حياة كريمة.. ريف مصري جديد – عدد جديد من تقديرات مصرية
أصدرت “تقديرات مصرية” -دورية نصف شهرية تصدر عن المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية (ECSS)- عددا جديدا بعنوان “حياة كريمة.. ريف مصري جديد”، يستعرض حجم وسرعة عملية التطوير بالريف المصري، وسعي الدولة إلى الربط بين جميع المحافظات ببنية أساسية حديثة، مع ترك مساحة لمبادرات المجتمع المدني، وعلى رأسها مبادرة “حياة كريمة”، التي تمثل خطوة مهمة لوجه جديد للريف والتنمية في مصر.
ويتكون العدد من 72 صفحة، ويحوي ملفا خاصا يضم موضوعات بعنوان “حياة كريمة.. عودة الفائض لتنمية الريف”، و”تطوير الريف.. عماد المشروع الوطني المصري”، واقتصاديات (حياة كريمة) بين التمويل والتنمية”، و”الفجوة بين الريف والحضر.. مؤشرات تنموية”.
وذكر العدد في افتتاحيته أن “حجر الزاوية في دورية (تقديرات مصرية) هو البحث في كل القضايا التي تتعرض لها داخل مصر وخارجها، وقياسها بالمدى الذي تحققت فيه الأهداف المصرية في الأمن والرخاء. وإذا كانت هناك من قيمة تجمعهما معًا فهي “الكرامة” للإنسان المصري في الحياة والموت. وأدوات ذلك باتت محددة في أمرين: التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وبناء الإنسان.
وتابعت: مسار التنمية المصرية الشامل بدأ جولته التاريخية بعد ثورة 30 يونيو 2013، وقام على مسارين: أولهما توليد الجديد والراقي والمتقدم من الثروة والأصول، ممثلة في مشروعات للطاقة والمواصات واختراق الإقليم المصري بمدن وشواطئ وبنية أساسية كافية للجمهور المصري خال فترات زمنية قصيرة. وثانيها معالجة القضايا المصرية المستعصية على الحل منذ سنوات وعقود طويلة، وباتت متعارضة ومتناقضة مع شكل ونوعية التنمية المصرية الحالية.
وأضافت: “وفي العقود السابقة، كانت هناك مبادرات للاهتمام بالريف المصري، ولكنها لم تكن بهذا الحجم وسرعة التنفيذ التي تستهدف الآن الآلاف من القرى المصرية لإلحاقها بعملية التطوير في مبادرة (حياة كريمة). والمتتبع لمسار التطور في مصر يجد، وبالمقارنة بالسنوات الماضية قبل الثورة، أن هناك فارقًا كبيرًا في معدل النمو، ودفعة كبيرة لتنمية أقاليم مصر كلها. فلم يعد هناك إقليم بالدولة لم يشهد التطور، كما أصبحت هناك نوعية جديدة من التنمية، فالوارد هنا هو مخطط تدريجي يستهدف الوصول إلى حياة أفضل للمواطن، بمنازل صحية، وصرف صحي، ومرافق متكافئة ومتطورة. ومصدر الإلهام هنا قائم على مبدأ استنّته التجربة المصرية المعاصرة بعد ثورة يونيو، وهو أن التنمية تعني إدارة للثروة وليس إدارة الفقر، سواء كان ذلك في الريف أو في الحضر”.
واستطردت: “وانطلاقًا من رؤية مصر 2030، أطلق الرئيس عبدالفتاح السيسي، في يناير عام 2019، مبادرة (حياة كريمة) لتحسين مستوى الحياة للفئات المجتمعية الأكثر احتياجًا على مستوى الدولة، كما تُسهم في الارتقاء بمستوى الخدمات اليومية المقدمة للمواطنين الأكثر احتياجًا، وبخاصة في القرى. وتستهدف المرحلة الأولى من المبادرة القرى ذات نسب الفقر من 70% فأكثر، وهي القرى الأكثر احتياجًا التي تحتاج إلى تدخات عاجلة. أما المرحلة الثانية من المبادرة فتستهدف القرى ذات نسب الفقر من 50% إلى 70%، وهي القرى الفقيرة التي تحتاج إلى تدخل ولكنها أقل صعوبة من المجموعة الأولى. بينما تستهدف المرحلة الثالثة من المبادرة القرى ذات نسب الفقر أقل من 50%”.
• ريف مصري جديد
وأشارت إلى أن “مبادرة (حياة كريمة) تعد خطوة هامة لوجه جديد للريف والتنمية في مصر، والدولة في سباق مع الزمن لتلاحق كل المتطلبات لحياة أفضل، ورفع المستوى المعيشي للمواطن. وتسعى الدولة المصرية لـ(تربيط) كل المحافظات ببنية أساسية كبيرة. وإصلاح الريف المصري الذي به أكثر من نصف السكان هو ما يجعل هناك إصلاحًا كبيرًا للإنسان المصري، والاهتمام بكافة المجالات وعلى رأسها: الصحة، والتعليم، واستصلاح الأراضي. وتهدف في الأساس إلى البحث في الأسباب التي تدفع المواطنين إلى ترك الريف، ومحاولة التعامل مع هذه الأسباب بتلك القرى لمنع الهجرة منها من خال توفير الشروط اللازمة لحياة كريمة”.
وأكملت: “وعملت الدولة خلال الفترة الأخيرة على رفع مستويات المعيشة، وزيادة الدخل الخاص بالمواطن، وتبني مخطط للعمران، والسعي لإنشاء مدن بطموح جديد. ويُعد اتخاذ قرار بتطوير 1500 قرية من أصل 4800 قرية خلال 3 سنوات، والمتوقع أن يتم استكمال الباقي في أقل من
هذه المدة؛ معبرًا عن حرص القيادة السياسية في الوقت الحالي على أن يشعر المواطن بأنه في وطن يليق به، يعطي الكرامة والعزة”.
وتابعت: “مبادرة (حياة كريمة) هي -أولًا وآخرًا- استكمال جوهري لخريطة التقدم في مصر. وليس خافيًا على أحد أن العصور التنموية السابقة كانت خططها في الواقع تؤدي إلى تنمية الحضر على حساب الريف، والمدن على حساب القرى، من خال سياسات التسعير للمحاصيل الزراعية. وكانت النتيجة هي تكوين فروقات هائلة بين المدن والحضر من ناحية، وقرى مصر وريفها من ناحية أخرى. وكانت المُحصّلة هي الكثير من الحرمان للأخير، ودفع المواطنين إلى الهجرة إلى المدن، وتكوين حزام للفقر فيها. وإذا لم يتيسر ذلك كان خلق (العشوائيات) ذاتها على الأرض الزراعية ذاتها طالما أن العائد من الأرض لم يعد لا كريمًا ولا كافيًا”.
وأضافت: “معالجة ذلك تقوم على تطوير الريف المصري كمًّا ونوعًّا، وتطوير سبل الرزق وتفعيل وسائل الإنتاج وفي المقدمة منها الزراعة التي باتت على موعد مع ثورة زراعية جديدة في مصر. وكما هو معلوم فإن أول ثورات الإنتاج في التاريخ البشري كانت في الزراعة، وكانت مصر واقعة في طليعتها، مما أدى ليس فقط إلى بنائها تاريخًا مزدهرًا، وإنما أكثر من ذلك بقيادة العالم على هذا الطريق”.
وتابعت: “ولّدت الزراعة المصرية في التاريخ القديم سبلً لمنح الإنسان الكثير من السعرات الحرارية بزراعة البطاطس، وما هو أكثر بزيادة البروتين من خال تدجين الطيور والتعايش معها. وخال الفترة الأخيرة وما صاحبها من وباء كورونا فإن الزراعة المصرية لم تقدم الغذاء للشعب المصري فحسب؛ ولكنها ساهمت في زيادة الصادرات المصرية خال هذه الفترة الصعبة”.
• بناء المشروع الوطني
وذكرت أن “مبادرة (حياة كريمة) تُعيد للريف المصري والزراعة المصرية القدرة على المساهمة في البناء المصري الحديث من خلال مشروع وطني يمد التقدم على مصراعيه للأغلبية من المصريين حينما يعطيهم الفرص العظيمة لعيش كريم، وصحة عفية، وثقافة وتعليم يؤهل للعمل
والكسب من خال تقدم الزراعة ذاتها وتصنيعها”.
ولفتت إلى أن “منبع ذلك كله هو استعادة الكرامة للإنسان المصري على أرض وطنه، في تكامل كبير يقوم على امتداد ليس فقط العمران وإنما الزراعة المصرية من خلال مشروعات كبرى في سيناء والدلتا الجديدة والوادي الجديد. النبع الصافي لذلك هو مشروع التقدم الكبير الذي لا يترك
مواطنًا بعيدًا عن المساهمة في المشروع الوطني، ولا يترك مواطنًا دون التمتع بنتائج هذا المشروع”.
• بدء فعاليات المؤتمر الأول لمشروع حياة كريمة برعاية الرئيس السيسي
ومن المقرر أن تبدأ، اليوم الخميس، فعاليات المؤتمر الأول للمشروع القومي (حياة كريمة) لتنمية قرى الريف المصري، تحت رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسي، وبحضور رئيس الوزراء الدكتور مصطفي مدبولي، وعدد من الوزراء، وآلاف المواطنين الذين يمثلون كل طوائف الشعب المصري، وعدد من الشخصيات العامة والإعلاميين ورجال الأعمال وممثلي المؤسسات المصرية والإقليمية والدولية، وذلك في ستاد القاهرة الدولي.
وذكرت مؤسسة (حياة كريمة)- في بيان اليوم- أن أجندة المؤتمر تشهد عددا من المشاركات الهامة لإبراز قصة كفاح ونجاح (حياة كريمة)، وبداياتها وما حققته حتى الآن بمختلف محافظات الجمهورية، علاوة على العديد من الفقرات الفنية والإنسانية المتنوعة.
وكان الرئيس عبدالفتاح السيسي قد أطلق مبادرة (حياة كريمة) في 2 يناير 2019 لتنمية الريف المصري، ثم تحولت لمشروع قومي في مُقتبل عام 2021؛ لتحسين مستوى المعيشة وجودة الحياة للفئات الأكثر احتياجًا في التجمعات الريفية على مستوى الجمهورية، لتسهم في الارتقاء بمستوى الخدمات اليومية المقدمة للمواطنين.
وتسعى (حياة كريمة) لتوحيد الجهود بين كل مؤسسات الدولة بالتعاون مع المجتمع المدني وشركات القطاع الخاص وشركاء التنمية في مصر وخارجها بملف التنمية المستدامة، كما تهدف للقضاء على الفقر متعدد الأبعاد، وذلك للتخفيف عن كاهل المواطنين، وخاصة الأسر الأكثر احتياجًا في القرى والمراكز المستهدفة، والبالغ عددها 4 آلاف و658 قرية باستثمارات تُقدر بـ700 مليار جنيه.
وتسهم في تحسين حياة أكثر من نصف سكان مصر، من خلال وضع خارطة طريق تنموية متكاملة تتناغم أهدافها ومحاورها مع أهداف التنمية المستدامة لمنظمة الأمم المتحدة، وذلك بتوفير حزمة متكاملة من الخدمات تشمل سكن كريم، وصحة، وتعليم، وثقافة، وبنية تحتية، وبيئة نظيفة، ومجتمعات منتجة؛ لضمان استدامة التنمية بالقرى والمراكز المستهدفة.
وتتلخص أهداف المبادرة في الارتقاء بالمستوى الاقتصادي والاجتماعي والبيئي للأسر الأكثر احتياجا بالقرى الفقيرة، وتمكينها من الحصول على كل الخدمات الأساسية، وتوفير فرص عمل وتعظيم قدراتها الإنتاجية، بما يسهم في تحقيق حياة كريمة لهم، وتنظيم صفوف المجتمع المدني وتعزيز التعاون بينه وبين كل مؤسسات الدولة، والتركيز على بناء الإنسان والاستثمار في البشر، وكذلك تشجيع مشاركة المجتمعات المحلية في بناء الإنسان وإعلاء قيمة الوطن.
ويتكون العدد من 72 صفحة، ويحوي ملفا خاصا يضم موضوعات بعنوان “حياة كريمة.. عودة الفائض لتنمية الريف”، و”تطوير الريف.. عماد المشروع الوطني المصري”، واقتصاديات (حياة كريمة) بين التمويل والتنمية”، و”الفجوة بين الريف والحضر.. مؤشرات تنموية”.