عباس حلمى باشا.. حفيد محمد على المقتول فى قصره بـ بنها عباس حلمى الأول
تمر، تيوم ذكر مقتل عباس حلمى الأول، الذى قتل فى قصره ببنها فى يوم 13 يوليو من سنة 1854، ونحن للأسف لا نعرف عنه الكثير، فمن هو عباس باشا الذى يحيط به الغموض.
يقول كتاب “صفوة العصر فى تاريخ ورسوم مشاهير رجال مصر” لـ زكى فهمى:، هو عباس باشا بن طوسن بن محمد على باشا، ولد عام ١٢٢٨ﻫ أو ١٨١٣ وربى أحسن تربية، وكان محبًّا لركوب الخيل فرافق عمه إبراهيم باشا فى حملته إلى الديار الشامية، وشهد أكثر الوقائع الحربية، وفى سنة ١٢٦٥ﻫ تولى زمام الأحكام على الديار المصرية بعد وفاة عمه إبراهيم، وكان على جانب من العلم والمعرفة، لأن المرحوم جده كان يحبه كثيرًا، فاعتنى بتعليمه فى مدرسة الخانكا.
ومن مشروعاته المهمة الشروع فى إنشاء الخط الحديدى بين مصر وإسكندرية، وتأسيس المدارس الحربية فى العباسية، ومد الخطوط التلغرافية لتسهيل سبيل التجارة وغير ذلك.
وكان له ولد يدعى الأمير إبراهيم إلهامى على جانب عظيم من الجمال والذكاء واللطف والمعرفة والعلم، زار الأستانة سنة 1270ﻫ، وتشرف بمقابلة جلالة السلطان عبد المجيد، فأحبه وزوجه من ابنته وغمره بنعمه فرجع إلى مصر شاكرًا حامدًا، والمرحوم إلهامى باشا هو والد ذات العفاف والعصمة حرم المغفور له توفيق باشا الخديوى السابق، ووالدة الخديوى عباس حلمى الثاني.
وعباس باشا الأول هو الذى وضع الحجر الأول لمسجد السيدة زينب بيده، وقد كان لذلك احتفال عظيم حضره كثير من الأعيان ورجال الدولة، وذبحت فيه الذبائح، وفرقت الصدقات الكثيرة على الفقراء والمساكين.
وفى أيامه كانت بين الدولة العلية والروسيين حروب، فبعث حملة كبيرة لنجدة الدولة سارت عن طريق بولاق فى البحر وسار هو بنفسه لوداعها هناك، وقبل ركوبها النيل نهض لوداعها فألقى فى الجنود خطابًا بليغًا منشطًا.
وتوفى عباس باشا الأول فى شوال سنة 1270 أو يوليو 1854م فى قصره فى مدينة بنها العسل، ثم نقل ودفن فى مدفن العائلة الخديوية فى القاهرة.
وبحسب كتاب “البحث فى الأوراق القديمة” للكاتب مصطفى نصر، فإن مقتل عباس يحوى روايتان، إحداهما ذكرها “إسماعيل باشا سرهنك” فى كتابه “حقائق الأخبار عن دول البحار الجزء الثانى” وتقول إن عباس كانت له حاشية من المماليك يقربهم إليه ويصطفيهم، ويتخذ منهم خواص خدمه، ولهم عنده من المنزلة ما جعله يغدق عليهم الرتب العسكرية العالية، على غير كفاءة يستحقونها، وكان لهم كبير من غلمانه، يسمى خليل درويش بك، وقد أساء معاملة أولئك المماليك، فاستطاعوا عليه بالغمز واللمز، خاصة لأنه صغير السن، فسخط عليهم وشكاهم إلى مولاه، فأمر بجلدهم، فجلدوا وجردوا من ثيابهم العسكرية، وألبسهم الخشن، وأرسلهم إلى الإسطبلات لخدمة الخيل، لكن مصطفى باشا أمين خزانة الوالى، أشفق عليهم، فطلب العفو عنهم، فاستجاب عباس وعفا عنهم، وردهم إلى مناصبهم، فجاءوا إلى بنها ليرفعوا واجب الشكر للوالى، ولكنهم أضمروا الفتك به انتقاما لما أوقع بهم، فائتمروا عليه مع غلامين من خدمة السراوى يدعى أحدهما عمر وصفى، والآخر شاكر حسين، واتفق الجميع على قتله، حيث كان من عادة عباس عند نومه أن يقوم على حراسته غلامان من مماليكه، وفى هذه الليلة كان الغلامان المذكوران يتوليان حراسته، فجاء المؤتمرون وهو نائم، فقتلوه ثم أوعزوا إلى الغلامين بالهرب فهربا.
أما الرواية الثانية عن مقتل عباس الأول ترويها مدام أولمب إدوار فى كتابها “كشف الستار عن أسرار مصر” وخلاصتها: إن الأميرة نازلى هانم عمة عباس كانت فى الأستانة وأرسلت مملوكين من أتباعها لقتله، واتفقت وإياهما على أن يعرضا أنفسهما فى سوق الرقيق بالقاهرة كى يشتريهما عباس ويدخلهما فى خدمته، وكان المملوكان على جانب كبير من الجمال، مما يرغب وكيل الوالى فى شرائهما، فقد كانت الأوامر أن يختار الوكيل أشد الغلمان جمالا.
فجاء الغلامان إلى القاهرة ونزلا سوق الرقيق ورآهما مندوب الوالى، فراقه جمالهما، فاشتراهما وأدخلهما سراى مولاه ببنها، فأعجب عباس بهما، وعهد إليهما بحراسته ليلا، فما أن استغرق فى النوم، حتى انقضا عليه وقتلاه، وهربا إلى القاهرة ثم منها إلى الأستانة، حيث تنتظرهما مكافأة سخية من نازلى هانم على تنفيذ المؤامرة.