حكاية زواج جيهان السادات: أبهرتني شجاعته وشعرت بأنه بطلا من أبطال الروايات
وفيما يلي نعيد نشر مقتطفات من حوار أجرته صحيفة واشنطن بوست الأمريكية مع السيدة “جيهان السادات” في الحادي عشر من شهر يونيو لعام 1987م، أي بعد ست سنوات من اغتيال زوجها، الرئيس الراحل محمد أنور السادات.
تذكرت “جيهان” في بداية الحوار أجمل اللحظات من قصة حبها لزوجها “أنور”، فبسؤال الصحفي الأمريكي “بول هنردكسون” لها قائلا، لقد كان زوجك مسجونا، ويكبرك بستة عشر عاما، ماذا رأيت فيه؟ فأجابت، “الحب يصنع المعجزات، لقد كان أنور سجينا سياسيا، سمعت أنه صرخ في وجه القاضي خلال محاكمته، فأبهرني مدى شجاعته، وشعرت بأنه بطلا من أبطال الروايات.
وأضافت، “قابلته لأول مرة في منزل ابن عمي في السويس، في التاسع والعشرين من سبتمبر لعام 1948م، وأحببنا بعضنا البعض، وتمت خطبتنا، وكان يأت لرؤيتي في منزلنا كل يوم، وأتذكر أنه عندما رأت صديقاتي صورته، قالوا لي أنه ليس جميلا، ستتزوجينه لأنه بالتأكيد ثري، فقلت لهم إنه ليس ثريا، فقالوا ربما لديه نفوذ، يترأس منصب ما، فقلت لهم لا أيضا، فصرخن في وجهي، ثم قلت لهم سأتزوجه لأنه لديه قيم ومباديء، أشعر بأنه سيصبح شيئا كبيرا في المستقبل”.
تذكرت السيدة “جيهان” خلال الحوار لحظة اغتيال زوجها، موضحة إلى أنها كانت تجلس على بعد 25 ياردة منه، ولم تسمع وقتها سوى أصوات تقول “إنزل، إنزل”، في إشارة للجميع بأن ينبطحوا على الأرض حتى لا تصيبهم طلقات الرصاص، كانت ترى فقط كراسي يتم إلقاؤها أمام الرصاص، وفوق الأجساد، حيث كانت الوسيلة الوحيدة للحماية.
وأكملت، “نقلوني بعد لحظات قليلة إلى مستشفى المعادي العسكري على متن طائرة خاصة، وكنت لا أعلم ماذا حدث لزوجي، كنت أدعو الله تعالى طوال الطريق أن يكون بخير، صليت وتوسلت إلى الله في المشفى، وأنا أنتظر أن يطمئني أي شخص عن حالته، حتى جاء صحفي كبير من المقربين وقبل أن يبلغني الخبر، قلت له لا، لا تقل أي شيء، ثم نظرت إلى غرفة الجراحة، فوجدت “أنور” نائم، تم قطع ذراع بذلته العسكرية فقط، والدم متجلط فوق بقية البذلة، ولم أشعر بنفسي إلا وأنا أقبل وجهه ويديه، ودموعي تنهمر فوقه”.
تروي السيدة “جيهان”، أن أحفادها تعرضوا لصدمة قوية بعد حادث الاغتيال، فظلوا يعيشون في خوف ورعب لمدة أسابيع عديدة، ولم يستطيعوا خلال هذه الفترة النوم خلال الليل، كما أنهم كانوا يصرخون طوال النهار قائلين، الرصاص قادم، ثم يسقطون في الأرض ويبكون.
تحدثت “جيهان” عن حفيدها “شريف” الذي كان يحضر احتفالية نصر أكتوبر مع جده وشاهد لحظة الاغتيال أمامه، قائلة أن “شريف” كان يبلغ من العمر في ذلك الوقت أربعة سنوات فقط، ونظر إليه جده قبل اغتياله وابتسم له ابتسامة عريضة، وبعد الحادث، توقف “شريف” عن تناول الطعام، وكان يذهب إلى المدرسة ويرفض الرسم أو المشاركة في أي شيء، حتى قمنا بنقله إلى مدرسة أخرى، وهو بخير الآن.
يصف الصحفي “هندركسون” غرفة معيشة السيدة “جيهان” مشيرا إلى أنها تحتفظ في الغرفة بأتعس صورة على الإطلاق، الصورة التي التقطت للرئيس الراحل “محمد أنور السادات”، في 5 أكتوبر عام 1981م، قبل اغتياله بـ24 ساعة فقط، حيث كان يجلس في حديقة القصر الرئاسي، ليراجع خطابه الذي سيلقيه في اليوم التالي، خلال احتفالات نصر حرب أكتوبر، وكان ينظر إلى حفيدته الصغيرة ياسمين.
ويكمل، كانت تلتقط “جيهان” صورة زوجها الراحل بين كل لحظة وأخرى، تنظر إليها وكأنها تدرسها، ثم تضعها مكانها مرة أخرى، وهي تعتقد أنها لن تتزوج رجلا آخر بعد وفاة زوجها الحبيب.