في ذكرى ثورة يوليو.. لماذا شعر جمال عبد الناصر بأن حرب فلسطين مسرحية؟
وفيما يلي نعرض فقرة يتحدث خلالها الرئيس الراحل عن شعوره بأن حرب فلسطين كانت أشبه بالرواية المسرحية، خاصة خلال فترة الهدنة.
يقول عبد الناصر في بداية شرحه لشعوره قبل انتهاء الهدنة مباشرة، “قاربت الهدنة أن تنتهي، وكان لا بد لجو التراخي على خطوطنا أن يشعر بالخجل ووخز الضمير، وبدأت محاولات لتدريب الجنود، ووصلتنا أحاديث عن نجدات ستصل إلينا تتقدمها قوات مدرعة، وانعقدت في قيادتنا مؤتمرات لبحث الموقف عندما تنتهي الهدنة”.
ويضيف الرئيس الراحل “تلقت كتيبتي في صباح يوم 28 يونيو، أمرا إنذاريا، بالاستعداد للهجوم في يوم لم يحدد بعد، على هدف لم يحدد أيضا، ووقتها شعرت بأن هناك شيئا غريبا، فكان من المفروض أن يكون هذا كله جيدا، ولكن شيء ما، نبرة خفية في صوت الحوادث كانت تحمل إليه الشك، حيث كان الموقف أشبه بالجد، ولكن وهذا هو الغريب بالنسبة لي، أنه لم يكن جدا، فقد كان الشعور بأن الهدنة دائمة، وبأن القتال لن يستأنف مرة أخرى، وبأن الحرب كلها مناورة سياسية، لا يزال يملأ الخنادق”.
حضر عبد الناصر في تلك الفترة مؤتمرا في رئاسة اللواء، ويتذكر أنه كان هناك شعورا غريبا يملأ خواطره في هذه اللحظات، خاصة عندما جلس إلى مائدة الاجتماع في رئاسة اللواء، فكان اليقين الكامل ينقص، عندما رأى ما يرسم من خطط، وخيّل إليه إنه يرى مسرحا أمامه.
ويروي “خيّل إلي أنني أمام مسرحا يحاول كل واحد من الواقفين فيه أن يتقن دوره، ويبالغ في رسم معالمه، ولكن كل واحد منهم يدرك أنه مجرد دور، ثم ينتهي ويعود إلى شخصيته الأصلية، وكان هذا يتناقض مع روح القتال كما كنت أتصورها، فإن مواجهة المعركة والتدبير لها ليسا مجرد دور يجيده ممثله أو لا يجيده، إنه حياة وهو في كثير من الأحيان أيضا موت، ولكن اليقين كان ضائعا، ومن هنا اختفت روح القتال الحقيقية”.