على نسبة كبيرة من سكان مصر، حيث سيؤدي فقدان فرص العمل لحالة من عدم الاستقرار المجتمعي، التي ستؤدي لموجة كبيرة من الهجرة غير الشرعية للدول الأوروبية وغيرها.
وأوضح أن هذه التحديات تستلزم بذل مجهودات مضنية لمواجهتها، حيث قامت مصر بإعداد استراتيجية للموارد المائية حتى عام 2050 بتكلفة تصل إلى 50 مليار دولار، وقد تصل إلى 100 مليار دولار، ووضع خطة قومية للموارد المائية حتى عام 2037 تعتمد على أربعة محاور تتضمن ترشيد استخدام المياه وتحسين نوعية المياه وتوفير مصادر مائية إضافية وتهيئة المناخ للإدارة المثلى للمياه.
وأشار إلى أنه تم خلال السنوات الخمس الماضية اتخاذ العديد من الإجراءات لزيادة الجاهزية للتعامل مع التحديات المائية ومواجهة أي طارئ تتعرض له المنظومة المائية من خلال تنفيذ العديد من المشروعات الكبرى مثل المشروع القومي لتأهيل الترع والذي يعد من أكبر المشروعات على مستوى العالم في هذا المجال، والذي يهدف لتحسين عملية إدارة وتوزيع المياه، وتوصيل المياه لنهايات الترع المتعبة، كما يتم العمل في المشروع القومي للتحول من الري بالغمر لنظم الري الحديث من خلال تشجيع المزارعين على هذا التحول، والتوسع في استخدام تطبيقات الري الذكي، لما تمثله هذه النظم من أهمية واضحة في ترشيد استهلاك المياه، بالإضافة للمشروعات الكبري التي تستهدف التوسع في إعادة إستخدام مياه الصرف الزراعي، كما تنفيذ العديد من المشروعات الكبرى في مجال الحماية من أخطار التغيرات المناخية، مثل مشروعات الحماية من أخطار السيول ومشروعات حماية الشواطئ.
جاء ذلك خلال مشاركة الدكتور محمد عبدالعاطي في المؤتمر الوزاري رفيع المستوى بعنوان “مشاورات من أجل الوصول إلى نتائج”، والذي عقد عبر تقنية الفيديو كونفرانس، وتنظمه الحكومة الألمانية ممثلة في وزارة البيئة، والذي يعد من أهم المحطات التحضيرية لمؤتمر الأمم المتحدة لمراجعة نصف العقد الخاص بالمياه والمقرر تنظيمه في عام 2023.