
اكتوبر.. وأنا
بقلم الكاتب والمخرج المسرحي مجدى الشريف
لم تكن حرب اكتوبر حرباَ عسكرية بمفهومها الشمولي بقدر ما كانت مشروع قومي لبناء جيل جديد يقود الامة الى عصر النصر والبناء وردع المعتدى وعودة الارض .. عشنا طفولتنا نبحث عن الوطن المسلوب منا في صورة ِاِحتلال الأرض بعد حرب 67 .. هُجرنا أطفال وبداخلنا روح الوطنية والفداء.. نعشق القائد الزعيم جمال عبد الناصر.. لنا دور.. نساعد في تجهيز ودهان الحوائط ليكتب خطاطينا أقوى عبارات الصمود والتحدي للغزو والاحتلال .. يعلن الجميع وقوفه خلف وأمام القائد حتى تسترد الكرامة التي فقدناها في يونيو 67 – لن تجد حائط جدراني الا وقد زين بأقوى العبارات باسم زعيم الامة الرئيس جمال عبد الناصر .. والذى كنا نحمل كلماته وصوره في عقولنا وقلوبنا .. وفجأة يرحل البطل .. ونخرج في مسيرات جمعاَ ننعى فقدان الزعيم وينتابنا جميعاَ خوفاَ وهلعاَ من المجهول خاصة وأنها أوقات عصيبة وحروب مخيفة تسمى حرب الاستنزاف .. كل بيت في مصر له أبن على الجبهة يتمنى أن يطمئن عليه .. ويأتي أكتوبر 73 يفجر طاقات الشعب من جديد .. ويولد الحلم مع القلق ويقود الرئيس الراحل محمد أنور السادات معركة الكرامة واليقظة .. مازلنا في طفولتنا ولكن عقولنا أكبر .. نسمع البيانات العسكرية ونتفاعل معها .. وننفذ ما يطلب منا من إجراءات سلامه في وقت الحرب والغارات .. شهدت تلك الفترة ما أطلق عليه تشبيهاَ بالمشروع القومى الذى يبذل فيه كل فرد من المجتمع جهده للحفاظ على وطنه .. لا صغيراَ ولا كبيراَ الا وله دوراَ مشارك به.. مجموعة سننا هم مسئولي متابعة تنفيذ إجراءات الغارات .. من المرور الدائم في كل الاحياء والشوارع كلا في منطقته للتأكد من عدم وجود أنوار ظاهرة من داخل المباني تكون صيدا ثمينا لطائرات العدو .. بجانب قيامنا بطلاء جميع زجاج نوافذ المنزل باللون الازرق الذى يمنع نفاذ الضوء الى الخارج لبيوتنا وبيوت الجيران والاصدقاء.. بجانب التدريب على أعمال الاسعافات الاولية ..سيمفونية عمل منظم يقودها من هم في سن الشباب .. أذكر وقت الحرب لم تسجل أقسام الشرطة بلاغ واحداَ ضد السرقة أو أعمال البلطجة أو أي قضايا .. أذكر أننا كنا في شهر رمضان وما يتبعه من قدوم عيد الفطر المبارك ومن العادات المتوارثة أعداد الكعك والبسكويت وخلافه .. ولكن الوطن في حالة حرب .. وشهداء ومصابين في كل مكان وفى كل مستشفى وفى كل بيت .. فهل يتم الاحتفال .. بالطبع لا والف لا .. أغلقت المخابز المختصة أبوابها تضامنا مع الحالة التي يمر بها الوطن .. اختفت زيارات العيد هذا العام .. فكيف للزيارة أن تتم وفى كل بيت شهيد أو غائب لم يعود .. وصورة أخرى تكاد تكون في كل بيت .. نفاذ المدخر من بعض احتياجات البيت من السلع التموينية والاساسية .. فترى الجميع يتبارى في تقسيم ما لديه مع جيرانه .. أُجلت الافراح وحالات الزواج لحين الاطمئنان على ابناؤنا على الجبهة .. تلك هي صورة مبسطة لما لمسته وخرجت به من أيام حرب اكتوبر وأيام النصر .. لذلك عشنا بهذا الوازع الوطني طوال حياتنا وحتى الان نعشق تراب الوطن ونحافظ عليه ونحمل راية جيل أكتوبر فنحن هذا الجيل .. ويا ليت تعود روح أكتوبر المجيد وتطل علينا فنعمل بها في صيانة الوطن من كل الآفات التي علقت به .. مشروعنا القومي مازال في حاجة الى الجهد في تصويب الأخلاق التي علقت بها شوائب لا حصر لها .. نحتاج روح أكتوبر لشعبنا للمساعدة في البناء والتعمير في كل بقعة من بقاع الوطن .. نندمج بحب ووطنيه وشجاعة لتحقيق أعلى معدلات العمل والانجاز .. مصر استعادت روح أكتوبر مرة أخرى بقيادة واعية بعد احداث 2011 وما بعدها .. وأصبحت مصر تحارب حرب أخرى بقيادة رئيس يعمل لتكون مصر قد الدنيا فواجبنا أن يمتد هذا المشروع الى كل فرد فينا من أجل تحقيق ذلك الحلم من حياة كريمة وبلد عظيم يقود العالم الى السلام والعيش الكريم . ونتذكر تلك الانتصارات لتكون مصرنا أم الدنيا وتظل قد الدنيا كما قالها باني مصر الحديثة الزعيم القائد عبد الفتاح السيسي . كل التحية الى أبطالنا أبناء مصر من قواتنا المسلحة وشرطتنا الباسلة وعاشت مصر بقادتها وشعبها .. لتحَيا دوما.